نصوص أدبية

تسرق الريح أغانيها / سنية عبد عون رشو

في المعبد تتوهج أحلام العاشقين

في المعبد تتناثر خطايانا

يؤسفني أن أجدك عاقا لأحلام حبيبتك ....لم يكن ثمة ابتكار جديد لديك الشمس وحدها تسأل عن  الشجيرات العارية  وموت الأماني  .....الشمس وحدها  واجمة حين تسمع ... أغانيها  الحزينة

في عينيها الواسعتين يقرأ قصائدها  ....ويعرف أن الرقيب يبعث في نفسها الرعب الذي خلفته الحروب ....غادة سمراء  تحب الحياة وتؤمن بها .....تباغتها أفكارها وتتزاحم داخل رأسها فتختلط بين ضجيج العابرين ودوي الانفجار ....تمضي ساعاتها في كتابة الشعر ....تتفرس وجهه طويلا ...ثم تبتسم ابتسامة شاحبة باهتة ....فهي تشك بصدقه ووفائه ........ تشيح بوجهها عنه وتغيب في زحام ضباب الفجر  الكثيف

بينما راح هو يحرق سجائره بلهفة وجنون فتتصاعد حروفه محترقة بين   دخان سجائره الذي ملأ المكان ...روحه تحترق هي الأخرى

نقرات مسموعة على زجاج نافذته ....لم يعرها اهتمامه بل راح يتابع  قراءة صحيفته اليومية .... ارتفع صوت النقر مجددا .... انتبه خائفا مذعورا ليجد أمامه وخلف زجاج النافذة   نصف جسد إنسان .....بعين  واحدة وساق نحيلة واحدة وذراع واحد ويد  ممتدة نحوه واحدة أيضا

أرعبه ذاك الكائن الغريب فشعر بقشعريرة تسري في بدنه وقد شل   البرد أطرافه فتوقفت عن الحركة ....أغلق عينيه وتخيل لو انه صوب نظرة واحدة تجاهه فسوف يقع بحيرة وذهول أبديين .....أو ربما انه سيغيب عن وعيه تماما ......لكن إحساسا غريبا يدفعه ويشده نحوه .....حاول ان يطلق صرخة مدوية ربما تبعده عنه ....لكن آلامه بدأت تكبر وتتضاعف.....فلم يفلح ان يتفوه بحرف واحد .....شدته أفكاره انه ربما استسلم  لإغفاءة القيلولة في ظهيرة صيف شديد القيظ وهذه  من بعض  رؤياه....لكنه أصيب بإحساس بالغ بخيبة الأمل ....فقد عاد النقر مرة أخرى .......نقرات رتيبة متباطئة .....بحذر شديد خطا متثاقلا نحو النافذة فأزاح ستارها الأبيض   بيد مرتجفة  دون ان يشعر بحركة جسده ....فتح النافذة فتناهى إلى سمعه  ذات الصوت  الذي كان يسمعه بين الحين والحين .....حاول أن يقنع نفسه ان الصوت ...   لا يعنيه .....لكن الرجل المنشطر كرر عبارته  بصوت يشوبه الحزن والإرباك  ......يؤسفني أن أجدك عاقا لأحلام حبيبتك ..... يسدل الستار ثانية ليسدل ستارا من العتمة والخوف بين أضلاعه فتحبس قلبه الخافق مثل طير خسر حريته وحبس داخل قفص ذهبي  أنيق  .....يخفي وجهه  بيديه ثم يسقط أرضا ....تمر لحظات يفقد فيها وعيه تماما ...وبعد برهة يشعر بيده تتحرك وان ضوء الشمس قد اخترق نافذته .....لكنه .يشعر بالرجل المنشطر يقف بمحاذاة رأسه بقامته المديدة ....فيتراءى له بهيئة ذئب جائع يتهيأ للانقضاض عليه .... لحظاته عصيبة فقد التصقت حنجرته  وتقرنت  داخل فمه مثل كرة  مما جعله لا يقوى على استنشاق الهواء  .....فبسمل وحوقل وتعوذ من الشيطان عله يتخلص من هذا المخلوق المرعب ....تمنى بسره أن يعرف سبب انشطاره .....يا ترى كيف انشطر قلبه وكيف إنشطرت  مشاعره .....وبأي شطر تكمن حكمته ...؟؟ ولكن ما سر اهتمامه بالمرأة التي أحبها قلبي ....؟؟   لم يبق بينه وبين الموت سوى خطوة واحدة .....عليه أن يكسب ودها قبل كل شيء ..... فهي ما زالت تكتب قصائدها وتطلق أغانيها في الفضاء الواسع الرحب وما زالت تشك بصدقه ووفائه وقد بلغ تأثرها بهذيانه وبقصته  القاتمة حدا دفعها أن تفضي بسرها لقاضي محكمة عادل تطالب فيها بإعادة النظر في وضعه القانوني بحجة وجود اختلال في عقله .....

وبذلك حاولت قدر جهدها أن  تدفع عنه الأفكار البشعة وان توجه كفة ميزانه نحو حياة نقية غير ملوثة .....وما زالت نظراته صوب الرجل المنشطر بحذر شديد .......................

 

قصة قصيرة..

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2004 الثلاثاء 17 / 01 / 2012)

 

 

في نصوص اليوم