نصوص أدبية

من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (2) / أسماء محمد مصطفى

حتى قد تشعرين بمايفعله وهو بعيد عنك .. كيف رمشت عيناه كأن عينيك ترمشان؟ كيف يتأملك من وراء زجاج المسافات ؟ كيف يفكر بك كأنه يهمس بقربك؟

تتشابهان .. تختلفان .. تتكاملان .. وجودكما معاً يرسم مسار سعادات خرافية تغنيكما عن الحياة كلها .. ربما يكون نصيبك وتمضين العمر معه، وقد تفترقان باكراً، فيمسي العمر خاوياً إلاّ من ظلال ماض ٍ هو غدك أيضاً، لكن في كلا الحالتين يبقى هو توأم الروح الذي لابديل له، ذلك إنه لم يصبح توأمك إلإ بعد أن ولدتما من رحم حب ٍّساحر في صدقه، أسطوري في خلوده، حيث امتلكتما الإحساس نفسه بلازيادة او نقصان، حتى تعلقتما معاً برباطٍ روحي أبدي لانهائي .

***

 

الحب المؤقت ليس حباً حقيقياً حد الاسطرة، قد يكون إعجاباً او نزوة او شعوراً عابراً سطحياً او حباً لصفة معينة في الشخص الآخر، فينتهي بمجرد الإشباع من تلك الصفة، بينما الحب الحقيقي يبقى حياً في الأعماق حتى في أحلك الظروف والعواصف .

الحب الحقيقي يمكن أن يدفنه صاحبه في أعماقه ويحيا هناك بصمت، لكنه لايموت وإن تهيأ لنا أنه انتهى . 

***

 

الذي يمكنه مواصلة حياته بكل تفاصيلها من دوننا، لم يكن يحبنا حباً عظيماً، لذا فإنّ فقدانه وهو حي سيكشف لنا إن كان يستحق أن نفكر به أم لا .

إن من يحب بحق لايمكنه أن يحيا مع أناس بدلاء او حياة بديلة او حب بديل، لذا ففقدان مثل هذا الشخص هبة وليس خسارة .

ينبغي لنا أن لانبكي على من لايستحق . وإنما لنبكي على حبنا العظيم الذي كنا نكنه له وهو لايستحق من الحب سوى القليل الذي بمستوى تفكيره وعواطفه او لايستحق هذا القليل حتى .

***

 

العاشقة حتى النخاع لاترضى بجزء من حبيب، فماجدوى أن يكون معي لحظات بينما يحيا مع أخرى لحظات شبيهة بلحظاتي او مكملة لها ..

لايمكن للرجل نفسه أن يسعد من أعماقه إذا لم يكن كله لامرأة تعشقه عشقاً لايشبه عشق البشر، بحيث تطمئن فتغمره بأحاسيس لن يعرف لها مثيلاً . فأما أن نحب ونسعد بالحب كإننا في جنة لانهايات لها وأما ان نفترق ..

لايوجد في قواميس الحب بين امرأة ورجل حب مجزأ .. لاتوجد سعادة ناقصة .. فإن كان الحب ناقصاً او موزعاً، فلتكن الخسارة إذن، هي أفضل من ربح لامعنى له .

***

 

ثمة من يقضي حياته يصفح عن الآخرين، ويكظم وجعه في طريق المحبة لعلّ الوجع يثمر ورداً يفوح عطره ليعيد تشكيل العالم في صورة حقل أخضر يشع بهاءً وفرحاً، فينقي النفوس من شوائبها، ولكن ثمة من يذنب في حقك وتصفح عنه فيتمادى في الإساءة، كإنه يتصور أن الصفح ضعف، بل مايزيد من الألم أنه لايشعر بالذنب أصلاً تجاهك ولايتصور أنه أخطأ، وكثرة الصفح عنه تغذي لديه الأنانية، فلايشعر بذنبه ولا بألم من تأذى بسببه .. لذا يجب إيقافه عند حده .

من الأفضل أن يكون الإنسان يقظ الضمير في كل خطواته وتعاملاته مع الآخرين . ليس هناك أجمل من بث معاني المحبة والسلام والوفاق، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نعلم الآخر الكف عن الأذى حتى لو جاء الدرس قاسياً مناقضاً في ظاهره  لروح المحبة فينا، ذلك إن القسوة قد تكون وجهاً من وجوه المحبة .

***

 

رغبتنا بالقيام بعمل ما او خوض ميدان ما لاتكفي، ليس لننجح نجاحاً عادياً وإنما لاتكفي لنتميز عن سوانا . أحد أهم أسباب الإبداع أن نبحث عن مواطن مواهبنا ونركز عليها . وأحياناً نجرب هذا وذاك الى أن نكتشف مواهبنا الحقيقية .وباكتشافنا ذلك نكون قد بدأنا خطوتنا الأولى نحو أن نكون مبدعين وليس ناجحين فقط . ثمة فارق بين النجاح والإبداع .

***

 

إهداء الى رجل يتباهى بحبّ امرأتين له :

التباهي بأن ثمة امرأتين تحبانك .. دليل على أنك بارع في حب ذاتك الى درجة أنك لم تفكر بماقد ينتج عن حالة الحب الشائك :

إن أنت تزوجت من تحب بينهما، كان هناك واحد تعيس بينكم أنتم الثلاثة .. هي التي تحبك ولاتحبها ..

إن تزوجت بمن تحبك ولاتحبها .. كان هناك ثلاثة تعساء ..

إن أحببت كلاهما، فأنت السعيد، وهما التعيستان لأن لقلبك أكثرمن وجه وحالة، وبذلك أنت لاتفقه معنى الحب ..

إن كنت لاتحب أي واحدة منهما، فهما تعيستان بسبب عجزك عن الحب .. وستتعسان أكثر حين تحب ثالثة.

فلاتتباهى بحبهما، إذ قال الحكماء : " من يطارد عصفورين، يفقد كلاهما ".

وقالوا أيضاً :

" لاتأمن الباب الذي له مفاتيح كثيرة " ..

كذلك الرجل لايؤتمن إذا كانت لقلبه وحاجاته مفاتيح كثيرة، او بتعبير آخر مفاتيحه بيد أكثر من امرأة ..

***

 

لاتهتم بمن يفتقدك حين يكون لديه فراغ، وما أن يملأ الفراغ بسواك حتى يكف عن افتقادك .

لاتهتم بمن لايفتقدك إلاّ لحاجة يحاول التعويض عنها بمايجده في سواك .

***

 

قرأتُ : " معظم الأشياء حين تنكسر ..تصدر صوتاً مزعجاً يسمعه الجميع .. إلاَ القلب .. حين ينكسر يصدر أنيناً ... لا يشعر به إلا صاحبه " . 
وأقولُ : الجرح الأكبر ليس في أن الآخرين لايسمعون حتى أنين حطامك، وإنما حين لايسمعه أهم إنسان في حياتك، حيث لايشعر بك وبجروحك وبمدى حبك له، والشعور الأكثر مرارة الذي يكتسحك هو إدراكك أنه لايستحق حبك او لاترتقي عاطفته الى قوة عاطفتك، وتشعر بأنك مهما أحببته فإنَ قلبه لن يقتدي بقلبك، وسيبقى خائباً في الحب والعطاء، وناجحاً في تحطيم قلبك بلا أباليته.

***

 

أحيانا لاجدوى أن تكون رائعاً مع من ليس رائعاً معك . كل شعور جميل قد يذوي إذا لم يشترك به اثنان بالروعة نفسها .

***

 

قرأت : " حينما تقسو عليك الحياة .. احذر أن تصبح مثلها وتقسو على من حولك "!! وأقول أزاء ماقرأت : حينما تقسو عليك الحياة، قد تقسو على نفسك قبل أن تقسوَ على من حولك . او تقسو على نفسك كي تجنبهم ماتفعله بها .

***

 

قرأت : " لـلــبــيــع .. دمعة سقطت من عيني.. على شخص لا يستحقها ..".

وأقول تعليقاً على هذا القول :

ألايكفي أننا رخصنا الدمعة بهطولها من أجل مَن لايستحق ؟

لماذا نرخصها أكثر بعرضها للبيع .. من الأفضل إلقاء الشخص وراءنا، وإعادة الاعتبار الى الدمعة الغالية .

***

 

أحيانا لاتبدو الأمور كما تظهر لنا او كما نراها .. نحن عادة نحب أن نفكر فقط بالحلول الجاهزة .. او الأجوبة الأقرب الى أذهاننا لأنها أسهل وتغنينا عن التفكير .

***

 

إن أعماقنا في أثناء انتظارات العمر المتكررة تترجرج بين الحقيقة والسراب، وهي قد تشبه أرضاً قاحلة متشققة بانتظار الماء، او شجرة يابسة تأمل أن تورق وتثمر، كأنها في دوامة انتظاراتها تشبه لوحة تعبر عنها فرشاة الحزن الممزوج بالأمل .

***

 

تباً لك ِ ..

تتوعدني الأحزان والخيبات، إذ احاصرها بالمرح والمزاح، كإنني اتحايل عليها او أضحك منها، وكلما تصاعد وعيدُها لي تأكدَ لي أكثر أنني مازلت اواصل مسيرة انتصاري عليها .

***

 

عمري كله ليس الاّ مجموع لحظات عشقك . والزمن ليس الاّ مجموع أحايين الشوق الي ّ او اليك .

***

 

أخفيت حبي عنك، لأنني أردتك أن تحبني لذاتي، وليس لحبي لك، فثمة فارق بين أن تعشق امرأة، وبين أن تعشق حبها لك .

***

 

أنا أشكر خيبات الظن، لأنها تعيد تشكيل كلماتي بعد كل نوبة تحريض لانتحر بجرة قلم او نقرة على زر كيبورد، إذ بعد كل انتحار لي أولد من جديد على أمل أن تتكلل إحدى ولاداتي بحياة لاوجود فيها لمَن خذلنا ولاحتى ذكرى، كي أموت أخيراً موتاً طبيعياً.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2155 الأثنين 18/ 06 / 2012)

في نصوص اليوم