نصوص أدبية
تغريبة بني عِراق في أرض ألعراق
إليها، إلى أُمّي حيث ترقد ألأن بسلامٍ في (مقبرة ألغرباء) في (عين كاوه)، مدينة (الكلْدان) الكرام على شفا، مدينة أربيل (هوْليرَ) مدينة (الكرْد) ألأفاضل. رقدت بسلامٍ جِوارَ بِكْرِها أخي ألأكبرِ الذي رحل قبل عامين وَثُوِيَ في ذات المقبرة .
يا (كُرْدُ) رِفقاً بِمَنْ في أرْضِكم رقدوا،
أُمِّي وبِكْرٌ لها، أضيافَ (كِلْدانِ)
ناحتْ حمائِمُكم في رأسِ مِأْذَنَةٍ
بَلّتْ نواقيسَهم من دمعِ صُلْبانِ
منارةٌ أذّنَتْ ! أَمْ ذي صُنوْبَرةٌ
أنّتْ فناحَ ألمدى حوْلي وأبكاني
حَيّوا (ألطبيعةَ) واستْني مُعزَّيةً
صَلّتْ وقبَّلني في ألروحِ (نهْرانِ)
مِنْ كُلِّ عِرْقٍ (عِراقيُّ) أتى نَفَرٌ
يرْوي عَراقَةَ أعراقٍ وسُلاّنِ
جاءوا حَزانى ألى أُمِّي وفِلْذَتِها
يهْفو ألْنُعامى شذىً من طيبِ أرْدانِ
***
تَشْكو إلى شَجَرِ ألبلّوطِ غُرْبَتِها
حتى إنحنى باكِاً كُرْمىٰ لِجُثْمانِ
تَنَهّدتْ غابَةُ (ألنسرينِ) عن عَبَقٍ
تنْهيدةً عَطّرتْ طيّاتِ أكفانِ
شُجيْرةٌ من ندى ألكافورِ ميْسَمُها
فاضتْ بِ..(فاتِحةٍ) في حوْضِ (دوْكانِ)
مِنْ سَفْحِها نَزلتْ لِلْسهْلِ (كَسْتَنَةٌ)
تحنو على قبْرِها في خيْرِ تحْنانِ
فأمْطرتْ (كِسْتَناءً) قَبْلَ موْسِمِهِ
لِقُبّراتٍ، بَكَتْ رَمْساً) وسُمّانِ
والجوْزُ أغصانُهُ صلًّتْ بِتُرْبَتِها
جازتْهُ عني ألجوازي يَوْمَ جازاني
و(عين كاوه) شفا (أربيلَ) دامعةً
أذْ نامَ في جوْفِها ألحاني عزيزانِ
نادى عليها أخي من قبْرِهِ وَلِهاً
أُمّاهُ فالتقْربي إنّا غرببانِ
نادى عليها وصوْتُ ألله في فَمِهِ
صوْتَ ألأَذانِ بروحي حينَ ناداني
غابَ ألمُهَجَّرُ محْزوناً ومنْكَسِراً
مُذْ شبّ في قريتي بُرْكانُ أضغانِ
عافَ ألدواءَ ودُنيا ألناسِ مُعْتَكِفاً
نَهلى خواتيمُهُ من رِيِّ مَنّانِ
وأحتجَّ في موْتًهِ ألشافي على زَمَنٍ
إذ ضاقَ صبْراٍ على جوْرٍ وبُهتانِ
***
لوْزِيَّةَ ألسَفْحِ يا (هوْليرُ) مكْرُمَةً
ضُمّي جثامينهم في دِفْءِ. أحضانِ
وَيَا كُرومَ ربى (أربيلَ) في كَرَمٍ
مُدّي عُروشَكِ من جنّاتِ رَحْمٰنِ
قلْبي كَنَرْجَسَةِ أل..(زابَيْنِ) ذَبّلَها
شُحُّ ألسواقي فَهَلاّ فاض (زابانِ)
غزالَةٌ من ضفافِ أل..(زابِ) شاردةٌ
روحي تُفَتِّشُ عن ضَعْنٍ بِودْيانِ
يا قوْمُ روحي هزيعَ ألليْلِ ضاعِنَةٌ
تحدو كَمَنْ ضيَّعوا أهلاً بأضعانِ
أحيا لها شَجَرُ أل..(زابَيْنِ) مَنْقَبَةً
في (ظِلِّ) حضرَتِهِ لا (ضِلِّ) أوثانِ
يمَّمْتُ وجهي الى النهرين مُشْتَكِياً
نهرَيَّ في وطني ضيعْتُ عُنْواني
أربيلُ أمستْ لنا مثوى لأضرِحةٍ
وأمسِ مُنْتَجعاً كانتْ لأقراني
أجداثُ أهلي ثرى أربيل مرْقَدُها
قلبي تَسَوَّرَها لا طينُ حيطانِ
أبوابُهُ نحْوَ بابِ ألله مُشْرَعَةٌ
شدَّتْ وتيني بلا سقْفٍ وجُدرانِ
***
قَالَتْ لِزيْتونةٍ ميساءَ دامِعةً
ياليْتَ لي نخْلةً قُرْبي لِترْعاني
صديقةُ ألنخْلِ ذي أُمِّي وأعْرِفُها
حِنٌاءُ راحاتِها. معسولُ أطيانِ
أعلى ألفُراتِ هوى بيْتٌ ونَخلَتُهُ
تبْكي يداً غَرَستْ أيّامَ ريْعانِ
على ألفُراتِ قُرى ألصَفصافِ هاجِعةٌ
تصغي لِناعورِهِ كالنهرِ. ضمْأٰنِ
أشعلْتُ جمْرَ ألغضا في الروح موْقِدَةً
شَبّتْ شُبوبَ ألغضا في وادي (حوْرانِ)
وادي ألأَراكِ سَقتًكَ العيْنُ ادمُعَها
مالي أراكَ بِشُحِّ العيْنِ تلْقاني
صُبّارُنا في ألفلا يبكي وعوْسَجُنا
يهْمي كغاديةٍ في ريحِ شَفٌانِ
ويْحَ ألعنادلِ في ألأغصانِ واجمةً
خرساءَ أخْرَسَها نوحي وأشجاني
***
أُمّاهُ لا تجْزعي إن مسّني وَجَعٌ
فالحُزْنُ وسَّمَني في ألروحِ نيشاني
في الحزْنِ، والِدتي، نارٌ مُقًدَّسَةٌ
قلْبي يعوذُ بها من شَرِّ. خَوّانِ
أدْمنْتُ من حالِكِ الّليْلاتِ. شِقْوَتَها
لسْتُ ألْمُنَعَّمَ من شيبٍ وشُبّانِ
لسْتُ ألوحيدَ بنارِ ألفقْدِ مُشْتَعٍلاً
بَلْ ذاقَ نيرانَهُ شعْبي وأخواني
عِراقُ، أهلوكَ.، أحبابي مأٰتِمُهُمْ
أبْكتْ عُيونَ ألورى. في كُلِّ ميْدانِ
ينْعى ألغُرابُ وهذا بعضُ ديْدَنِهِ
كمْ كانَ صَبَّحني نَعْياً ومَسَّاني
وَهبْتُ روحي لِمَنْ أدْلىٰ بتعْزِيَةٍ
وفِي صحيفتنا ألغرّاءِ واساني
أُمّاهُ فالْتغْفري شطحاً بِدرْوَشتي
فغيْهبُ. ألروحِ مسْكونّ بأحزانِ
ألناسُ ضحّتْ بِهذا ألعيدِ أُضْحِيَةً
نحرْتُ. قلبي عسى يُرْضيكِ قُرْباني
***
مصطفى علي
