نصوص أدبية
مع ألعارفين في أسفارِهم
يالائِماً شطْحةَ ألصوفيِّ معذِرَةً
أعماكَ عن سِرِّهِ ما كانَ أعماني
ولائمٍ في ألهوى خفَّتْ مَلامتُهُ
لو كانَ ذَا مهجةٍ ميساءَ كالْبانِ
ما قالها شاعرٌ بِدْعاً وزنْدَقةً
بل برْقَ خاطِرَةٍ من مَنِّ مَنّانِ
مِنْ غوْثِ معْشوقِهِ رِفْقاً بِعاشِقِهِ
لخافِقٍ لاهِثٍ للحقِّ صَدْيانِ
يفنى بِمعْشوقِهِ حُباً بهِ وَلَهُ
وَلَيْسَ في جنَّةٍ ماجتْ بِولْدانِ
لاتسْألي قلبَهُ ألصوفيَّ شَاعِرتي
كيْفَ إلْتَقى رَبَّهُ من دونِ بُرْهانِ
قلْبٌ تَقَلَّبَ في ألأحوالِ مُتَّقِداً
إذ كُلّ يومٍ يرى ألرحمٰنَ في شانِ
لمّا تَمرْأى بِمرْأٓةٍ لَهُ صُقِلتْ
أضحى ألفتى رائِياً ما خلفَ أكوانِ
طوبى لِمَنْ صَقَلَ إلمرْأٓةَ من غَبَشٍ
وإستلَّ حِكْمَتَهُ من قلْبِ لُقْمانِ
قُلْ للفقيهِ ألذي أفْتى بزنْدقتي
أعماكَ ثلْجُ الـ(أنا) عن جَمْرِ إيماني
كم من فقيهٍ تسَلّى في مُحاكَمَتي
ناءتْ بأوزارِهِ أشداقُ ميزانِ
ما للفتاوى غدتْ في سوقِنا سِلَعاً
يسْتلُّها تاجِرٌ من رَفِّ ( دُكّانِ)
هاتِ ( إبنَ سينا) إذا ما شِئْتِ مَعْرِفَةً
ففي (إشاراتِهِ) نورٌ لحيْرانِ
زُجاجَةٌ أشْرَقَتْ تروي ذُبالَتَها
زيتونةٌ دَمَعتْ في أرْضِ كنْعانِ
كانَ ألدليلُ عَلَيْهِ بوْحَ قُبَّرَةٍ
لَفَّتْ ذَرى عُشِّها في قلْبِهِ ألواني
كانَ الدليلُ عَلَيْه لحْنَ بُلْبُلِهِ
يشدو بشُبّاكِهِ من دونِ قُضبانِ
دَلَّتْ عَلَيْه خُطى دمْعاتِ والِدَتي
فجراً إذا سَمِعتْ ترتيلَ قُرْأٓنِ
أمسى دليلُ ألنُهى شَكّاً بناصِيَةٍ
حازتْ يقيناً به من بَعْدِ نُكْرانِ
بل ألدليلُ عَلَيْهِ أنَّني ثَمِلٌ
في بوحِ شاعِرةٍ تسمو بوجْداني
ناديْتُها عَلّها تأتي لِحانَتِنا
جَذْلانةٌ تحْتسي من خمْرِ جُذلانِ
هُناكَ نغْزِلُ عرْشَ ألروحِ صومعةً
فيها ألأيائِلُ تلهو بينَ ذُؤبانِ
فيها صِغارُ ألْمَها هيفاءُ سارِحَةٌ
تبسَّمتْ إِذْ رأتْ أنيابَ سِرْحانِ
تحْمي ألصُقورُ. ألحُبارى في مرابِعِها
وذي ألأسودُ ضيوفٌ عِنْدَ غُزْلانِ
والكُلُّ يبْسِمُ عطفاً كُلَّمَا خَطَرتْ
سَعْدانةٌ، وَلَهاً، تَسْعَى لِسعْدانِ
من زمْزَمِ أللهِ تُسْقى ثُمَّ كوْثرِهِ
كما سقى دُرَّةَ ألأرضين نهْرانِ
أبوابُها أبَداً للريحِ مُشْرَعَةٌ
تطوي ألزمانَ فلا حَدٌ لأزمانِ
لوْنُ ألفراشةِ مِرْأٓةٌ لخالِقِها
والأسودُ المُزْدهي في ريش غرْبانِ
قدْ أشْرَقتْ ذاتُهُ للخلْقِ فأنْسَكبتْ
كالنورِ أسماءُهُ ألحسْنى بإحسانِ
ما ألخلْقُ إِلَّا مَرايا كُلَّما صُقِلتْ
بالعشْقِ أو جُلِيَتْ من وشْمِ أدرانِ
لاحَ ألّذي قد تجلّى بعدما حَجَبَتْ
أجفانُنا نورَهُ من شَقِّ أجفانِ
مُقَدَّسُ ألفيضِ مرْدوفٌ بأقدَسِهِ
تجلِّياتٌ على أعطافِ أعيانِ
وكلَّما فاض نورٌ من منابِعِهِ
لاحتْ ذواتٌ لنا من قلبِ إمكانِ
عُشّاقُ حقٍّ به هامتْ ضمائرُنا
يشفي أسارى ألورى من وهْمِ سجّانِ
صَفّتْ بصائرُنا كالطيرِ قاصِدةً
في سِدْرةِ ألمُنتهى دِفْئاً بأوْكانِ
مُلكٌ بلا مَلَكوتٍ مثْلما جَمَلٌ
يميلُ هودجُهُ إن غابَ عِدْلانِ
فعالَمُ ألْمُلْكِ إن جافَتْهُ غايتُهُ
أمسى كتيهانةٍ تعدو بِتيْهانِ
وعالمُ ألْمُلْكِ إن جفَّتْ بواطِنُهُ
تاهَ ألحداةُ فلا نجمٌ لِرُكبانِ
برازخٌ جُسِّرَتْ كالوصْلِ بينهما
ضِدّانِ ماإفْتَرَقا في أٓيِ فُرْقانِ
***
مصطفى علي
