نصوص أدبية
مخالبُ قِطَّةِ الأمسِ
غضبى تُسائِلُني عن قِطَّةِ الأمْسِ
وعن مُواءٍ لها في آخِرِ الحِسِّ
راحتْ تُعاتبني تُنْحي بلائمةٍ
لمّا رأتْ سَحْنتي تصْفرُّ كالوِرْسِ
حيْرانةٌ هالها في مُهجتي وَجَعٌ
يستافُ روحي كما الأفاتُ في الضِرْسِ
هَمّتْ طَوافاً على أصقاعِ خافيتي
ترنو إلى كعبةِ الأسرارِ بالحدْسِ
زخّتْ على خافقي المخطوف أسْئِلَةً
تَهوي على سانِحِ التَذكارِ بالفأسِ
أمِنْ ذُهولي وصمْتي طارَ طائرُها
مذْعورةً تقتفي الأصداءَ في الرمْسِ
أمْ شاقَها شَغَفٌ في سَبْرِ غائلتي
حتى إذا أبْحرتْ في غيْهبِ النفْسِ
تاهتْ سفائِنُها في لُجِّ غيْهبها
بَحّارَةٌ لا ترى الشُطْئانَ كي تُرسي:
فيها سَفائِنَها الحبلى بعاصِفَةٍ
تغْتالُ حوريّةَ الأمواجِ في رأسي
حوريَّةً مسّتْ الأعطافَ وإرْتَحلتْ
لكنَّ خاطِرَها في الروحِ كالْمَسِّ
لاتلْمسي جُرْحِيَ المخْبوءَ في سُدُمي
وحاذري جمْرةً في موقِدِ اللمْسِ
أخشى عليكِ حسيسَ الروحِ يامْرأةً
ومِن رَسيسِ الهوى المدفونِ بالرَسِّ
ياداخِلاً (حِيرَةَ) (النُعْمانِ) كُنْ حَذِراً
من جَوْرِ (مُنْذرِها) في (يوْمِهِ النحْسِ)
أرضُ حَرامٌ سَرتْ في الروحِ سَطْوتُها
ألْبسْتُها هيْبَةَ الأقداسِ من قُدْسي
ناشدْتهُ صادِقاً تهشيمَ حضْرَتِها
لكنّما خافقي قد خانهُ بأسي
أمْستْ لِخفّاقِيَ المسلوبِ أُغْنِيَةً
في بوْحِ إيقاعِها يسْمو وفي الهمْسِ
يمامةٌ في هشيمِ الروحِ ساجِعةٌ
ما بالُ ساجِعَةٍ تنسى ولا تُنْسي:
فُؤادَ عاشِقِها المذْبوحِ مأْتَمَها
كي يسْتعيدَ صدى الأفراحِ والأُنْسِ
فَعَبْلَةُ الأمْسِ قد تاهتْ قوافِلُها
وإستودعتْ طيْفَها أشقى بني عبْسِ
في أُمِّ ناصِيَتي أضغاثُ هسْهَسَةٍ
ترْثي أساساً هوى مذْ غيْبَةِ الأُسِّ
ليْستْ كجِنيّةِ الأوهامِ مُسْكِرتي
وإنّما قِطَّةٍ من عالمِ الإِنْسِ
من آلِ يَعْرُبَ والأحزانُ ديْدَنُها
ولا شبيهَ لها في الرومِ والفُرْسِ
ماءتْ دهوراً لهُ حتى إذا كَبُرا
خَطّتْ بوجْدانِهِ إيماءةَ الخُرْسِ
دسّتْ مخالِبَها في لُبِّ قافيتي
ما حيلَةُ المُبْتَلى بالْعذْلِ والدسِّ
سِنانُها سَبَقتْ عذْلاً ولائِمَةً
ياويْحَ طاعِنةً ما صدّها تُرْسي
مُدْياتُها أوغَلتْ في قلبِ موْجِدَتي
إيغالَ (سَلاّمَةٌ) في خافقِ (القَسِّ)
لا كالخطيئةِ كي تُمْحى بتوْبتِهِ
وليْسَ من عالَمِ الأثامِ والْرجْسِ
بل شهْقةٌ من ربى النعْناعِ نكْهَتُها
صُبْحاً تُدغْدِغُني أوْ كلّما أُمْسي
في عرْشِ روحي وفي أفياءِ سِدْرتِها
نامتْ وقد أمِنتْ من رهْبةِ العَسِّ
وإهتزَّ كُرْسيُّها المصنوعُ من عصبي
أُرْجوحةً تحتمي في آيةِ الكُرْسي
وكُلّما أذّنتْ أو دقَّ ناقوسُها
نادتْ فُؤادي إلى أوقاتِها الخمْسِ
نقَّلْتُ قلْبي كما شاءتْ رواحِلُهُ
لكنّما أوَّلُ التَهْيامِ كالْغرْسِ
منازِلٌ للهوى تفنى وأوَّلُها
باقٍ ويأبى خُطى النسْيانِ والطمْسِ
ذي حِكْمَةٌ أبْدعَ (الطائيّ) زُخْرُفَها
رَنّتْ بذاكِرةِ الأيامِ كالْجرْسِ
قد قالها ،ومضى، درْساً لِمنْ عَشِقوا
ويْلٌ لِمن سخِروا من حِكْمةِ الدرْسِ
من ينْسَ كأْسَ الصِبا يُحْرمْ صبابتَهُ
مثْلَ النديمِ صبا لكنْ بلا كأسِ
أطيافُ مشْرِقِهِ تنْسابُ طارِقَةً
أوْتارَ خافِقِهِ المحْكومِ بالْحبْسِ
رهينَ مُشْرِقَةٍ غابتْ وما بَرِحتْ
تومي لِمغْرِبِهِ بالشَكِّ والبُؤسِ
يشْكو لمغْرِبِهِ أطيافَ من أفَلتْ
مانْفكَّ يشْقى بها في مغْرِبِ الشمْسِ
***
مصطفى علي
