نصوص أدبية

مناداةٌ ثلاثيّةُ

مصطفى عليمناداةٌ ثلاثيّةُ القوافي والمنافي والأثافي

تنويعٌ وتجريبٌ على ما قد جرى:

***

أيُّها المولودُ من جمرِ القوافي في شتاءاتِ

الشِغافْ.

قلبُكَ العصفورُ صلّى في فيافي أدمنتْ

قحْطَ الجفافْ.

بعدما جفّتْ نخيلُ اللّهِ أو غارتُ محاريبُ

الضفاف.

أينما حلّتْ خرافُ أللهِ يثْمُلْ عِنْدَ بابِ

السورِ جزّارُ الخِرافْ

لا تلوموا شارِبَ الأفيونَ والسُمَّ الزُعافْ

إنّما المسعورُ يسعى أينما حانَ القِطافْ

ناسِياً أو رافِضاً أو مُنْكِراً

حكمةَ الأزهارِ في أسمى معاني الإختلافْ

ألْفةٌ ضاقتْ بها ارواحُ من جافوا نعيمَ

الإئتلافْ

أيُّها المنزوعُ من ثوبِ الخطايا

قاصداً دربَ العفافْ

قِفْ ببابِ الحقَّ يوْماً وإعترفْ

وإملأ الدنيا شموساً من وَقيدِ الإعترافْ

طِفْ بِنَا يا صاحِ حوْلَ أللهِ سكراناً بقلبٍ

ذاب في نورِ الطَوافْ

في هزيعِ الليلِ وإشعلْ في نوادينا

سُروجاً ريْثما

يسْكُبُ الساقي دَهاقاً من رحيقِ الروحِ

ذوباً والسُلافْ

هكذا قد تزدهي الأعراسُ شوقاً

في أهازيجِ الزفاف.

***

أيُّها الراعي المُحَنّى من ينابيعِ

الفيافي والحقولْ

هاتِ مزمارَ السواقي واسترقْ

لحنَ الصبايا بين هاتيكَ البوادي

والسُهولْ

دُرْ بِنَا في الصُبحِ عُشّاقاً سُكارى

بينَ قُطعانِ الوُعولْ

عَلّنا نسْتنْقِذُ النسرينَ والنعْناعَ من

غدْرِ المنايا

وإرتباكاتِ السوافي والفصولْ

صُعُداً نمضي لفجرِ الحقَِّ لا نرضى النزول

ألْفَ عامٍ تُقرَعُ الاجراسُ حولي والطُبولْ

عَلّني أستلُّ ورداً من جُروحي وأصولْ

ألْفُ قيْدٍ في فُؤادي

دُونَ ذاكَ الحُلمُ والمرمى يحولْ

أٓهِ ماذا ويْحَ نفسي سأقولْ

لو رأتْ فَوْقَ يقيني راقِصاً خيطَ الذُهولْ

فدعيني خلْفَ ظلّي واجماً أجترُّ آلامَ

التداعي والذُبولْ

فأنا أُمّاهُ قد جفّتْ لُحوني

واستراحتْ في دمي كُلّْ الخُيولْ

فَتَبخْترْ ياعذولْ

و تَشدّقْ كاشِحاً ياإبْنَ. (سَلولْ)

إنَّ ريحاناً ذوى في مُهجتي

وَسَرى في خافقي طعمُ الأُفول

فإمنحيني وردةً عذراءَ لاحتْ

عِنْدَ ظِلِّ النخلةِ العطشى سِنيناً

في بساتينِ البتولْ

وإستريحي ودعيني أسترحْ

 ***

أيُّها المولودُ من قلبِ الأماني والمأٓسي

حامِلاً في قلبِهِ ذاتَ الخِصالْ

قد يناديكَ نديمُ الروحِ والنجوى نهاراً

يرتجي من فيضِكَ ألزاكي

رحيقَ المَنِّ والسلوى حياءاً. فَتعالْ

كُلَّما إشتدّتْ على الموجوعِ

أهوالُ الدواهي والنِصالْ

كاشِفاً في حيْرةِ المعنى تجاعيدَ السُؤالْ

فاضحاً في حوْمةِ الزُلفى اباطيلَ الجِدالْ

فَتعالَ ، الليْلَ، بدراً مُشْرِقاً

في سماءِ الروحِ يعلو أو هِلالْ

نصْطفي الحُبَّ نبيّاً ينثُرُ القِدّاحَ في

تيكَ السِلالْ

يقتفي العِشْقَ كراعي الأيْلِ مسْحوراً

بأزهارِ الجبالْ

يعزفُ الناياتِ فجراً ووراءَ الروحِ يعدو

مِثلما يعدو لنبْعِ الماءِ

في صيْفٍ غزالْ

ويُغني بينَ اوجاعِ الورى المكلومِ

موّالَ الوِصالْ

ليسَ إلّا الحُبُّ يشفي الروحَ من داءٍ

عُضالْ

فَأعِدْ عذْبَ الأغاني في ليالينا الطِوالْ

هَدَأَ الموْتورُ لو أصغى قليلاً وإحتسى

نغمةَ الإنجيلِ والأجراسِ

في صوْتِ بلال

نازعاً أنيابَ شاردةِ الأفاعي والصِلالْ

لِيقي الحُملانَ من سُمِّ الصِلالْ

أٓهِ كم يكسو جبينَ الحمْلِ من رُعْبٍ

قُبيْلَ القطْفِ لونُ البُرْتقالْ

لائذاً في سَدْرةِ المعنى وزيتونِ السلامْ

عائذاً بالمُرتجى من لوْثةِ المحْمومِ في

حُمّى الخطايا والضَلالْ

أيُّها المشدودُ للثاراتِ في شتّى الحِبال

إنّ قلبي للمها والجسْرِ قد شدّ الرِحالْ

أوجَبَ اللّهُ لُقانا قِبْلةً جذلى ومحراباً

لأهلِ العشْقِ محمولاً على ماءٍ زُلالْ

نقْرعُ الكاساتِ فجراً نخْبَ أقطابِ

التَصوّفْ

نتجلّى مثْلهمْ إذ نَتَدلّى فَوْقَ أهدابِ

الكمالْ

وَنَرى التأويلَ طيراً يقتفي

مُلتقى النهرينِ في شطِّ العربْ

هائماً ما بينَ غاباتِ الخُزامى والنخيلْ

في سماواتٍ دموعاً وقوافي أمطرتْ

حينَ غابتْ عن مواني البصرةِ العطشى

صواري (الإعتزالْ)

من جنوبِ القلْبِ هبّتْ

باسقاتُ النخلِ والسعفُ (عِقالْ)

كي تُلاقي وارفاتِ التوتِ والبلّوطِ في

وادي الشمالْ

ومضى شرقٌ يلاقي غرْبهُ في قُبلةٍ

فَهُما ياصاحبي في شرْعِ نهْرينا

وفِي مهْدِ الهوى والإبتهالْ

مِثْلَ خَدٍّ زانهُ الحُسْنُ بوشْمٍ أو بِخالْ

إِذْ دُموعُ الروحِ زيتٌ للقناديلِ بها

تُرْوى الذُبالْ

تنشرُ الألوانَ طيفاً بينَ أغصان الظلالْ

لقلوبٍ كاالعذارى راقصاتٍ تزدهي

فرطَ الدلالْ

أٓهِ ما أبهى التماهي في الجمالْ

لَمْ يزلْ مولودنا المرجو جنيناً

في بطون الاحتمالْ

وحدهُ المزروعُ طيفاً كالرؤى السكرى

على جنْحِ الخيالْ

وحدهُ المغروسُ حُلماً لم يزلْ يرنو

الى جرفِ المحالْ

جُرفِ وادينا المُسجّى فَوْقَ كُثبانِ الرِمالْ

من فُؤادٍ جائعٍ عارٍ ومن رَثِّ السِمالْ

سوفَ ينقدُّ بوادينا المثالْ

فالمآلاتُ بكأسِ الدهرِ والدنيا

سجايا سوْرةٍ

ثُمَّ يصفو الكأسُ للعُشّاقِ رقْراقاً

كَمِرْآةِ المَنالْ

من تُخومِ القُبّةِ الزرقاءِ من خطِّ الزوالْ

خاشِعاً قلبي يُنادي

فتعالوا وتعالِ وتعالْ

***

مصطفى علي

 

في نصوص اليوم