نصوص أدبية

يأس

جابر السودانيوحيداً مثلَ المخمورْ.

أترنحُ في قلبِ الإعصارِ الصاعدِ

يستوطنني حلمٌ ارعنْ.   

أبحثُ في هذا القَـرِّ المضني

عن مرقاةٍ تحملُ وجهي

لسماواتٍ أخـرى. 

ما للأرضِ تميدُ بخطوي

وتدووووووووورُ،

كقاربِ ورقٍ في الطوفانْ.

أغشتني أنوارُ البرقِ الساطعِ

من وجهِ الغيمْ. 

ورأيتُ الأنهارَ جميعاً

تركضُ عائدةً نحوَ البحرْ.     

ينهمرُ المطرُ المجنونُ تباعاً

يغسلُ وجهَ الأرضِ ووجهي

من أدرانِ الحقبِ الرعناءِ 

والبَـرَدُ المتجمدُ

يتقافزُ فوقَ الإسفلتِ

مثل ضفادعِ شطآنِ الريفْ. 

حملتْها الريحُ إلى اليابسةِ

وماتتْ في طرقاتِ المنفى

أمهلْني يا زمنَ الخيباتِ رويداً

أسترجعُ من ظلماتِ الغيهبِ

خطـوي التائهَ مذُ صباي 

مازالتْ في الروحِ بقيةُ عشقٍ

صوفيِّ المعنى  

تأخذُني في الليلِ وئيداً، 

يا صاحبَ سرّي

والقولُ تفاطينٌ تترى  

ماذا لو أدركتُ القطبَ المتجمدَ

قبلَ الموتْ.  

أدفنُ تحتَ ركامِ الثلجِ القطبيِّ

ملامحَ وجهي.

منفياً في الأبعادِ قروناً أخرى

يوقظُني من عزلةِ يأسي 

ذاتَ مصادفةٍ خطوٌ مخبولْ. 

لم يقرأ في كتبِ السيرِ الأولى

عن وطنٍ هـدَّ مآذنَهُ اللاهوتيون الغرباءْ.

فأعودُ وحيداً

أبحثُ في أتربةِ حرائقِ بيتي

بعد قرونٍ

عن ذاكرةِ الوطنِ المغلوبِ وعني.   

***

جابر السوداني

 

في نصوص اليوم