نصوص أدبية

البصرة مدينتي

ناصر الثعالبيلأنك تأتين مثل السحاب ِ

ومثل نجومِ الصباحِ ِ

على غفلة ٍ من شموس ِ ألضحى

وكون َ المسافات ِ غارقة ً بالضجيج

سأرسل قلبي إليك طريقاً

فهل تقبلين بقلب تُعَبده الأمنيات

ويغرق في لجة الانتظار؟

أناديك ملتحقا بالنوارس في الشط بين القرى

وأصرخ متحدا ً( بالطمامة) (1) والمعدمين َ

تعالي

أمدّ إليك تراتيلَ شوقي القديم

بكل اشتياق مواجع هجرتنا للنخيل

وعودتنا للنخيل

لأني أرى فيك سوقَ (ألمغايز) (2)

تعبره الأمسيات  الثقال ْ

كأن مدينتنا لن تُعلِم َ أطفالنا الرقص بعدُ

لقد غادر الغجر الطيبون السماء َ

فما مطرت فرحا ً

وما عادت  ألأرض تحمل طيب َ اللقاء ِ بنادي (الفنون) (3)

ولم يقرع الطبل للراقصين َ

كأن (الدواسرَ) (4) في البصرة الساهره

يشيخون عبر سواد السنين .. وقبل ألأوان

فلا (الهيوَ) (5) ترجف بين الضلوع

ولا (فرج ٌ) يضرب الطبل بين الصبايا

وسوق (ألمغايز ) يشرب في الفجر صوت النحيب ِ

كأن المدينة َ عادت اِلى الحرب ثانيةً ً

فقد سَرقت نصفها كربلاء ُ

ونصفا ٌ تقاسمه البدو

بين مزاد الحضارات ِ والنفط ِ

ثم اختفينا !!

وبدلنا أهلنا ألأقربون بثوب الحداد ِ

وبعض قشور التصوف ِ

فأنهدّ شيخ يطالبنا بالوفاء ِ

لعشرين قرن مضت !

وبدّل أحرفنا مثلما ينسخون

وما يثبت الحرف إلا بصوت ألغناء

وليس بكاء ً على طلل ٍ أغرقته السيول ُ

وجالت على رافديه الخيول ُ

ومازلت طفلاً أتابع كل شرود السحاب ِ

لعل البروق تعيد البهاء إلى بصرتي

وتعلن أن الطبول أتت؟

وتومان (6) لم ينهزم ْ

 ***

ناصر الثعالبي

 ....................

(1) الطمامه: هي إمتداد لمحلة الساعي ألحالية في البصره

(2) سوق ألمغايز: من أسواق البصرة المشهورة ويسمى أيضا سوق ألهنود

(3) نادي ألفنون: أحد أشهر نوادي ألبصرة ألأجتماعيه في سبعينيات ألقرن الماضي

(4) ألدواسر: إشارة إلى فرج شعبان ألدوسري راقص ألهيوَ المشهور في ألبصره وأخيه رزاق ألمناضل المعروف

(5) الهيوَ: رقصة شعبيه أتقنها زنج ألبصرة، أصلها أفريقي إنتقلت إلى بلدان ألخليج ألعربي مع بعض ألتطوير

(6) تومان: أحد أشهر مروّجي دعاية ألأفلام السينمائيه في البصره، هو الذي يعزف (الفيفرا) بأنفه

 

 

في نصوص اليوم