نصوص أدبية
هذه الريح
الرِّيح
الَّتِي قَصَفَتْ دَمِي بِرَجْمِ الْحَنِين
هَزَّتْ بِفَحِيحِها أَوْتارَ قَلْبِي
عَلَّمَتْني
أَنَّ الصَّهِيلَ فِي السَّرَادِيبِ الْمُعْتِمة
حِينَ تَخْتَلُّ مَوَازِينُ الْقُوى
بَيْنَ جَبَلَيْن
بَيْنَ جِيلَيْنِ
يُصْبِحُ بِلَا صَدَى
وَحْدَها الْفَوْضَى
تُرَمِّمُ ذَاكِرَةَ الْمَنْسيِّينَ
خَلْفَ ضَجِيجِ الْآلاتِ
والْعَابِرِينَ طُقُوسَ الْإنْحِنَاءِ
هَذِهِ الرِّيحُ
الَّتِي دَرَّبَتْنِي عَلَى الْمٌشْيِ طَوِيلاً
فَوْقَ جِرَاحِي
عَلَّمَتْنِي
كَيْفَ أَنْسُجُ مِنْ لَحْمِي
جِسْراً لِلْعُبُورِ نَحْوَ ضِفَافِ الْحُلْمِ
حَيْثُ تُقِيمِينَ
تَحْتَ سَمَاءٍ بِلَا نُجُومٍ
بَيْنَ غَيْمَاتٍ
تُسَبِّحْنَ بِوَجَعِي آنَاءَ اللَّيْلِ
وَ تَسْبَحْنَ فِي شُرُودِي أَطْرَافَ النَّهَارِ
هَذِهِ الرِّيحُ
الَّتِي تَلْتَهِبُ فِي دَمِي
تَرْكُضُ فِي حُلْمِي
سَأُقُصٍ أَجْنِحَتَهَا
وَأَجُزَّ ظَفِيرَتَهَا
سَأُقِيمُ لَهَا فِي قَلْبِي أُرْجُوحَةً
وَ أُهْدِيهَا حَافِراً لَا يَصْدَأُ
ثُمَّ أَدْعُوهَا لِجَوْلَةٍ فِي أَقَاصِي الْحَنِينِ
بَيْنَ عَتْمَةِ النَّهَارِ
وَ بَيَاضِ الَّليْلِ
حَيْثُ تُقِيمِينَ
تَحْرُسُكِ شَادِيَّاتُ أَحْلَامِي
وَ نَبَضَاتٍ
هِيَّ كُلُّ مَا تَبَقَّى مِنْ رَصِيدِ
أَيَّامِي.
***
عبد اللطيف الصافي /المغرب