نصوص أدبية

إنسان كما ولدت..

محمد المهديأنا إنسانٌ كما وُلدْتُ..

لُقِّمْتُ الكلمةَ من ثَدْيِ الوَجَع

المُعشعش بين مَفاصِل الجُرح..  

تتناسل الكلمات في حَلقي

كلما هَمَمْتُ بالنظر إلى عينيْك.

أو خِلسة أَسْترِقُ نَبْض جَنْبَيْك..

هل أَحْرِقُ أَصابعي،

كي أُرْضي فِيكَ سُؤالَ البِدايات..؟

هل أَفرش أوراقي

لأبسُطَ للرّيح المسافات..

فتأتيني من خَلف الجُفون النّاعِسة بالخَبر..!

وإِذا ما أَسْمَعْتُ هَمسي أَذانَ الشّجر..!!

أو إذا ما تَناثرَ النّور خَلفَ المطر..!!

تَلَحّفْتُ رداء المُزْنِ المُوفِي

على أَطراف الحقيقة.

وكُنت كُلما حَلّ الرّبيع،

كَسّرتُ أقلامي،

وأَعَرتُ أشعاري حَادِي الشّمس،

وتَفَرّغْتُ لرَسمِ الفراشات،

وحِصار الابتساماتِ الزائفة..!!

أو كُلّما تَمَنَّعَت جَداولُ الماء عن الماء،

وَأَفْضَت الظلالُ إلى سُكون الليل،

أَحرقْتُ  أصابعي مَرات ومرات،

كي أجْعَلَ إلى جُثّتي

مَعْبَرا بين النّجوم،

يُفْضي بي إلى مُنتهى الكون..!

سِحرُ سَناكَ

يَجْذِبُني،

يَمْحُوني من ذاكِرة الليل،

ويُخَلِّدُ طَيْفِي على وَجْهِ الماء.

صَدَى البَرَد المُتهالِك بين الأزقة الخلفية،

يَهمِسُ في أُذُني..

يُراوِدُني عَن سِرّ البَوحِ الكامِن فِي،

مُنْذُ بَدْءِ الخَليقةِ إلى مُنتهى الأمل.

يَغْمُرُني بأَلحانِ السّماءِ

حينَ تُراقِصُها الأقمارُ لَيالي السّهر..

ويَكتُبُني على أَصْداف البحر،

كلما تَدَثّر  بِوجْهِ الحقيقة الخَجَل.

وَأَناخَ عِيسَهُ بأعتابِنا الدّجل..!!

لكِنّني على سِيرتي سأبقى

كَما كُنتُ وِجْدانا..

بِروحي أَطوفُ الأَكْوانَ،

 وبأَصابِعي المُحْترقَةِ إلى الأبد،

كما يومَ وُلِدْتُ إنسانا.

***

محمد المهدي – المغرب

 

في نصوص اليوم