نصوص أدبية
يا ليتْني كنْتُ السَّماوي
الإهداء: إلى مُعاتبتي
الفائحة بعطر (الياسمين)*
قالَتْ وقدْ سبقَ السَّلامَ ملامُها
مالي أراكَ تحنُّ للشُّعراءِ؟!
ونسيْتَني! كيما تُدبّجَ فيهمُ
عسلَ الكلامِ ومدحةَ الإطراءِ
يا ليتَني كنْتُ (السَّماويَّ) الَّذي
أنشدْتَهُ ما كانَ سرّ شقائي
أنسيْتَني؟ وأنا القريبة مسكناً
وتقولُ في (يحيى) البعيدِ النَّائي
هيَ غيرةُ الأنثى تُسعّرُ أضلعي
لوْ كنْتَ تفقهُ غيرةً لنساء
وأراكَ تُبدع ُفيهِ كلَّ طريفةٍ
فتشعّ بالأشعارِ منْ لألاءِ
وأنا الَّتي قدْ صغْتَ منْ أشواقِها
بذخَ القريضِ ومعجز الإيحاءِ
كمْ كلمةٍ طارَتْ بشعرِكَ نجمةً
ورؤى مشَتْ بتبخترِ الخُيلاءِ
أنسيْتَني؟ وأنا القصيدةُ أفقَها
وأنا قوافي بحرها للرَّائي
أنسيْتَني؟ ! وأنا الجذورُ ونسغها
منْ يُنكرُ التُّفاحِ في حوَّائي؟
كمْ كدْتَ تغرقُ في البحارِ بموجةٍ؟
لولا العصا ألقيْتُها في الماءِ
أنسيتْنَي؟ وذبحْتَ آمالي غوى
أنكرتنَي يا جاحداً نُعمائي
لاطفْتُها حتَّى استكانَتْ نبرةً
واستسلمَتْ غضبى ببعض رجاءِ
(روقي عليَّ) صديقتي وتمهَّلي
إنَّ التَّأنّي حكمةُ العقلاءِ
فأنا و(يحيى) في التَّغرُّبِ واحدٌ
والحزنُ جامعُنا بغيرِ لقاءِ
ناجيْتُ نفسي إذْ أنا خاطبْتُهُ
وبمدحِهِ قدْ كانَ بعض رثائي
وأنا الَّذي لمْ يمتدحْ بشراً ولا
أغوتْ قريحي صحبة الأمراءِ
نفسي تُشاكِسُ ذاتَها إنْ أخطأتْ
وتقطّعُ الأعضاءَ منْ أعضاءِ
فتبصَّري وهجَ الحقيقةِ تعرفي
أنَّ المواجعَ جمَّعَتْ حسنائي
وكذا هي الآلام تجمعُ بيننا
وتوحّدُ الآهاتِ في البلواءِ
تاريخُنا العربيُّ ملَّ صراعَنا
وبحورُنا ملأى بفيضِ دماءِ
(يحيى) يُعاني غربةَ الجغرافيا
وأنا بتاريخي عظيمُ بلائي
وتخاصمُ الأعرابِ صارَ روايةً
عوراتُها انكشفتْ بغيرِ رداء
لا تنظري للأمس ما مأساتُنا
إلَّا الرّجوع ولفتةٌ لوراءِ
بسواك هل شعري يُحلّقُ هائماً؟
ببراقهِ يسعى إلى العلياءِ
وكذا الرَّسولُ وصيةٌ أوصى بها
خيرُ المحبَّةِ في تُقى وإخاءِ
وأنا بحبّكِ بلبلٌ يشدو الهوى
وبحسبِ غصنِكِ نشوةً بغنائي
فبشاطىء العينينِ لي صيفُ المُنى
وبمنحنى الخلجانِ فصلُ شتائي
وبضمَّةِ الأشواقِ ترقصُ ريشتي
وبقُبلةِ الكرزِ الشّفاهِ شفائي
حسبُ العطورِ بأنْ يفوحَ عبيرُها
وكفاكِ هذا القلب نبعَ نقاءِ
فأنا المحبُّ وإنَّما بسكوتِهِ
إذْ طالما منعَ الكلامَ حيائي
وإليكَ أُرسِلُ ما أتى بعتابِها
فاعْذُرْ أخاً لكَ يا: أبا الشَّيماءِ
***
شعر د. وليد العرفي
......................
ما لا بدَّ منه: (قرأتْ القصيدة التي قلتُها في الشاعر: يحيى السماوي ؛ فاتَّصلتْ مُعاتبةً وأوَّلُ ما نطقتْ بهِ كانَ ما جاء في عنوان هذه القصيدة)
