نصوص أدبية

القاطول!!

صادق السامرائيوَقَفَ القاطولُ عَنْها يَسْألُ

سُرَّ مَنْ راءَ لماذا تُهْمَلُ؟!

 

كَهْفُها فيها تَطامى واخْتَفى

وتَداعى ولِجَهْـــــــلٍ يُقْتَلُ

 

ذِكْرياتٌ قَدْ تَماحى نَبْعُها

كلُّ شَيْئٍ في رُباها يَذْبَلُ

 

ما رأيْنا غَيْرَ بُؤْسٍ قائِمٍ

وشديداً بِرُبوعٍ يَفْعَـــــلُ

 

أيُّها القاطولُ يا مَهْدَ الصِّبا

سُجِرَتْ روْحٌ ودَمْعٌ يَهْمِلُ

 

أثرٌ غابَ وعُمْرٌ إنْطوى

وبلادٌ في أساها تَعْضِلُ

 

سُرَّ مَنْ راءَ أَصابوا قَلبَها

بأثيْمٍ لسِماهــــــــــا يَغْفِلُ

 

 

أيُّها التأريْخُ أفْصِحْ شَأنَها

إنَّها ضَوْءٌ سَطوعٌ يَهْطِلُ

 

قدْ تَرَعْـــــرَنا بكَهْفٍ باذِخٍ

يَكْنِزُ الأسْفارَ طِرْسا يَحْمِلُ

 

بَيْنَ أمْواجِ مِياهٍ رَقْرَقَتْ

فَوْقَها الأطيارُ مِنْها تَنْهَلُ

 

وصُخورٍ لصِبانا داعَبَتْ

عِنْدَها كُنّا وفيْنا تَحْفَـــــلُ

 

زَوْرَقٌ مادَ وصَوْتٌ صادِحٌ

ومَســـــــــاءٌ بعَذيْبٍ يَهْدِلُ

 

وغُروبٌ بِضِياءٍ خافِتٍ

يَمْنَحُ الأفْقَ جَمالا يُذْهِلُ

 

كانَتِ الْدُنيا صَفاءً طيّبا

ولها الْكَهْفُ بَهاءً يَرْفِلُ

 

وكذا الأسْماكُ لهوٌ صَيْدُها

وطيورُ المـــــاءِ مِنّا تَجْفِلُ

 

قَصَبُ (الزَّلِّ) رعاها مَوْطِنا

كمْ أغَضْناها فشاءَتْ تَرْحَلُ

 

وعلى الْجُدْرانِ خَطّتْ سِفْرَها

أُمَمٌ عاشَتْ وفيْنا تأمَـــــــــلُ

 

فَوْقَهُ الْجُرْفُ فَضاءٌ مُطْلقٌ

 يَمْنَحُ النَّفْسَ أريْجا يُثْمِلُ

 

زُرْتُ كهفاً كانَ يَوْماً مَرْتَعاً

ودُموعـــــــيْ مِنْ أليْمٍ تَنْزلُ

 

لا نَقيقٌ لا غَرودٌ صادِحٌ

لا حياةٌ بلْ ترابٌ أقْحَلُ

 

أيْنَ ماءٌ واخْضِرارٌ رائِعٌ

وسَمــــــاءٌ بطيورٍ تَرْفِلُ

 

كلّها غابَتْ وماتَ ذِكْرُهــا

وإذا الكَهْفُ خَرابٌ أعْطَلُ

 

حارَ قاطولٌ ورُوحٌ غادَرَتْ

مَكْمَنَ الْـــــعِزِّ فتاهَتْ تجْهَلُ

 

كلّما عُدْتُ لوَقْتٍ واعِدٍ

أُدْرِكُ المَجْهولَ فيْنا يأكلُ!!

 

فسَلامٌ مِنْ بَعيْدٍ والِهٍ

لقَريْبٍ بفؤادٍ يَعْذِلُ!!

***

د. صادق السامرائي

25\11\2020

..........................

* القاطول: منطقة في سامراء تقع على نهر دجلة عند كهف عريق، "ونهر أبي الجند كان يُعرف بنهر القاطول، والرشيد أول من حفره وبنى على فوهته قصرا".

* الزّل: غابة صغيرة من القصب البردي في الماء تهاجر إليها الطيور المائية

 

في نصوص اليوم