نصوص أدبية

وليد العرفي: وللْحُرّيَّةِ قَفَصٌ آخر

وليد العرفيالإهداء: إلى (أسامة الأشقر) الأسير الفلسطيني*


 لسْتَ أسطورةً مِنْ نَسيْجِ الخيالْ

أنتَ تاريخُ شعْبٍ تَحدَّى المُحالْ

تَعْلمُ الدَّربَ

كيفَ الوصولُ إليهِ

وتعرفُ أنَّ الأماني بناتُ اليقينِ

وأنَّ الشُّطوطَ بعهدِ البحارِ إذا الموجُ ثارْ

تُدركُ السّرَّ ما بينَ مدٍّ وجزرٍ

تُطيّرُ سربَ يمامٍ إذا أقبلَ الغولُ

تغفو قريراً

ويبقى على قلَقٍ ذلكَ الغولُ ليسَ ينامْ

تصنعُ الحلمَ بينَ يديكَ تُزيّنهُ (ميمُ) أنْثى

تُكحّلهُ بيديكَ لتوقدَ

ــــــ رغمَ جدار القيودِ وزنزانةِ السّجنِ ــــــ

شمْسَ نهارْ

لسْتَ أسطورةً أو حكاياتِ نصٍّ

تقومُ على أنَّ بعضَ المعاني بتأويلِها يُمكنُ الزَّعمُ

بالأصْلِ والضدِّ

والفرْدِ والجمْعِ

والقُرْبِ والبُعْدِ

وحدَكَ أسقطْتَ منْ نحوِنا العربيّ تعدَّدَ هذي الوجوهِ

وعلّْمْتَنا أنَّ لا نظريَّةَ للنَّحْو تُبنى على الظَّنِّ والاحْتمالْ

لسْتَ أسطورةً

منذُ مبتدأ (الفاءِ) أنتَ تُحاوِلُ أنْ تبلغَ (الَّلامَ)

تسكبُ في (السّينِ) ماءً

تفيضُ إلى (الياءِ) تُخصبُ (نوناً) وتثمرُ حُبّاً بعيني (منارْ)

وحدَكَ الوقْتُ

تعرفُ كيفَ يُسلُّ منَ الغمْدِ سيفٌ !

وتعرفُ كيفَ يُصارعُ (خمبابُ) عصرٍ وكيفَ يُصاغ القرار !

وكيفَ تُعاشُ الحياةُ

و(للسَّجْنِ طعمُ مذاقٍ ــــــــ كما ذقْتَهُ ــــــــ آخرٌ)

مِنْ رحيقٍ

ومِنْ شهْدِ روحٍ

ودعوةِ أمّكَ

أعلنْتَها لحظةً للإرادةِ والانْتصارْ

كمْ تكلّسَ حسُّ العدوّ

وصبرُكَ ملحٌ على الجرحِ

يُعْشبُ زيتونةً منْ جُلَّنارْ ؟

لسْتَ أسطورةً يا أسامةُ

أنتَ الحقيقةُ

وعيُ الشُّعوبِ الَّتي عندما تستفيقُ الحياةُ بها

تعرفُ السَّمْتَ والبوصلَةْ

كيمياءَ الإرادةِ

أكسدةَ الجوِّ

جغرافيا المرحلَةْ

وتعي (H ــــــــــــ O) الحنينِ

وما في فلسطينَ مِنْ برتقالْ

تُدرِكُ الرُّوحَ

ما كنهُها ...

.... الجينَ

.... ذرَّاتِ ما في الطبيعةِ منْ نارِها والتُّرابِ

وما في الدَّواءِ مِنَ السمِّ

ما في البيادرِ مِنْ قمْحِها

والَّذي لمْ يزلْ سُنبلةْ

لسْتَ أسطورةً مِنْ بناتِ الخيالْ

وعيُ حُريَّةٍ

يا أسامةُ

أنتَ إرادةُ شَعْبٍ تَحدَّى المُحالْ

***

شعر: د. وليد العرفي

.....................

الخبر: أنه وقع بتاريخ 14/ 11/ 2002م في كمين نصبه جنود الاحتلال له في ضاحية شويكة بطولكرم، بعد مطاردة استمرت مدة عامين، وقد حكمت عليه سلطات الاحتلال بالسجن المؤبد 8 مرات و50 عامًا، بتهمة مواجهة المحتل.

ولكنه صنع حريته الخاصَّة به، فألّف كتابه: (للسجن مذاق آخر) الذي أبصر النور من خلف قضبان السجن، وفي ختام الاحتفال بكتابه تمَّ عقد قران الأسير: أسامة الأشقر على الطبيبة (منار خلاوي). فإليهما وللشعب الحي في فلسطين كتبت القصيدة.

 

 

 

 

في نصوص اليوم