نصوص أدبية

عادل الحنظل: مداخلات خيّاميّة

عادل الحنظل(أذا كنـتَ تـجزي الـذنـبَ مني بمثلهِ)   

 (فـمـا الـفرقُ ما بـيني وبينكَ ياربّي)


  

(إلـهيَ قـلْ لي مـن خـلا من خطـيئـةٍ)   وذلـكَ إبــليـسٌ خـلَقْــتَ لـكي يـسـبـي

فـكيـفَ ترى مـن مـاتَ بـيـن حـبالهِ    (وكيف ترى عاشَ البَريء من الذنبِ)

(أذا كنـتَ تـجزي الـذنـبَ مني بمثلهِ)     وتـجعلُ عـقبى ما حَكَمْتَ على جنبي

وتـغـضـبُ مـن فـعـلٍ عـليَّ قَـسَـمْـتَهُ     وأنتَ الـذي في بـطـنِ أمّي رسَـــمْـتَهُ

(فـمـا الـفرقُ ما بـيني وبينكَ ياربّي)

***

(يـقـولـونَ حـورٌ فـي الغـداةِ وجـنّةٌ)      كـذلكَ وِلـدانٌ لـمـن عـاشَ في طهـرِ

نـعيــمٌ وأعــنـابٌ بـهــا ومـبــاهــجٌ       (وثـمّةَ أنهـارٌ مـن الشهـدِ والخمرِ)

(اذا أخترتٌ حوراءً هــنا ومُدامةً)       وصيّرتُ من كأسي نديما الى الفجرِ

وصاحـبـتُ مـن تهفـو عليّ صبابةً       وداعـبـتُ فــيــها ما وعـدتَ مـثابـةً

(فما البأسُ في ذا وهو عاقبةُ الأمرِ)

***

(قـالَ شـيـخٌ لمومسٍ أنتِ سكرى)      لـــكِ ساقٌ للــطــالـبـيـن ونَــهــدُ

هـمُّـكِ الاوحــدُ اقـتـنـاصُ مُـريـدٍ      (كــلُّ آنٍ بــصـاحـبٍ لــكِ وجـدُ)

(فـأجـابتْ إنـني كـما قلتَ ولكن)       لــيسَ بي مـن ريـاءِ مـثلكَ عهـدُ

أتُـــرى تــحــتَ عِــمّـةٍ وسجودٍ       ودعـــاءٍ تـــقــولــهُ لــحـشـــودٍ

(أنتَ حقّا كما لدى الناسِ تبـدو)

***

(إنْ كنـتَ تـفـقهُ يا هـذا الـفقيهُ فَلِمْ)     تَعيى عنِ الفَهـمِ في رَفـضٍ وإنكارِ

إنْ لم تجدْ حجّةً في ردّ ما عـلمـوا      (تـلحـو فـلاســفـةً دانـوا بأفـكـارِ)

(همْ يبحثونَ عن الباري وصَنعتهِ)       في العقلِ لا في تَخاويفٍ من النارِ

يستقرؤونَ مـن البُـرهانِ حِجّـَتَهمْ        يـنيـرُ ضوءُ فـتيـلِ العِـلمِ ظُلمَتَهَمْ

(وأنتَ تبحثُ عن حيضٍ وأقذارِ)

***

(مـن نـالَ ذرّةَ عـقـلٍ عـادَ منـتبـها)       مُستقطِرا من صِعابِ الدَهرِ بهجَتَهُ

يـمضي بلا عَجَـلٍ فـي نـيـلِ غايتِهِ         (فلَمْ يُضِعْ من ثمين العمرِ لحظَتَهُ)

(إمّـا سـعى لـرضاءِ اللهِ مُجـتهـدا)         مُستحـرما دونَ شـرعِ اللهِ مـتعـَتَـهُ

ومُحجِما عن جميلِ العيشِ منعزلا         يخافُ من غدهِ خوفَ الجبانِ خلا

(أو عبَّ كأسَ الطلا واختارَ راحَتَهُ)

***

(يـقـولُ الــمتـّـقونَ غـدا ستحـيى)       ويـومُ الـحشــرِ فــي عــقـباكَ آتِ

سـتـلقـى فـي جـنانِ الـخُـلدِ عـيشا        (عـلى مـا كـنـتَ في هذي الحياةِ)

(لـذا أخـتـرتُ الحـبـيـبةَ والحُميّا)        أُسـلّي فـيهـما ما أسـطـعْتُ ذاتـي

وأغـــنـمُ لـــذّةً فــي كــلّ حــيــنِ       وأمـرحُ فـي الشــمالِ وفي اليمينِ

(لأُحشــرَ هــكــذا بـعــدَ المماتِ)

***

عادل الحنظل

.....................

*عندما كنت لا أزال طالبا في كلية العلوم، في بداية سبعينيات القرن الماضي، تولعتُ كثيرا برباعيات الخيام مما جعلني اشطّرُ عددا منها لأشباع رغبتي لا أكثر. بقيت مشطراتي للرباعيات لي وحدي ولم أعرض أيا منها على أحد حتى جائتني هذا اليوم مكالمة من أستاذي وقدوتي في الشعر الصديق يحيى السماوي والتي جرّنا الحديث فيها عن الشعراء الذين ترجموا رباعيات الخيام. ذكرتُ أثناء الحديث أنني في أيام الشباب شطّرتُ عددا من الرباعيات واحتفظت بها فردّ علي الكبير السماوي أن تذكير الناس بالرباعيات لا يجب أن ينقطع وأن علي أن انشر ماقمت به من عمل. وها أنا الآن أنشر بعضا من مشطراتي للرباعيات مع التذكير انني قمت بهذا العمل في عام 1971 تحديدا، أيام لم تكن لي أي تجربة عملية في الشعر، فعذرا من الأخوة القرّاء إن رأوا في عملي هذا شيئا من الضعف التعبيري. هذه الرباعيات من ترجمة أحمد الصافي النجفي.

أعرب عن جزيل شكري لأخي الكبير واستاذي يحيى السماوي لتشجيعي على نشر هذا العمل القديم.

** الأشطر بين الاقواس هي الرباعيات.

 

في نصوص اليوم