نصوص أدبية

عقيل العبود: مذكرات عالم

عقيل العبودأمسى الألم أكثر تفاقمًا من ذي قبل، قرر أن يترك عمله كما أوصاه الطبيب المختص بأمراض الأعصاب. فكر مع نفسه بشيء ما، راح يحتسي كوب الشاي الذي أمامه ببطء متأمل، متحديًا أوجاع مفاصله التي جعلته يشعر بالوهن.

سأل نفسه عن ألغاز ما تجسد أمامه، استعاد مشاهد الصور التي تعود إلى زمن مضى.

بقيت الخطوط المرسومة أمامه قائمة في الفراغ، بينما انصرفت أفكاره إلى حقائق لها علاقة بأحداث الحاضر.

"إذن علي بتدوين ما أدركته لاحقًا"، قالها مع نفسه باندفاع.

أضحت ذاكرته منشغلة، بتصفح موضوعات لها علاقة برسومات تم تركيبها بألوان مختلفة.

غدت نفسه أكثر توقا للتقصي في قوانين الفيزياء التي فهم بعضًا منها بفضل صديقه المحاضر في المادة المذكورة، وبدرجة تكاد لا تختلف عن المعادلات التي أحب التحقيق فيها في علم الكيمياء، وجد نفسه محاطا بأبحاث فضاءات هذا العالم الفسيح.

صار بإمكانه أن يفهم أيضا في الجينات، والطب والهندسة، والرياضيات.

أحس بالأمل يسري كما الدم في العروق ، أمسك كمامة قميصه، الذي أهداه إياه ابنه بمناسبة عيد ميلاده الذي شارف على الستين.

راحت عيناه تتطلع الى الجامعة التي يعمل فيها، إتسعت مساحة أفكاره.

أصر أن يدون إملاءات مشاعره، لعلها بها يتم الاستعانة بما تم التوصل اليه تاركًا خلفه تاريخًا من التفاصيل.

أمضى خطوات رحلته القادمة متخطيا جميع العقبات. نظر الى تجاعيد وجهه التي استقرت بعض خطوطها مع مفاتيح تلك الأسرار. لم تكن حركته كما كانت بالأمس القريب، فهو لم يعد يقوى بعد ان يتحمل الوقوف طويلًا، لكنه صار أكثر حرصا على الوقت.

أصبحت مهمة البحث لديه أكثر إلحاحًا حتى لو تطلب الأمر أن يفني عمره لأجلها.

وجد نفسه مواكبًا على ما تم الإمضاء عليه مع نفسه.

حول بيته الى مكتب للبحث العلمي، وضع مكتبًا لدراسات الكيمياء ، وآخر للفيزياء

وهكذا وجد حلًا لمشروع أطروحته المعلقة، والتي هي عبارة عن سلسلة محاضرات، بقي قسمًا منها قيد التدوين على أمل إضافة استنتاجات أخرى جديدة.

***

عقيل العبود/ كاليفورنيا

 

 

في نصوص اليوم