نصوص أدبية

عقيل العبود: مشهد مصور.. مقابر جماعية

عقيل العبودعبر مسافات تقبع خلف قضبان سجن مفتوح، هنالك في معسكر من معسكرات الجيش، راحت الأرتال البشرية تستعد لملاقاة حتفها المحتوم؛ تقلها حافلات مخصصة لنقل الركاب، حيث مع عذاب تلك الأرواح، استعاد الكابوس زعانف جبروته المرعبة، معلنا عن أحكام عرفية تكاد أن تكون أكثر صرامة من ذي قبل، وبذلك استيقظت قبور لتحل محلها أخرى

*

انتصفت ساعات النهار، راح يستقبلها الخوف، بينما عند الضفة الثانية من المكان، تحولت الأجساد المنهكة إلى أعمدة يسكن في أحشائها الفزع

عمّ الإنذار جميع المحطات، وساد المكان صمت مطبق؛ ذلك إذعانًا لتصفية قائمة أخرى من قوائم الحتف المجند

*

ومع تلك الحشود من القوافل، حيث مع شتاءات استعدت أنفاسها لتفارق الحياة، باتت بصيرتي عالقة عند أنقاض سماء اكتظت برائحة الاندثار

*

أما الأشجار فقد قررت أن تغفو عند بقاع أرض تم الحكم عليها بالإعدام رميًا بالرصاص

 

صارت الكتل البشرية كأنما مثل مجزرة تمزقت عروقها، لتنزف ذرات حزنها المنكوب بعد أن تقرر الحكم على مصادرة ما تبقى لها من خراب

عندئذٍ تم اختيار طوابير أخرى من العسكر، استئنافا لتنفيذ أحكام الإبادة

*

اندكت رائحة الحياة مع دعاء امرأة حبلى سقط جنينها، لتنال مصرعها مع زفير استغاثات تصدعت مع تشتت عروقهم النابضة، أولئك الذين راحوا يتساقطون تباعًا، ليتم دفنهم بشفرات الآليات التي تم تخصيصها لذلك النوع من المقابر

*

انسلت أحزان الليل، لتقاسم الفجر شتات الشقاء الذي امتزج بصرخات أنينهم، وهم يطلقون زفرات آخر ما تبقى لهم من رمق

*

استلقى الوطن عند مخاض ملاكات مكبلة بالدم؛ ذلك عبر مقصلة أتيح لحاكمها أن يستعيد سيوف عنجهيته المتجبرة

*

ومع دموع عجوز طاعنة في السن، تم الإعلان عن آخر ما تبقى من معاينة؛ ذلك تزامنا مع صرخات طفلة أعلنت تمردها لتغادر أوجاع الزمن.

***

عقيل العبود/ كاليفورنيا

.......................

* حدث هذا إبان تسعينيات القرن المنصرم، ما يطلق عليه "الانتفاضة الشعبانية" في معسكر المحاويل، حيث تم تنفيذ أوامر الإبادة الجماعية لأبناء المحافظات المجاورة لمنطقة الحلة، والمناطق المحيطة بها.

 

في نصوص اليوم