نصوص أدبية

صادق السامرائي: كُنْهُ النَفسِ!!

صادق السامرائيأ مِنْ عَلياءِ مَوطِنِها أتَتنا

وما كحَمامَةٍ وَفدَتْ إليْنا

 

هيَ النفسُ التي فينا تآوَتْ

بأوْعيــــةٍ تُميّـــــزنا كأنّا

 

وطاقاتٍ مُبَعَّثَةٍ بفِعْـــــــلٍ

وعُنْصُرُها يوشِّجُها بكُنّا

 

بقاعِ الدُونِ سَيِّئةُ المَعــاني

تَسودُ العَقلَ مَرْهوناً مُعَنّى

 

فما لامَتْ ولا سَكَنَتْ قِواها

مُؤيَّدةً بشيْطانٍ تَمَنّى

 

تُؤمِّرُنا بآثمةٍ وأخْــــرى

نُسابِقُها فتُهْدينا الضَنيْنا

 

على وَجَعٍ مِنَ المَرْغوبِ سِرْنا

يُغرِّرُنا ويَمْنَحُنا المُشِينا

 

تَهابَطَ كوْنُها في كَــــوْنِ طيْنٍ

فَصاغَتْ مِنْ أنينِ التُرْبِ لَحْنا

 

ألا تبَّتْ نفوسٌ في الْتِياعٍ

لأوْهامٍ تُتوِّجُها فتَدْنى

 

كأنّ مَرامَها فَتْكٌ بخَلقٍ

وإمْعانٌ بداهيَةٍ طَوَتْنا

 

فَهَلْ صَدَقَتْ إذا كَشَفَتْ غِطاءً

تُغادِرُنا لعَلياءٍ فنَفْنى؟!!

 

مُجَهَّزة بغَلواءِ ابْتِزازٍ

لتَعْصِرَنا وتَمْزِجَنا بأنّا

 

فما لاحَتْ نفوسٌ ذاتُ مَنأى

وقد وَجَدَتْ بأبْدانٍ مَعيْنا

 

تُبادِلنا الهواجِسَ والخَفايا

وتُطعِمُنا النَوازعُ مُسْتَهيْنا

 

تُعللنا وتَخْدَعُنا بوَهْمٍ

يُطارِدُنا وهَمٌّ يَزْدَريْنا

 

تُرابٌ خائِبٌ يُدْحى بجِسْمٍ

تُوَقّدُهُ الخَطايا مُسْتَكيْنا

 

نُبادِلُها التأنُّسَ بانْجِزاعٍ

فتُمْهِلنا وتُجْرِعُنا السَخيْنا

 

تُراثُ وُجودِنا فيها تَردّى

وما زالَتْ تطوِّقُنا لتَغْنى

 

مُحَجَّبةٌ ولكنْ في سَرابٍ

لتوهِمَنا بإجْهادٍ فنَعْنى

 

 أراها ذاتَ إمْعانٍ بِشَرٍّ

وعاديَةٍ أجادَتْ قوْلَ فُزْنا

 

أرادَتْ أكْلَ إنْسانٍ بصَمْتٍ

فجاءَتْ تَرْتَدي سُتُراً وأمْنا

 

تَخَدَّعَ واجدٌ بمُنى لذيذٍ

ليُطعِمُهُ الهَوى زهْواً وفُتْنا

 

وما نَسِيَتْ عُهوداً في عُلاها

وقد مَكَثَتْ فأغْوَتْ مُسْتلينا

 

وكمْ لهبوطِها مَسَكَتْ مَلاذاً

يؤالِفُها ويَمْنَحُها الثَميْنا

 

ولولا إنّها وثبَتْ إليْنا

لَما وجَدَتْ لها صَرْحاً مُبيْنا

 

ألا فَرِحَتْ وما بَكِيَتْ بسِفْرٍ

دموعُ عُيونها تَأبى الوَطيْنا

 

وما سَجَمَتْ بما شنِئَتْ وشاءَتْ

فأتْعَبَتِ الخَلائِقَ والجَنيْنا

 

إذا جِئْنا بَكيْنا مِنْ لظاها

لتَدْرُسَنا وتوردَنا الدَميْنا

 

لقد كذبَتْ فلا شرَكٌ أتاها

ولا قَفَصٌ يُمَنِّعُها الحَنيْنا

 

كوَحْشٍ سابغٍ أفْرى فَريْساً

وغادرَ مَوْضِعاً وقَضى الكَميْنا

 

تَفَلسَفَ عالمٌ وأتى غَريْبا

وشطّرَ ذاتَنا ورأى الحَزيْنا

 

أ يُعقلُ أنَّها وفدَتْ بأمْرٍ

على كُرُهٍ ودامَتْ تَحْتويْنا؟

 

وما نُزِعَ الغطاءُ ولا حِجابٌ

وسَوّاها الذي جَمَعَ القريْنا

 

فهذا الطينُ مِنْ ترْبٍ وماءٍ

فأضْحى كائناً كَلِفاً مَكيْنا

 

أغاريدٌ على دَوْحٍ بَعيْدٍ

تُكذّبُها السواجِمُ إنْ بدَيْنا

 

تَجيْئ بكلِّها فيها فَعيْلٌ

وقد راجَتْ لتلقِمُنا الشَنيْنا

 

عَدوَّةُ جَمْعنا ولنا سِلاحٌ

يُدجِّجُنا ويودِعُنا الضَغينا

 

كمُخْبرةٍ لمَوْلاها أراها

ودَعْواها سَتكتُبُ ما كَسَبْنا

 

و"سِينا" إبْنُها جَمَعَ الثَنايا

فأظهَرَها مُفلسَفةً وديْنا

 

ونَفْسٌ طاقةٌ كُبْرى وصُغْرى

تُوَلّدُها خَلايا لا تُريْنا

 

كأنَّ فجورَها سَعْيٌّ لتقوى

فألْهَمَها وأهْداها إليْنا!!

***

د. صادق السامرائي

..............................

* تفاعل مع عينية إبن سينا في النفس، ربما أشبه بالأرجوزة، لكنها ليست على بحر الرجز.

 

في نصوص اليوم