نصوص أدبية

عبد العزيز قريش: قلق الوجود في طيف حبيبة

(مهداة لمن أحب سراب حبيبة، يحبها الجميع، وتنأى بحبها عن الكثير، ليطبع معها الوجود)

***

حبيبتي ليست مثل حبي، طيف يناديني، وسراب في دربي،

تعشق كل المحبين، وتمسح عن عينيها دموع العاكفين،

ترمي رذاذ عطرها من فوق قلوب التائهين،

هي واحة المخمورين في صحاري العاشقين، ومعبد المنبوذين،

من كتبوا الأساطير على مفاتن جسدها وجدانيات الأمل المفقود،

بين التواجد، والوجد، والوجود، لهيب القلق الموعود،

بأن الحب يأتي مرة في العمر، ثم ينزع للفناء في المحبوب،

جسد طري مطرز بالأخدود، وبقايا وجود، على أطراف الروح،

تحذر كل عابر للحدود من مصير مجهول،

على أعتاب الحروف والندوب، ومعالم الصمود،

هنا حبيبتي مجرد قوس قزح شاحب في شتاء بارد، ما عاد كالشتاء!

قابع في أدراج الغيوم والسحاب والمطر المسجون بين الشمال والجنوب،

ينتظر الرياح نسغا في عروق الأوراق،

وماء في اللحاء والجذور،

وحياة لمن مات غرقا في هواها، ثم رجع يبحث عن شظايا الكلمات،

في مذكرة هجرها الورق والقلم والكلم؛ وحشرجت روحها عند الغروب،

حبيبتي أنت فاتنتي، قاتلتي، أنا أعدو وراء ظلك، فوق خطواتك،

يسابقني الأمل، يخبو حين يلوح خيالك خلف أحلامي،

فلماذا حبيبتي تجافيني، تهجريني، تعاتبيني؟

ما عدت أغويك، حبيبتي! لأني هائم في هواك،

فأنت ورقة من شجرة أيامي، سقطت من حياتي،

فأنت حبيبتي؛ الدنيا التي تسعني ولا تسعني وتنسفني،

لك كل الألحان والأنغام والأوتار،

فارحلي عني إلى مدافن الشجون ...

حبيبتي أنا خلفك أتلو كل التراتيل،

وأحمل كل المآذن والأجراس،

وأودع السراب والتراب في مساحيق الوجه وأحمر الشفاه ...

وباكورة أزهاري في بساتين بلادي،

فأنت وهم من أوهامي ...

فلا تبحث عني، فأنا صرت تحت الرمال والأنقاض ...

أحن إليك بعد الفناء ...

***

عبد العزيز قريش

فاس في:02/02/2024

 

في نصوص اليوم