نصوص أدبية

باسم الماضي الحسناوي: سنابل للعَزاء

باسم الحسناويغسلَ الشِّتاءُ فمي وقُدْسَ دمائي

فعليكِ سيدتي بذبــــــــحِ شتائي

أنتِ الصغيرةُ مثل نومِ قصيدتي

في مهدِ رأسي قبل خنْقِ فضائي

لا تحسري الظلَّ المواربَ عن فناءِ

عواطفي واستسلــــــــمي لِضيائي

ما قلتِهِ بالأمسِ كان نكايةً

بالذاهبينَ لرحلةِ الإسراءِ

قولي سوى ما قلتِ، قولي إننا

نبغي المسيرَ على عُبابِ الماءِ

ونريدُ في الليلِ السباحةَ في الهواءِ

الطلْقِ فوقَ تخومِ أيِّ سمـــــــــاءِ

ونريدُ أيضاً أن نصمِّمَ وحيَ خيرِ

نبوَّةٍ توحى إلى الصَّحراءِ

أحرقتُ ألفَ مدينةٍ ومدينةٍ

لأعودَ ثانيةً إلى الرمضاءِ

فهناكَ أشعرُ أنني ذو همةٍ

قصوى لأرفعَ في الفراغِ بنائي

ما كلُّ من يبني يكونُ مهندساً

بدليلِ أني مدهشٌ ببكائي

ولديَّ فاتنتي دليلٌ آخرٌ

هو مستمدٌّ من رحيقِ غنائي

لو نكبةٌ حاقت بنفسي إنَّما

ثغرُ الحبيبِ سنابلٌ لعزائي

فتعهَّدي أيامَ حزني كلَّها

إذ كلُّها داءٌ بكنهِ دواءِ

ذرعاً أضيقُ بكلِّ أرضٍ ها هنا

فالأرضُ فلسٌ في يدِ الجوزاءِ

ذرعاً أضيقُ بكلِّ أجيالِ النساءِ

من المحيطِ إلى محيطِ ردائي

فأنا أفلسفهنَّ عشقاً بعد آخَرَ

ثمَّ أشكرُ نعمةَ الإغضاءِ

ما تبصرينَ من الكواكبِ في السَّماءِ

جميعُهنَّ من السَّنا أعضائي

فالشمسُ إن دارت تدورُ برغبتي

ويحرِّكُ الفلكَ الكبيرَ ندائي

وأشاءُ حيناً أن أنزِّهَ ضحكتي

فأراهُ ينبح راكضاً كجراءِ

لا تفزعي منها فلن تخشى التي

قتلت جيوشَ النَّومِ صوتَ عواءِ

أنا سيِّدُ الدنيا بكلِّ شؤونها

بالذاهبينَ سدىً وبالأحياءِ

ما ذاكَ إلا أنني حوصرتُ

فالصرعى أمامي والحياةُ ورائي

وأنا كذلكَ أعظمُ الشعراءِ مذْ

أقلمتُ أشعاري مع الإقواءِ

الشعرُ ينطقُ بانزياحٍ دائماً

ويزيدُ من قدسيَّةِ الأخطاءِ

أنا لستُ في نظرِ القصيدةِ شاعراً

بل فيلقٌ يمشي من الشُّعراءِ

من أجلِ حسناواتهم ضربوا على

صدرِ الحِمامِ وقبَّلوا بحياءِ

نظرٌ لديهنَّ الحقيقةَ خاطفٌ

لكنَّهُ بحرٌ بلا ميناءِ

أنا ليسَ عندي مانعٌ أبداً إذا

صيَّرنَني سمكاً بكلِّ دهاءِ

وشوينَني وأكلنَني، والفخرُ لي

أن قد غدوتُ لهنَّ لحمَ شواءِ

حتى إذا قامت قيامتُنا يكونُ

الحشرُ لي من غادةٍ سمراءِ

وكأنَّما ذئبانِ وحشيّانِ

عيناكِ اللتانِ تصارعانِ إزائي

وكقطَّةٍ تسعى وراءَ الفأرِ

بسمتُكِ التي قد أسرَعت بفِنائي

لا فرقَ بينَ سنيِّ عمرٍ كاملٍ

وزمانِ ثانيةٍ بحكمِ فَنائي

فلتعبدي كاللهِ في الجدرانِ لي

صوراً فما الجدوى وإنِّيَ ناءِ

ما النفعُ بالكفَّينِ من حملِ المياهِ

لظامئٍ في الصَّيفِ دونَ إناءِ

أمٌّ من الحصباءِ ترضعُني الحليبَ

كذاكَ يلثمُني فمُ الحصباءِ

ولذا ترينَ جفافَ روحي هائلاً

فيخيفُ حتى خافقَ البيداءِ

ولكم تمنَّيتُ الحياةَ تطولُ أكثرَ

كي أقاتلَ في حروبِ هَبائي

فإذا انتصرتُ فأنتِ عرشُ حكومتي

وإذا اندحرتُ فأنتِ رمزُ وفائي

***

باسم الماضي الحسناوي

 

 

في نصوص اليوم