نصوص أدبية

باسم الماضي الحسناوي: آمنٌ في أحضانِ نشوتي

باسم الحسناويأشبِّهُ محبوبي بتلٍّ من السُّكرِ

              وتهطلُ أمطارٌ عليهِ من الشِّعرِ

ويجلسُ فوقَ التلِّ نجمٌ من الكرى

            على أمَلٍ أن يكشفَ الوجهَ للبدرِ

زحفتُ إليهِ مثل أفعى رحيمةٍ

                بأبناءِ حوّاءٍ وقبَّلتُ في الثَّغرِ

فخافَ من الأفعى الرحيمةِ ثمَّ لم

               يحسَّ بلدْغِ السمِّ فارتاحَ للأمْرِ

وشيئاً فشيئاً صارَ يعشقُ قُبلَتي

      ويكتبُها في مصحفِ الأنجمِ الخُضْرِ

وزادَ على هذا فراحَ يشمُّني

             كأمٍّ تشمُّ الطفْلَ في ساعةِ الفجرِ

زمانُ الهوى أيامُ عامٍ بأسرِها

               ووقتُ عناقي وحدَهُ ليلةُ القدْرِ

               ***

على الرُّمْحِ رأسٌ يفخَرُ الرُّمْحُ أنَّهُ

          عليهِ وإنَّ الرُّمْحَ في صورةِ النَّسْرِ

يحلِّقُ في الجوِّ البعيدِ هناكَ في

               أعالي سَماءٍ فذَّةٍ داخلَ الصَّدْرِ

قواعدُ نحوِ النَّسْرِ جدُّ جميلةٍ

      وليسَ لها عيبٌ سوى النُّطْقِ في يُسْرِ

ففاعلُها المرفوعُ يُنصَبُ دونَ أن

                تحسَّ بلبسٍ في دلالتِهِ يجري

ومفعولُها المنصوبُ ليسَ بضائرٍ

           به الجرُّ لو مالَ السِّياقُ إلى كَسْرِ

ولا فرقَ لو أنَّ الحروفَ تجاورَت

               ومن حقُّهُ همسٌ تحوَّلَ للجهْرِ

وقد يمدحُ الرُّمْحُ الحياةَ مؤكِّداً

              وليسَ يؤولُ المدْحُ إلا إلى قبرِ

فتفديكِ روحي يا قبورَ أحبَّتي

          من الكلماتِ السّاعياتِ إلى الحشْرِ

بها يفخرُ اللهُ العظيمُ وما لهُ

        بغيرِ اعتصامِ اللبِّ بالقلبِ من فخرِ

              ***

دعوتُكِ أن كوني بقلبي عواصفاً

               بما آلَ قلبُ المستهامِ إلى بحرِ

وكنتُ دعوتُ الشعرَ أن كنْ سفينةً

            لتغرقَها الأمواجُ في لجَّةِ السِّحْرِ

لدى قطعةٍ من ثلجِ حبِّ حبيبتي

              حرائقُ أدناها سديمٌ من الجمرِ

من الجمرِ إنسانٌ تحدَّثَ بالهوى

            جهاراً فحزَّ السيفُ أوردةَ النَّحْرِ

على جذعِ نخلٍ سمَّروهُ لأنَّهم

                على ثقةٍ أن يستحيلَ إلى تمرِ

طعامُهُمُ اللحمُ المطبهَجُ بالجَوى

               وما لهمو إلا مراثيهِ من خمرِ

أنا آمنٌ جداً بأحضانِ نشوَتي

           إلى حدِّ أني لستُ أهدأ من ذعري

ملأتُ جيوبي بالمنافي وأنجبت

           منافيَ أخرى طاعناتٍ من الظهرِ

لدى بيتِ شعرٍ كلَّما قيلَ شطرُهُ

         تكاملَ يبقى في احتياجٍ إلى شطرِ 

فأحتاج أن أحيا دهوراً عصيةً

           لأعرفَ ما مغزى مزاولةِ العمرِ

لقد هدَّمت جدرانَ عمري معاولُ

            البيوتِ التي ما هدَّمتْها يدُ الدَّهرِ

فوا أسفا أني قضيتُ بمفردي

وصرتُ حبيسَ الضَّوءِ في قبضةِ الصَّخرِ

شموسي التي أشرقتُها من ملامحي

        خبت وهي عما قد عرانيَ لا تدري

ولكنَّ ليلاً مثل طفلٍ مشاكسٍ

            تزاورَ عن قبري وناولَني بدري

وقالَ عليكَ الآنَ أن تركبَ المدى

             بُراقاً إلى حيثُ التنافسُ بالوزْرِ

فمن وزرُهُ ينمو ليصبحَ غابةَ الخطايا

             فطوبى، والذي تابَ في خُسْرِ

               *** 

باسم الماضي الحسناوي

 

 

 

في نصوص اليوم