نصوص أدبية

صادق السامرائي: الإنسان!!

صادق السامرائيأيُّها الكَوْنُ الفَسيْحُ الأصْغَـرُ

هَلْ بِها تَشقى وأنْتَ الأكْبَرُ؟

 

عِلّةُ الإنْسانِ في نَفسٍ طَغَتْ

وأبوهـــــا مُنطَواهُ المُنكَرُ

 

فِعْلُ خيْرٍ إبْنُ شَرٍ كامِنٍ

وكَذا الأشْرارُ فيها تُبْحِرُ

 

أنْتَ مَرْهونٌ بنَفْسٍ خاصَمَتْ

وتَعالتْ فَـــوْقَ عَقْلٍ يُعْقــــَرُ

 

يُعْجِزُ الأدْيانَ مَهْووسُ الرُؤى

وعَـــدوٌّ مِـــنْ عَـــــــدِوٍّ يَثْأرُ

 

بنُفوسٍ في هَواها أشِرَتْ

ورَغيْبٍ مِنْ رَغيْبٍ يَنْفِرُ

 

وعلى الإشْراقِ ألقَتْ حِمْلها

وغَشاها أصْفَرٌ أو أحْمَرُ

 

غابُ فِعْلٍ وسُلوكٍ غادِرٍ

جَعَلَ القَتلَ لقَتلٍ يَنْصِرُ

 

كَشَّرَتْ أنْيابُ سُوءٍ فائِقٍ

وإذا الخَلقُ بخَلقٍ يَعْثَرُ

 

وبِها الأدْيانُ أضْحَتْ لَعْنَةً

وقِناعاً لمُسيْئٍ يَزْأرُ

 

هكذا دامَتْ بأرْضٍ كابَدَتْ

صَوْلةَ الإجْرامِ فيها تَنْهَرُ

 

مِثلما دارَتْ يَدورُ خَلقُها

كلّها بَعْضٌ وبَعْضٌ يَنْحَرُ

 

أيّها الكوْنُ المُؤتّى كالثَرى

جُبِلَ الطينُ كذاتٍ تُهْدَرُ

 

ما لها الدُنيا تَساقَتْ نازفاً

واسْتَطابَتْ ما بحِقدٍ يُسْجَرُ

 

إنَّها عاشَتْ أساها وانْتَشَتْ

وبألوانِ عَذابٍ تَحْضَرُ

 

ومِنَ الأوْجاعِ ناءَتْ واشْتَكتْ

وبِجُرْحٍ لجِراحٍ تَسْتُرُ

 

عانَقَتْ روحَ زمانٍ بائِسٍ

وتَفانَتْ بدَنيْئٍ يَغْدِرُ

 

كلُّ نَفْسٍ دونَ رَدْعٍ فَتَكَتْ

وتَمادَتْ بخَطيْلٍ تَفْخَرُ

 

بشرٌ أنْتَ وفيها أشِرُ

إخْلعِ الباءَ فأنْتَ الآمِرُ

 

لا تَقُلْ إنّا وأنّي ما بَدى

نَقمَةُ الذاتِ بذاتٍ تُطمَرُ

 

أنّها نَفْسٌ ونَفْسٌ شاكَسَتْ

نَبْعَ روحٍ ولعَقْلٍ تَنْهَرُ

 

مَجْدُها أخْذٌ وسَفكٌ للدِمى

وحُطامٌ بحُطامٍ يُجْبَرُ

 

كُرْبَةُ الأيّامِ مِنْ سُوءِ المُنى

وكَثيرُ الناسِ شَرٌ أغْبَرُ

 

كُلما زادَتْ نفوسٌ إعْتدَتْ

وتَواصَتْ بسلوكٍ يَعْسِرُ

 

أنْتَ مَوْجودٌ كوَحْشٍ كاسِرٍ

بدِماءِ الغَيْرِ يَرغى يَسْكُرُ

 

كلُّ ألوانِ رجاءٍ أهْمِلتْ

أحْمِرُ اللونِ جَميلٌ يُبْهِرُ

 

آلةُ السَيْفِ أبادَتْ أمّةً

حَزُّها الأعْناقُ فِعْلٌ أقْدَرُ

 

بَيْنَ نَطْعٍ وسُيوفٍ ظلمَتْ

وقويٍّ لنديدٍ يَجْزِرُ

 

وبدينٍ أمَّةُ فيها شَقَتْ

لرِسالِ الديْنِ صارَتْ تَهْجُرُ

 

ديْنُها فِسْقٌ فَسادٌ شائِعٌ

وفَتاوى لمَصيْرٍ تَبْتِرُ

 

أمَّرَتْ نَفْسٌ وسُوءٌ ديْدَنٌ

وقَضَتْ دِيْنٌ بنفسٍ يُدْحَرُ

 

عالِمُ الغَيْبِ يَرانا كُلنا

مِثلَ أسْماكٍ بمَوْتٍ تَكْثِرُ

 

يا صِراطَ البُعْدِ في جَوْفِ الوَغى

أزليٌّ شأوُها لا يُبْصِرُ

 

مُنْتَهى العُدوانِ خَيْباتُ الأنا

لتُرابٍ أنتَ تَسْعى تَحْفرُ

 

يا قَريْنَ الأيْنِ يا شَجْوَ الضَنى

كلُّ مَأوى لشرورٍ يَخْسَرُ

 

كنْ بها وَرداً شَمَمْنا عِطرَهُ

لا تكُنْ شَوْكاً نَحوساً يَزْجِرُ

 

مِنْ تُرابٍ صَنَّعَتْ أطْوارَها

وتُرابٌ آكِلٌ ما تُضْمِرُ

***

د. صادق السامرائي

6\1\2022

 

 

في نصوص اليوم