تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

مصطفى علي: في وداعِ آخِر الدراويش

نَعى صَريعَ المُنى أم قد بكى الناعي

نديمَ مَنْ عَطَّروا الرُؤيا بِنَعْناعِ

*

سليلَ مَنْ أدْمنوا التَرْحالَ قافِلةً

تَقْفو الشيوخُ بِها أثارَ أيْفاعِ

*

حفيدَ مَنْ نَحَتوا الأوتارَ مِنْ حَجَرٍ

فَسالَ مَدْمَعُهُ شَلّالَ إبْداعِ

*

دِرْويشَ شِعْرٍ بِلا شيخٍ وَ مَسْبَحَةٍ

مُسَبِّحاً دونما صوتٍ وَ مِذْياعِ

*

بّلْ هامَ مُرْتَشِفاً سِرّاً طريقَتَهُمْ

وليسَ في بالِهِ تَرْويضَ أتْباعِ

*

حَطّابَ فَجْرٍ بها الحَطّابُ عَمّدَهُ

في طَلِّ غاباتِهِ أو دمْعِ. زُرّاعِ

*

يَصيحُ في قومِهِ لا لسْتُ مُتّخِذاً

سِوى كؤوسِ الطِلا نُدْمانَ إيقاعي

*

كَسادِرٍ قلبُهُ الدرويشِ مَجْمَرةٌ

يشقى بأمْزِجَةٍ شتّى وأطْباعِ

*

لَمّا تَواجَدَ في تَنّورِ باطِنِهِ

أغارَ مُنْتَقِماً مِنْ لُبِّهِ الواعي

*

صوْتُ النَعِيِّ كَديكِ الفَجْرِ أيْقظنا

وكم أذانُ الردى أوْدى بأسْماعِ

*

دموعُنا أدْمنتْ توديعَ مَنْ رَسَموا

نَزْفَ القرائحِ من نورٍ وإيلاعِ

*

صرعى القصائدِ والأبياتِ دونَهما

(بابٌ يُلاحِكُ مِصْراعاً بِمِصراعِ)

*

يَخُطُّ أحْرُفَهُ الجذلى على كَبِدٍ

حَرّى وَ قَدْ شُوِيَتْ في جوْفِ مُلْتاعِ

*

طافَ المهاجِرَ بَحْثاً عن غزالَتِهِ

حتى بَدى دَمُهُ أشْفاقَ أصْقاعِ.

*

فَيا مَها (الرّاينَ) الهدّارَ لي عَتَبٌ

فذا غَريبٌ ذوى من غيرِ أشياعِ

*

تَقَرّحتْ كَبِدُ المفتونُ هازِئةً

بلائمٍ ساطَها في سوْطِ إقناعِ

*

وَمالَ عن جِيرةِ اللوّامِ مُنْتَبِذاً

رُكْناً قصيّاً لينسى لوْمَ أوْزاعِ

*

تقولُ نادِلَةٌ هَمْساً لزائرِها

تجاوزَ المُبْتَلى أوهامَ إقْلاعِ

*

يَرْعى أغاني الأسى في قَلْبِ حانَتِها

والنايُ قَبْلَ الطِلا قد أسْكَرّ الراعي

*

حاناتِ (برلينَ) إنّ الصَحْوَ يوجِعُهُ

فَعَتِّقي خَمْرَهُ من فيضِ أوْجاعِ

*

عادَ المُعَنّى الى بُسْتانِ قَرْيَتِهِ

يَرجو قِطافَ التي.. مِنْ بعدِ إيناعِ

سعى دُهوراً الى أعذاقِ كَرْمَتِها

فهل عناقيدُها شلّتْ خُطى الساعي؟

*

إِذْ سَهْلُهُ مثلما لَيْلاهُ مُمْتَنِعٌ

يَصُدُّهُ عن هواها ألْفُ مَنّاعِ

*

كَقابضٍ جَمْرةً والريحُ مُهْرَتُهُ

وقلبُهُ نازفٌ من خلفِ أضلاعِ

*

مودّعاً قلبَهُ النهرينِ مُلْتَمِساً

بُرْءاً لِعِلّتِهِ لا وَصْلَ إيداعِ

*

وديعةً قُرْبَ مَنْ يَهْوى ويَسْألُها

رفقًا بأسرارهِ إِنْ غادرَ الداعي

*

بينَ الظِباءِ لَهُ ياصاحبي تِرَةٌ

مَنْ مُدْرِكٌ ثأْرَهُ .. الصاعَ بالصاعِ

*

رُحْماكَ ربّي بِعُشّاقِ الندى فَلَقدْ

فاضوا لنا عَسَلاً من خيْرِ أنواعِ

***

د. مصطفى علي

في نصوص اليوم