تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

مصطفى علي: سامُرّاء (سُرَّ مَنْ رَأى)

لِسُعْدى لم تَلِدْ إلّا السُرورا

أزُفُّ الشِعْرَ تاجاً والشُعورا

*

قلائِدَ سُؤْدَدٍ وَ فُصوصَ تِبْرٍ

لِخيرِ عرائِسِ الدُنْيا مُهورا

*

وَحُسنى غَرّدتْ خمسينَ حَوْلاً

فَهَلْ نَطَقَتْ مَعازِفُها كُدورا ؟

*

متى شَغَرَ الزَمانُ مِنَ المعالي

سَدَدْنا في مَحاسِنِها الشُغورا

*

أنا بَدَوِيُّها قد جِئْتُ أحْدو

وأنْحَرُ قُرْبَ جَوْسَقِها الجَزورا

*

فَمَهْما زادَني التَغْريبُ بُعْداً

وَهَدّمْتُ الأواصِرَ والجُسورا

*

سَيَبْقَ القلبُ مسْحوراً بِسُعْدى

وَسُعْدى تعْشَقِ القلبَ الغَيورا

*

شَقائِقُها تُغازِلُني نَهاراً

فَأنْسَغُ من ندى روحي الجُذورا

*

الى السَرّاءِ لا الضرّاءِ شَدْوي

وَنَفْخي في رُفاتِ المَجْدِ صورا

*

وَخُبزي من بيادِرِها لُحونٌ

متى زِيدَتْ تنانيري سُجورا

*

سنابُلُ حَقْلِنا كَمَنتْ عِجافاً

وَلَمْ تَلْقُطْ هَداهِدُهُ البُذورا

*

الى سَرّاءِنا أسْرى بِقلْبي

بُراقُ قَريحَةٍ سَكِرَتْ غُرورا

*

بِأَنْبِذَةِ القوافي ثمّ طارتْ

بِأجْنِحةٍ تأبّطَتِ الكُسورا

*

فَيا ريمَ الجَزيرَةِ والبَوادي

شَمَمْنا المِسْكَ عِنْدَكِ والعُطوراً

*

بِجَوْسَقِ عاشِقٍ كُنْتِ الثُرَيّا

إليكِ أيائِلي حَمَلتْ نُذورا

*

مَزاميرُ الأوائِلِ أمْ صَداها ؟

دَعَتني في الكَرى حتى أزورا

*

فَراديسَ الأُلى غابوا وَلَمّا

يخاصمْ جَمْرَ ذاكِرتي الفُتورا

*

مزاميري لها آياتُ شِعْري

فَدَعْ داوودَ جَنْباً والزَبورا

*

سَنادِسُها تُراوِدُني وأخشى

على أهدابِ سُنْدُسِها المُرورا

*

بِأجْنِحةِ الخسائِرِ هَمَّ قلبي

الى أبهى مَياسِمِها العُبورا

*

أَ يَلّاءَ البَصيرَةِ أَلْهِميني

كفاكِ العُمْرَ صَدّاً أو نُفورا

*

رُويْدَكِ إن تَمَنّعتِ القوافي

وَ ضاهَتْ في تَمَنُّعِها الصُقورا

*

حَناناً مِنْ لَدُنْكِ وَ ظِلَّ ذكرى

لَعَلّي أتّقي فيها الحَرورا

*

أتَيْتُكِ سابِراً أسرارَ جيلٍ

وَلَسْتُ بِنابِشٍ فيكِ القُبورا

*

فَهاتي جَمْرَ ياقوتِ القُدامى

فَحاضِرُنا يرى ماضيهِ زورا

*

وَ صُبّي هالَةَ الأسْلافِ كأسًا

لِأسْكَرَ في سُلافَتِها فَخورا

*

كَدِرْويشٍ تَواجَدَ في حِماها

وَحَوْلَ السورِ آثَرَ أنْ يَدورا

*

يَذُرُّ رَمادَها بينَ الأثافي

وَيَسْأَلُها القِيامَةَ والنُشورا

*

رأى العَنْقاءَ يَعْلوها رَمادٌ

وَسيْفُ هِرَقْلَ قد بَلَغَ النُحورا

*

وَميضٌ للجَواشِنِ في دِمائي

ترائى طيْفُها شَرِساً جَسورا

*

على أبوابِ قَلْعَتِها حِصاني

يُعاني دُونَ صَهْوَتِهِ الضُمورا

*

تَرَنّحَ في جَواسِقِها حَسيراً

يُديرُ الطَرْفَ مُحْتَسِباً صَبورا

*

فَيا مَنْ سُرَّ قَلْباً مَنْ رآها

أوانَ الضوءِ نادَمَها عُصورا

*

غَداةَ الجَمْرِ في شَبَقِ المَرايا

أحالَ البِرْكَةَ الحَسْناءَ نورا

*

وَناراً في قَياثيرِ الغَواني

بها أشْعَلْنَ بالرقْصِ الخُدورا

*

أباريقُ الكَواعِبِ أَمْ بُروقٌ

بِآناءِ الرُخامِ بَنَتْ قُصورا ؟

*

جَلابيبُ الدُجى شابَتْ ضِياءً

وَتِلْكَ سماؤها إنْفَجَرَتْ بُدورا

*

وَكَم هَتَكتْ فراقِدُها حِجاباً

ورغمَ الليلِ أعْلَنَتِ السُفورا

*

مَعاً صَدَحَتْ كَمَنْجاتُ الصَبايا

وَرَقّصْنَ المناكِبَ والخُصورا

*

كُرومُ البُحْتُرِيِّ بَكَتْ نبيذاً

كما سالتْ قَوافيهِ خُمورا

*

فَهلْ ظَنَّ البُحيْرَةَ غيرَ بَحْرٍ

يُفَجِّرُ في قريحَتهِ البُحورا ؟

*

كَغوّاصٍ مَحارَتُهُ أباحَتْ

لَآلِئها وَحَرّمَتِ القُشورا

*

رأى تيكَ الأنامِلَ ناقِراتٍ

نَواقيسَ الهَوى فَسَقى الطيورا

*

على أشْفارِ بِرْكَتِهِ قِيانٌ

كَأنَّ العِينَ قد راقَصْنَ حورا

*

مَزَجْنَ الماءَ سِحْراً كوثرِيّاً

فَمُذْ لامَسْنَهُ أمسى طَهورا

*

وَديكُ الفجْرِ أذّنَ فإسْتَفاقتْ

ذُرى مَلْويّةٍ فاضتْ حُبورا

*

يَهُزُّ سماءَها العُلْيا لِيَرْقى

نِداءُ الحقِّ والتقوى جَهورا

*

هُنا، مُتَوّكِّلاً، ألْقى عَصاهُ

فَلوْلَبَتِ الحِجازَةَ والصُخورا

*

مَضى حَلَزونُها يَلْتَفُّ لَيَّاً

يُناهِدُ في أعاليها النُسورا

*

كَلِبْلابٍ تَسَلّقَ ذاتَ فَجْرٍ

سماءَ اللهِ مُبْتَهِلاً شَكورا

*

وَحَلّقَ فَوْقَ مَسْجِدِها لِتَزهو

كُوى أبراجِها وَتُنيرَ سورا

*

تَسَلّقها فؤادي في خُشوعٍ

وَأوْقَدَ عِنْدَ (جاوَنِها) البُخورا

*

أبا تَمّامَ لا أنْباءَ عِنْدي

سِوى نَبَأٍ به أرثي الدُهورا

*

زماني عاقِرٌ لا بَلْ عَقيمٌ

وذئبُ الرومِ قد أضحى عَقورا

*

وَمُعْتَصِمُ الوَغى أمسى أصَمّاً

فما لَبّى لِصَرْخَتِها حُضورا.

*

أَفي أُذُنيْهِ وَقْرٌ أم تُراها

صِباءُ الخيْلِ طَلّقْنَ الظُهورا.

*

غَدَتْ (لبّيكِ ياأختاهُ) وَهْماً

نعاقِرُهُ لكي نُشفي الصدورا

*

صفائحُ جيشِهِ لمعتْ بياضًا

كما إسْودّت صحائفُنا سُطورا

*

شُراةُ الهاشِميّةِ حينَ قِيدَتْ

شرارتُها كَوَتْ أسَداً هَصورا

*

ألا (لَبّيكِ) وإنْطَلَقَتْ سَرايا

وعانقتِ الأسيرةَ والثُغورا

*

صُراخُ اليعْرُبيّةِ كان يومًا

يُصدّعُ في ظُلامتِهِ الشُرورا.

*

أبا تمّام لم نشهدْ خَميساً

يصدُّ الويلَ عنّا والثُبورا

*

فَناطورُ الديارِ بَدا عُتِلّاً

أزاحَ العدلَ وإمْتَشقَ الفُجورا

*

زماني لا زمانُكَ ياصديقي

يُصيّرُ لِصّهُ شيخاً وَقورا

*

دَمي الثَرْثارُ حَمّلَني رَجاءً

الى (ثَرْثارِها) حتى يثورا

*

على نَهَمِ الكَواسِجِ والسَعالي

ويستبقي الخزامى والزهورا

***

مصطفى علي

في نصوص اليوم