آراء

دعوة الى استخدام العقل

المعروف جيدا ان الانسان يستخدم عقله في علاقته مع الاخرين في حين الحيوان يستخدم يده اسنانه في علاقته مع الاخرين

فمن هنا يجب ان تأتي دعوتنا اي استخدام العقل اي التخلق بقيم واخلاق الانسان السامية ونبذ القيم الحيوانية الوحشية التي تأثر بها الانسان نتيجة للحالة الحيوانية التي عاشها الانسان منذ بداية تحوله في عصور قديمة

والدعوة الى استخدام العقل يعني الدعوة الى كل الناس ان يطرحوا اراءهم افكارهم الخاصة المنطلقة من قناعاتهم الذاتية بدون خوف او مجاملة ومهما كانت تلك الاراء والافكار

ومن الطبيعي ستكون تلك الافكار والاراء مختلفة وحتى متضادة وهذا شي طبيعي لان كل انسان انطلق من مستواه من وجهة نظره من موقفه من رؤيته الخاصة للحياة وهذا هو سر التطور والتقدم سر الاكتشاف والاختراع سر التجدد والتغيير ولو اصبح البشر اصحاب رؤية واحدة وفكر واحد لتحولوا الى قطيع من الماشية ولساد الظلام و الجمود والفناء

من المستحيل ان يتفق اثنان من البشر على كل كل شي نعم هناك خطوط عامة يمكن الاتفاق وهذا الاختلاف هو السبب في ولادة الافكار الجديدة النيرة نتيجة لتلاقح الافكار مع بعضها البعض

لا شك ان البشر جميعا قد يتفقون على الحياة بشكل عام وكلما غاصوا في التفاصيل كلما انقسموا الى مجموعات وكل مجموعة تنقسم الى مجموعات وهكذا حتى تصل الى مستوى الفرد

فالانقسامات بين العلمانيين اليساريين الشيوعيين انفسهم لا تقل عن الانقسامات بين المتدينين كما ان هذه الانقسامات تؤدي الى الخلافات وحتى الحروب وحتى التكفير بينهم وهذا ما حدث ويحدث بين الاطراف العديدة والكثيرة من التيارات والاحزاب العلمانية واليسارية وكل طرف يقول الجنة لي وحدي وغيري في النار

فالدعوة الى استخدام العقل يعني الدعوة الى تحرير العقل الى حرية العقل يعني ازالة كل القيود كل الاغلال التي تمنع العقل من الانطلاق فالعقل لا يبدع ولا يجدد الا اذا كان حرا

اثبت بما لا يقبل ادنى شك ان سبب الفساد والعنف والظلام والظلم وحتى الخروج على القيم على الدين على الله نتيجة للقيود المفروضة على العقل فمحاربة هذه السلبيات والمفاسد ليس بوضع القيود والاغلال على العقول بل بحرية العقل المطلقة والقضاء على كل من يحول بين العقل والحرية

لهذا فالدعوة الى العقل لا يعني ابدا فرض رأي او فكر او عقيدة على البشر مهما كان ذلك الرأي وتلك العقيدة وذلك الفكر وانما ان ندع عقول البشر تنطلق حرة مطلقة وكل انسان من قناعته الخصة بشرط واحد هو احترام كل الاراء مهما كانت الا التي تدعوا الى الغاء الاخر وذبحه

لهذا على كل من يؤمن بقدرة وقوة العقل وخاصة المثقفين ان يتحركوا جميعا لنشر وزرع ثقافة احترام رأي وفكر الاخر والاستماع اليه باحترام انها الخطوة الاولى والا كل ما يقولونه ويفعلونه هباء في شبك

لا شك اذا سادت هذه الثقافة وترسخت اي ثقافة استخدام العقل اي احترام رأي وعقيدة الاخر ستخلق شعب صادق امين محب للحياة مقدسا للعلم والعمل

يقول الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية

كان الملك فيصل الاول يرغب في تعيين الهاشمي وزيرا للدفاع وكان يعتقد ان الانكليز لهم نفس الرغبة الا ان الانكليز رفضوا تعينه

استغرب الملك فيصل وسألهم عن السبب فقالوا

كنا نحترم الهاشمي وكنا نتعامل معه كأنسان يملك كرامة وقيم الا انه غير ذلك

كيف

لانه كان يمجد الانكليز ويعظمهم امامنا وانهم انقذونا وحررونا وعندما يلتقي بالاخرين يذم الانكليز ويدعوا الى طردهم لو يذمنا اي الانكليز امامنا لاحترمناه ورفعنا من شأنه

فقال الملك فيصل هذه طبيعة كل الشرقيين يعيشون في خوف وهذا الخوف جعلهم جبناء غير قادرين لا قول ما في نفوسهم   لهذا اقوالهم غير افعالهم وما في قلوبهم غير ما على السنتهم

على خلاف الغربي الذي لا يخاف لهذا يطرح ما في قلبه بشجاعة لا خوف ولا مجاملة لهذا تجد حالات الغدر والقتل والخيانة نادرة جدا في حين في المجتمعات الشرقية هي الغالبة

لا شك ان هذه الحالة ستزول وتتلاشى اذا استخدما العقل اي احترام اراء وافكار الاخرين

 

مهدي المولى

في المثقف اليوم