آراء

من عاصفة الصحراء إلى عاصفة الحزم

jafar almuhajirماأكثر الساعات والأيام العصيبة على فقراء هذا الوطن العربي .! وما أشد مواجع عواصم الفقراء حين يستأسد عليها عملاء الصهيونية من أباطرة البترول ورموز العهر والفساد في مملكة آل سعود وأذنابها ويضربونها بالقنابل والصواريخ التي أنتجتها أحدث المصانع الأمريكية والغربية .ويفتخرون على رؤوس الأشهاد بأنهم اتخذوا (قرارهم) وحشدوا كل من سال لعابه على المليارات البترولية للقضاء على هذه   (القلة القليلة) من أنصار الله التي باتت تقض مضاجعهم في منامهم وصحوهم في قصورهم الفارهة .!

وتأريخ المآسي محفور في ذاكرة الشعوب ولا يمكن أن ينسى عراقي تلك الساعات الرهيبة التي بدأ فيها العدوان الجوي المدمر للتحالف الأمريكي الغربي العربي الذي شنه بمئات الطائرات الحربية المتطورة على كل أرض العراق بعد منتصف الليل من فجر يوم 16/1/1991 حيث أخترق السكون هدير تلك الطائرات التي انطلقت من قواعدها في حفر الباطن والرياض والظهران في السعودية والعُدَيد في قطر ومن الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين ، والسفن المتواجدة في الخليج العربي ، وحاملات الطائرات المنتشرة في البحر الأبيض المتوسط . (لإحداث الصدمة والرعب.)

في ذلك الظلام الشتوي القارص تأججت أحقاد أعداء الإنسانية الدفينة في الشرق والغرب وتحولت إلى قنابل مدمرة لتدمير بنية العراق التحتية وأهمها محطات الماء والمجاري والكهرباء والجسور والمؤسسات الخدمية وشبكات الاتصالات ودور المواطنين،وقتل آلاف العراقيين بحجة إخراج جيش صدام من الكويت. فمزق القصف الجوي البربري الآلاف من أجساد العراقيين الأبرياء ، وترك على تراب العراق الآلاف من الأرامل والأيتام والمعوقين . ودمر كل شيئ يخص البنية التحتية العراقية . وتم إرجاع العراق إلى ماقبل الثورة الصناعية حسب تصريح جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي آنذاك. كل ذلك كان بحجة إسقاط النظام. ولم يكتف هذا الحلف الصليبي الخليجي الحاقد بكل هذا بل فرض الحصار على الشعب العراقي لأكثر من عشرة أعوام أخرى حصد فيها مليون إنسان وانتشرت الأوبئة والأمراض وأخذت تفتك بالعراقيين فتكا ذريعا وخاصة الأطفال والشيوخ منهم .

فبالأمس كان الهدف بغداد ومن بعدها دمشق حتى وإن اختلفت الطرق وأستعيض بالإرهابيين من 80 دولة بدلا من القصف الجوي. لكن الهدف واحد وهو تحطيم كل مقدرات هذه الأمة وإخضاعها للمشروع الصهيو أمريكي.وتنفيذا لرغبة دولة الصهاينة . واليوم يشهد العالم غزوة جوية بربرية أخرى هي طبق الأصل لتلك الحملة تقوم بها أصنام الاستعمار في مملكة آل سعود ومن يتبعهم من مشايخ إمارات البترول العائلية ومن باع شرفه العربي، وقبض ثمن الخيانة لقاء حفنة من الدولارات. وتتباهى الأبواق الخليجية بأن 185 طائرة خرجت من جحورها من مطارات عشر دول عربية بعد منتصف ليلة 2015-03-26 لتدمير وطن فقير متهالك الاقتصاد مثل اليمن وبتفويض ودعم لوجستي واستخباري أمريكي وغربي للقضاء على   (الخطر الحوثي .) الذي يهدد الأمن القومي العربي.!!! .ولإحداث (الصدمة والرعب) ضدهم. وكل المواقع الإخبارية المحايدة تؤكد إن معظم الضحايا من الأطفال والنساء.وإن الكثير من المؤسسات الخدمية ومنشآت الكهرباء والمعامل والمياه الثقيلة قد تعرضت للتدمير حتى شاحنات الطحين الذي هو قوت الفقراء لم يسلم من هذا القصف العشوائي الإنتقامي المدمر. كل ذلك يتم اليوم إكراما لعيني دولة الصهاينة أيضا. وحين يسمع المواطن العربي الأصوات الخيانية المنطلقة من وسائل إعلام آل سعود ومشيخات الخليج بأن طائراتهم المفاتلة دمرت مواقع (الحوثيين) تدميرا تاما . وإن ملايين التغريدات على الفيسبوك وتويتر تساند هذه الهبة العربية الشجاعه ، ويشاهد المتحدث العسكري السعودي الذي لايختلف في أكاذيبه عن مسيلمة الكذاب وهو يشرح انتصارات جيشه الباهرة على (المتمردين) يشعر بالأسى والحزن للضحايا الأبرياء من شعب اليمن الفقير الذين سقطوا مضرجين بدمائهم حراء هذه (الهبة اليعربية الوهابية الشجاعة التي لانظير لها) ويشعر أيضا بالقرف والاشمئزاز من هذه الخيانة والعمالة الفاضحة من أباطرة البترول الذين كدسوا طائراتهم التي اشتروها بمليارات الدولارات المسروقة من ثروة شعوبهم ودون أن يحاسبهم مجلس نواب أو دستور ليخرجوها من أوكارها ، ويدكوا بها اليوم هذا البلد الفقير وعاصمته العريقة الجريحة صنعاء بهذه السرعة الفائقة التي تكون فيها هذا الحلف المشبوه. بعد أن أججت وسائل إعلامهم الشارع العربي وخوفته من ظاهرة الشيعة – فوبيا وصورت له بأن الشيعة يمثلون الخطر الأكبر على الأمة العربية .وإن أنصار الله في مقدمة هذا الخطر. وبعد أن عقدت مملكة آل سعود الظلامية وشقيقاتها الصغيرات تلك الصفقات الهائلة من الأسلحة إستعدادا لليوم الموعود الذي يتحقق فيه المشروع الصهيو أمريكي وقد حل هذا اليوم وتلقت مملكة البترول وشقيقاتها الضوء الأخضر من قصر السيدة العظمى في واشنطن ولندن وباريس وبروكسل للبدء بالهجوم. وبهذه الحملة الجوية المتعطشة لدماء اليمنيين تحاول ممالك ومشايخ البترول تحويل مسار المعركة ضد داعش والقاعدة ونقلها إلى أنصار الله لأنهم (عملاء) للنظام الإيراني (الذي يمثل الخطر الحقيقي الأول على الأمن القومي العربي.) حسب مزاعمهم.

لقد انكشفت كل نوايا أصنام القهر والظلام الخبيثة. وبات واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار إن هذه الدمى المستبدة تخوض حروبا بأموال البترول الضخمة ضد الفقراء والمعدمين في الوطن العربي المنكوب بهم نيابة عن الكيان الصهيوني والغرب الإستعماري . وهذا يؤكد تماما إن قوى الردة والظلام وضعت كل طاقاتها وإمكاناتها المادية لخدمة المشروع الصهيوني الأمريكي لإطفاء الأمل في كل النفوس المتطلعة إلى واقع نهضوي ثوري يقف في وجه هذا المشروع الإستعماري البغيض المعادي لطموحات شعوب المنطقة .ولا أدري ماعلاقة أردغان ونظام باكستان بالأمن القومي العربي الذي يتمشدقون به زورا وكذبا.

لقد عود شعب اليمن المجاهد العالم عبر التأريخ بأنه يملك إرادة فولاذية في صد الغزاة ، ولن ترهبه طائرات ف16 أو تورنيدو أو الميراج، ولم يرضخ أبدا لمنطق البطش والقوة لكي يكون تابعا ذليلا للحلف الأمريكي الغربي الصهيوني الخليجي. والرمال اليمنية عصية دوما على هؤلاء الأوباش الجبناء الذين يغمرون رؤوسهم في الرمال حين يقوم الكيان الصهيوني بالإعتداء على أرض عربية. تطبيقا للقول (أسد علي وفي الحروب نعامة) وقد شاهد العالم كيف كان انتصار حزب الله على الصهاينة ثقيل الوطأة عليهم، ولم يخف رئيس وعاظهم أحقاده الموروثة حين حرم الدعاء له .

إن دماء شهداء اليمن الطاهرة التي لونت شوارع صنعاء نتيجة هذا العدوان الجوي السافر المعادي لكل القوانين والأعراف الدولية والأخلاقية حتى إنه يتعارض مع المادة الثامنة لميثاق الجامعة العربية التي تنص على (احترام كل دولة من الدول المشتركة فى الجامعة نظام الحكم القائم فى دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمى الى تغيير ذلك النظام فيها.) وكل الحقائق   التأريخية تؤكد إن المكرالسيئ سيحيق بأهله. وستتحول دماء اليمنيين إلى شظايا من نار تحرق المجرمين عملاء أمريكا والصهيونية العالمية. ويتذكر اليمنيون جيدا مواقف هذه المملكة الظلامية المعادية لشعب اليمن منذ قيام ثورته عام 1962م ضد حكم الإمامة الظلامي الذي عزله عن العالم حين ترك عبد العزيز آل سعود لعائلته المالكة التي قال فيها:      

(لا تدعوا اليمن يصبح دولة تملك قوة عسكرية واقتصادية لان ذالك يمثل تهديد لحكمكم ولعرشكم كعائلة حاكمة.) أي يجب أن يكون اليمن تابعا ذليلا لآل سعود الذين ترعبهم دولة مستقلة وديمقراطية على حدودها الجنوبية.

وعلى اليمنيين على اختلاف مذاهبهم وأفكارهم أن يتوحدوا لصد هذا العدوان الغاشم لإنقاذ وطنهم وبنائه على أسس ثابتة من احترام حقوق ألإنسان فأوباش القاعدة في الداخل تتربص بهم الدوائر ، وأباطرة البترول وأعوانهم يريدون بهذه القوة الغاشمة كسر إرادتهم ومن ثم جلبهم إلى بيت الطاعة السعودي. فالذئب لايأكل إلا من الغنم القاصية وكما قال الشاعر:

تأبى الرماحُ إذا آجنمعن تكسرا – وإذا آفترقن تكسرت آحادا.

لقد إجتمع قادة الأمة العربية (الميامين) في مؤتمر(عاصفة الحزم) يتوسطهم الدمية المسخ الهارب من غضبة شعبه عبد ربه منصور هادي   وشكر فيها عربان الخليج ورئيس الجامعة العربية ، ومن بارك هذه الهبة اليعربية الأمريكية الصهيونية التي سفكت دماء اليمنيين الفقراء   التي مازالت أجسادهم تحت الأنقاض . وأصدرت جامعتهم العتيدة بيان النصر الختامي الذي يؤكد على ضرورة كسر شوكة (الخطر الحوثي) بتأسيس (الجيش العربي) للوقوف بوجه (الخطر الشيعي) الذي يهدد كيان الأمة حاضرها ومستقبلها في الصميم. فهل يوجد أشد وأنكى من هذا العار والخذلان.؟ فهنيئا لنبيل العربي على مواقفه الوطنية الخالدة.!!!       وربما سيحضر ألرئيس الأمريكي أوباما بعد القمة العتيدة ليلتقي بملك السعودية سلمان ويشربان سوية نخب النصر المؤزر مع العائلة المالكة ثم يرقصان بالسيف على نهج الأسلاف الميامين. ومن المؤكد إن مجلس الأمن الأمريكي سيتبنى مشروع القرار الخليجي ويدين الضحية بأقسى العبارات لتكتمل مسرحية العصر الهزلية.ورحم الذي قال:

يامجلسا ماتت على أعتابه... شكوى الشعوب ونجدة البؤساءِ

إن المطلوب اليوم من كل أحرار العالم والمنظمات التي تدافع عن قضايا حقوق الإنسان وقضايا التحرر وعلماء الدين الأحرار والكتاب التقدميين الشرفاء أن يقفوا وقفة جادة لمساندة شعب اليمن المجاهد المظلوم ويشرعوا أقلامهم ضد هذه الهجمة البربرية الظالمة التي قام بها آل سعود وحلفائهم الظلاميين . إن وقفتكم المشرفة أيها المناضلون الأحرار مع شعب اليمن تمثل وقفة الضمير العالمي الحي ضد أعداء الشعوب فلا تبخلوا على شعب اليمن الذي ينتظر وقفتكم المشرفة.

 

جعفر المهاجر / السويد .

9/4/2015.

في المثقف اليوم