آراء

بالروح .. بالدم .. نفديك يا فلان

fakhry mashkorالزعيم المفدّى، المليك المفدّى، الرئيس المفدّى .. كلمات لم تصدر من فراغ، انها ثقافة سياسية ونفسية عميقة الجذور، غليظة الساق، متشعبة الاغصان، كثيرة الاوراق، وارفة الظلال .. هي شجرة خبيثة يستلقي تحت ظلها الملايين من ابناء الشعوب النائمة والمنّومة، منذ ان استحوذ الزعماء الامويون على الخلافة وبيت المال، الى استولى الزعماء العراقيون على السلطة والأموال .. بدأت بثقافة (أطِعْ الوالي وإن جلد ظهرك، وأخذ مالك) وصولاً الى (برّر افعال زعيمك وان كان فاسداً ولم يقدّم لك اي خدمة) .. انه الزعيم الذي يجب رفع اسمه عنواناً للعزة، والتضحية من اجله بالشعب والوطن والثروة والسيادة والاستقلال. انها ثقافة الملك والتمليك والاستملاك، الزعيم ملك، وكل ما عداه مملوك، وكل من عداه مملوك. الزعيم يملك الشعب والحكومة والجيش والثروة الوطنية والمؤسسات و...و.... وكل شيء .. الى هنا رضينا، لكن الانكى والادهى عندما تصل دائرة ملكيته الى العقول، فهنا الكارثة، فاذا امتلك العقول فقد انتهى كل شيء.

يستطيع الشعب ان يستعيد السلطة التي استحوذ عليها الزعيم

ويستطيع ان يسترجع الثروة التي نهبها الزعيم

ويستطيع ان يبني كل ما هدمه الزعيم

وان يعمّر كل ما خربه الزعيم

يستطيع الشعب ان يفعل كل ذلك، ولو طال الزمن، لكن اذا استطاع الزعيم ان يملك العقول ويؤمم الأدمغة ويعطّل التفكير... فهذا ما لا يمكن اصلاحه، ولا يستطيع احد استعادته.

ما فعلته الكثرة الكاثرة من الطغاة والجبابرة من معاوية الى الحجاج الى .... الى.... الى صدام هو قتل العقول بالدرهم او بالسيف، وبعدما قتلوا العقول مضوا يحكمون مرتاحي البال.

لكننا اليوم - في العراق الجديد- امام قتل عقول من نوع آخر: قتل لا يستخدم الدرهم ولا السيف، فلأن قادة العراق من مختلف الكتل السياسية جبناء وبخلاء، فانهم يقتلون بهالات التقديس واوهام الحكمة، وآداب احترام الكبير، وتراث عائلات خلَفَهم خلْفٌ اتّبعوا الشهوات، أو ماضٍ مجاهدٍ تحوّل الى حاضرٍ فاسدٍ.

نحن اليوم امام شريحة من الزعماء السياسيين يعرف حتى المنغوليون انها طبقة فاسدة تعيش ترف الملوك على حساب شعبٍ تعاني الملايين منه من الجوع للطعام وللكرامة وللخدمات، تسكن بالايجار أو تحت الاشجار، بدون كهرباء ولا ماء ولا تعليم ولا دواء... طبقة اثرت حتى تحدثت كل المحافل الاقتصادية في العالم عن ثرائها، وفسدت حتى شاهد كل مواطن عراقي آثار فسادها، وسرقت حتى امتلأت بنوك وشركات دبي وبيروت وعمان ولندن من ارصدتها واستثماراتها... طبقة عزلت نفسها في القصور وراء الحراسات والحواجز حتى عجز الناس عن الوصول اليها، وتعاهدت فيما بينها على التستّر على فساد بعضها حتى اخرسّت تماماً عن كشف ملفاتها، وقدمت ابناءَ العراق الى الموت بينما حمت ابناءها، وعرّضت كرامة العراق والعراقيين الى الاذلال فلم "تهتزّ لهم قصبة". ورغم كل هذا تجد من يهتف باسمها: بالروح، بالدم، نفديك يا فلان !

على ماذا تفديهم يا عزيزي؟

ولماذا تدافع عنهم " بغير عدلٍ أفشوه فيكم، ولا أمل اصبح لكم فيهم"؟

هل وجدت فيهم من ارسل ابنه الى الحشد الشعبي يقاتل معك؟

هل سحب احد منهم من رصيده في البنوك الاجنبية ليصرف رواتب أو مساعدات للحشد الشعبي؟

هل قدّم لك تفسيراً لسقوط الموصل (الذي شاركوا فيه جميعاً بالسكوت والتغطية) قبل ان يرسلك لتحرير الرمادي؟

هل اطلعك على مقررات اجتماع اربيل السرية التي باعك فيها لاعدائك وقبض الثمن؟

هل اخذ رأيك قبل عقده الصفقات السياسية في الداخل والخارج مع الذين يدعمون الارهاب؟

هل اخبرك يوماً - أو سوف يخبرك- عن مصير الميزانية الفلكية المنهوبة؟

هل حدّثك يوماً - او سيحدّثك- ماذا دار بينه وبين الدول التي تدعم الارهاب والتي يزورها علناً او سرّا؟

هل تعرف شيئاً - او ستعرف- عن خططه؟ عن مشاريعه؟ عن لقاءاته؟ عن اسراره؟

هل ضحى بشيء من اجلك في الخدمات مقابل ما حصل عليه باسمك من امتيازات؟

على ماذا تفديه؟

ألأنه زعيم؟

ألأنك تعاني عقدة نقص اسمها الخضوع لزعيم؟ ولأن هذه العقدة تمنع عينك من رؤية حقيقته، وتمنع عقلك من تقييم دوره؟

 

حسناً، زعيم،

هل هو مثل الزعماء الذين يحدثك عنهم حينما يرتقي المنبر فيشرح لك سيرتهم، ويدعوك للاقتداء بهم؟

أم هو مثل الامام الخميني الذي عندما كان في باريس اطفأ المدفأة لأن الايرانيين كانوا يرتجفون من البرد، فقرر الخميني مواساتهم؟ ولم يترك لذريته مالاً ولا عقارا؟

هل هو مثل حسن نصر الله الذي بعث ابنه هادي ليستشهد مثله مثل باقي اولاد الناس؟

 

هل هو مثل السيد الصدر الذي انتج فكراً؟ او ضحى بنفسه دون ان يتنازل عن مبادئه؟

زعيمك هذا ماذا قدّم للعراق، او للعراقيين او حتى لك يا من تهتف باسمه؟

هل تستطيع (انت وكل من يتولّى احداً من هؤلاء الزعماء) ان يتصل به او يتواصل معه؟ هل يمكنك ان تسأله (خارج موسم الانتخابات) عن مشكلة تعاني منها انت ومن حولك لتحصل منه على حلٍ، او تفسيرٍ، أو توضيح ... أو أي رد؟

ام انك ومن حولك لا تعانون من اي مشكلة؟

ماذا قدّم سوى الذل والهوان والجوع والحرمان والتاخر والتقهقر لهذا الشعب والوطن والدولة؟

تقول لي : الاوضاع معقدة والظروف صعبة؟ حسناً، فلماذا لا يعيش هو واولاده ظروفك الصعبة؟ ولماذا لا يعاني هو واولاده من اوضاعك المعقدة؟

اين يعيش هؤلاء واولادهم؟

هل تجهل محل اقاماتهم؟ ام تتجاهل؟

اتريد كشفاً بمحل اقامة وثروة ابناء هؤلاء الزعماء واحداً واحدا؟

انت تعاني من انقطاع الكهرباء، فقل لي هل انقطع الكهرباء عنهم ساعة واحدة منذ الساعة المشؤومة التي اقرّوا فيه رواتب وامتيازات لهم توازي راتب وامتيازات رئيس الولايات المتحدة؟

هل تبرع احد منهم يوماً لعائلة شهيد؟

هل سمعت يوماً ان احدهم بنى مدرسة، او داراً للايتام، او مستشفى للفقراء؟ او اي مشروع خيري؟ هذه اسماؤهم أمامك.... ضع اصبعك اين شئت وقل هذا.

قل لي ماذا قدّموا لك او لاي عراقي غير الخطابات والوعود الكاذبة؟

ولو كانوا يعيشون مثلك لهان الامر، لكنهم يعيشون حياة الملوك، مترفين منعمين لا ينغصهم نقدُ ناقد، ولا تنكّدهم شهادةُ شاهد على مابه يتنعمون بينما سائر الناس محرومون.

 

واخيراً

الى استاذنا الدكتور سليم الحسني الذي خرق المقدّسات وتجرّأ على نقدهم ووصع اسماءهم متسائلاً عن اسباب سكوتهم عن اهانة وزير خارجية الامارات لهم اقول:

مع احترامي لك، اختلف معك في تفسيرك لسبب ابتلاعهم الاهانة، ان هؤلاء ابتلعوا الاهانة لا للسبب الذي ذكرته في مقالتك

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1595057220748806&id=100007336308520

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1595057220748806&id=100007336308520

بل السبب الحقيقي هو الذي ذكرته في مقال

http://dailyiraq.com/index.php/2014-09-18-01-16-19/175-2015-05-29-19-24-29

http://dailyiraq.com/index.php/2014-09-18-01-16-19/175-2015-05-29-19-24-29

 انهم مستعدون لابتلاع كل شيء...كل شيء

في المثقف اليوم