آراء

جرائم الإبادة في اليمن والصمت الإسلامي والدولي

jafar almuhajirدخل عدوان التحالف السعودي الجوي الهمجي على اليمن الذي أطلقوا عليه إسم (عاصفة الحزم) شهره الثالث وما زال مستمرا   وقد أجهز هذا العدوان الصارخ على البشر والحجر. وقضى على أكثر من ألفي إنسان وفيهم العديد من الأطفال والنساء والشيوخ. وجرح وتهجير أضعاف هذا العدد. ولجأت آلاف العوائل اليمنية إلى الصومال الذي يعاني شعبه من المجاعة. حيث صار مثل هذه العوائل المشردة كمن يستجير من الرمضاء بالنار للتخلص من إنتقام هذه الطغمة السعودية الغادرة.

لقد سحق هؤلاء الطغاة المجرمون المتجبرون الذين جهزتهم الإمبريالية الأمريكية والغربية بأحدث الأسلحة الفتاكة مقابل مئات المليارات البترولية الإنسان في اليمن سحقا، وأغرقوأ هذا البلد في الظلام، والعالم برى يوميا كيف تدك طائراتهم البيوت الطينية التي يسكنها المعدمون المسحوقون بأطنان من أحدث القنابل والصواريخ التي تطلقها طائرات ف16 وتورنيدو وميراج وراجمات الصواريخ وآلات الدمار الأخرى بمختلف أشكالها ومنها المحرم دوليا لتمزق أشلاء هؤلاء المظلومين المعدمين بدلا إعطائهم الخبز الذي تحتاجه أجسامهم الذاوية الذابلة لإنقاذها مما أصابها. وبلغ بطياريهم الذين دربهم الكاوبوي الأمريكي القيام بحركات بهلوانية في سماء صنعاء والمدن اليمنية المنكوبة تيمنا بالنصر المؤزر على فقراء اليمن كمن يرقص على أشلاء ضحاياه.

وقد أعلنت المنظمات الدولية بأن 16 مليون إنسان يمني باتوا بلا ماء صالح للشرب نتيجة تدمير الطائرات السعودية لخزانات المياه. وتم تدمير معظم البنية التحتية والإجهازعلى مساجد وقلاع وأوابد تأريخية حضارية عمرها مئات السنين وتعتبرها اليونسكو ضمن التراث العالمي كما تفعل داعش اليوم في سوريا والعراق. ولا عجب في ذلك لأنها إبنتهم الشرعية التي تربت في أحضانهم. كل هذا جرى ويجري من أجل إرجاع (الشرعية) لرئيس هارب من غضبة شعبه وتنصيبه بالقوة على رقاب الشعب اليمني . ولا أدري ماهي العلاقة بين تدمير التراث والحضارة اليمنية وشرعية رئيس فقد كل صفات الرجولة والوطنية والشهامة بعد أن أخذ يتفرج على تدمير حضارة بلده ويرى بأم عينيه أشلاء أبناء شعبه تمزقها الطائرات الحربية ولا يخجل من نفسه لكي يحلم بالرجوع إلى كرسيه الذي هو الآخر سيرفضه لو نطق.؟

إن عالمنا العربي اليوم يعيش في أسوأ مراحله التأريخية نتيجة لهذه الهمجية التي يقوم بها حكام يدعون إنهم حماة الإسلام، ويشترون ذمم الأنظمة والأعوان بقوة الدولار وهم لايعرفون في قواميسهم معى للإنسانية والرحمة والأخلاق وتجاوزت مجازرهم ماترتكبه الوحوش الضارية.  

إن تنامي شوكة الإرهاب ، واحتلاله لأجزاء واسعة من الأرض العربية ، ماهو إلا وباء مهلك خرج من رحم مملكة آل سعود ، وهاهم يصرحون علنا بأنهم مع هذه العصابات الإرهابية لإسقاط الأنظمة التي لاتخضع للإرادة الصهيونية الأمريكية . ويوظفون لهذا الهدف التدميري عشرات المليارات من الدولارات ، ويستقطبون عتاة الظلاميين المنحرفين اللقطاء لهذا الغرض.

ولم يعد خافيا على أي إنسان في هذا العالم بأن المناهج الدراسية والمال السعودي وخطب وفتاوى الوعاظ في هذه المملكة الظلامية هي التي خلقت هذا الإرهاب الذي يهدد العالم اليوم.وإن محاولة تغطية هذا المستنقع الآسن لفترة من الزمن بعد أحداث 11 أيلول 2001م لم يعد ينطلي على كل إنسان متجرد ومتابع لمسيرة حكام هذه المملكة ومؤسستها الدينية ، ومناهجها الدراسية. وهاهم اليوم يعودون إلى مستنقعهم الآسن الذي انطلقوا منه في بداية تكوين مملكتهم التي بنوها على جماجم معارضيهم. ومن واجب المنظمات الإنسانية الدولية أن تتحرك وتطالب بإجراء تحقيق دولي محايد ينفذه خبراء عسكريون وتشرف عليه الأمم المتحدة وتشارك فيه المنظمات الحقوقية وممثلون للمدعى العام لمحكمة الجنايات الدولية للوقوف على حقيقة الأسلحة التي تم بها ضرب المدن اليمنية وما يترتب على هذا الفعل من مسؤوليات وتبعات قانونية .وعلى العالم أن لايبقى متفرجا على هذه المجزرة البشرية التي يرتكبها نظام آل سعود بلا مبالاة وكأن شيئا لم يكن لو بقي شيئ من العدالة في عالمنا الراهن.

لقد أدرجت المنظمات الدولية اليمن ضمن أفقر بلدان العالم وأكثرها حرمانا وشعبها تفتك به مختلف الأمراض المتوطنة منذ عشرات السنين . فظن الطغاة إن الفقر سيجبر هذا الشعب على الرضوخ لعنصر القوة التي يسلكها نظام آل سعود. ولكن حساباتهم الخاطئة أظهرت إن هذا الشعب الصابر قوي الشكيمة والإرادة ولن يرفع راية الإستسلام ويخضع لمشيئتهم الإستبدادية مهما آشتدت همجيتهم نحوه.

إن آل سعود اليوم يقدمون أنفسهم على لائحة أسوأ الحكام الطغاة في العالم من خلال منطق القوة العسكرية المفرطة التي صارت هدفهم الأول لكي يثبتوا حسب عقولهم المريضة بالطائفية إن مملكتهم الوراثية الظلامية صارت القوة الأقوى في المنطقة .وإن سلطتهم باقية إلى الأبد بعد أن أخذوا يصرحون علنا مقابل هذا الصمت الإسلامي والدولي بأن (عاصفة الحزم) هي البداية فقط. وإن (عواصف للحزم) سيشعلونها في مناطق أخرى من الوطن العربي. ومن حق أي مسلم شريف يمتلك ضميرا حيا أن يتساءل لماذا هذا القتل في الشهر الحرام الذي يمارسه النظام السعودي   وأتباعه ضد شعب اليمن ؟ وهل ستنطلي حجته الواهية على الشعب العربي وشعوب العالم بأنه (يقاتل فئة صغيرة خرجت على الشرعية.؟) وطائراته توصل الليل بالنهار وتدمر كل شيئ .؟ وأية ديمقراطية يسعى إليها آل سعود بإحلال الموت والدمار في بلد فقير.؟وهل يثبت رئيس بمنصبه وتُخلق حكومة ديمقراطية تضم كافة الجهات السياسية بقنابل الطائرات.؟

إن سياسة الأرض المحروقة التي يرتكبها هؤلاء الطغاة المجرمون مناف لأبسط الحقوق الإنسانية التي أقرتها كل الشرائع السماوية والوضعية في العالم وإن الهدف الأساسي من حربهم المدمرة التي أشعلوها هو أن يجعلوا من شعب اليمن أيتاما في مأدبة لؤمهم وإجرامهم . وهذا لم يتحقق أبدا وسيحول الأجيال اليمنية القادمة إلى براكين غضب مقدس ضد طغمة آل سعود. وكل هذه الجرائم المنكره التي ترتكب في صنعاء وصعده وعمران والحديدة وتعز وغيرها يجب أن لايتجاهلها العالم وتصبح شريعة الغاب هي السائدة.ولابد من رفض هذا العدوان وترك القوى السياسية داخل اليمن لتحل مشاكلها وتدخل في حوار يمني بعيد عن القهر ومنطق الفرض بالقوة تحت رعاية المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة . وإن إلغاء مؤتمر جنيف الذي أعلن الأمين العام للأمم المتحدة عنه لجمع كل الأطراف اليمنية هو رضوخ وخنوع لإرادة القوة والبطش وتشجيع لإشعال نار الحرب الأهلية في اليمن، وتقوية شوكة الإرهاب لتحصد المزيد من أشلاء الألوف من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء لسنين طويلة قادمة حسب رغبة آل سعود بعد ظهور بوادر فشل ماتسمى عاصفة الحزم ومراحلها رغم همجيتها وبربريتها .

ومن حق كل مسلم أن يتساءل أين المنظمات الإسلامية ورؤساؤها الذين يتحدثون كثيرا عن الرحمة والتراحم والتعاطف بين المسلمين على شاشات الفضائيات من هذا العدوان السعودي الظالم.؟ ألم يقل رسول الله ص (من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم) وكيف يمكن السكوت عن جرائم آل سعود الذي يلقب ملكهم نفسه ب (خادم الحرمين الشريفين) ظلما وعدوانا وجيشه يسفك دماء المسلمين ويعيث في الأرض فسادا ويهجر الآلاف المؤلفة ويهدم بيوتهم فوق رؤوسهم ويتركهم في العراء ليفتك بهم الموت في الشهر الحرام .؟ ألم يقل رسول الله ص في خطبة الوداع :

(أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا وأنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم   وأن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين أخوة فلا يحل لآمرئ من أخيه إلا ماأعطاه من طيب نفسه منه فلا تظلمن أنفسكم   اللهم هل بلغت ؟) وإلى متى سيبقى هذا الصمت المريب ياعلماء المسلمين ؟ وكيف ستلاقون ربكم لحظة الحساب وقد قال الله في محكم كتابه العزيز المبين ( وقفوهم أنهم مسؤولون) وأنتم تعلمون حق العلم إن رسول الله ص قال: (سفك دم المسلم أبشع من رجم الكعبه؟) أليس من واجبكم الشرعي والأخلاقي أن ترفعوا أصواتكم بوجوه الطغاة دون خوف أو وجل وتقولوا لهم قفوا عند حدكم وكفاكم سفكا لدماء المسلمين في الشهر المقدس ؟ لقد قال الله في محكم كتابه العزيز: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.) وهاهم آل سعود وأتباعهم من أباطرة البترول يتعاونون على الإثم والعدوان ويدعون إنهم قادة العالم الإسلامي وهم أبعد مايكونوا عن ذلك.

إن السكوت كالشيطان الأخرس عن كل قطرة دم تسفك على أرض اليمن الصامدة سيحاسبكم الله عليها إن عاجلا أو آجلا.وأن هؤلاء المقاتلين الأبطال الشجعان الصامدين في أرض يمن البطولة والصمود مؤمنون بقضيتهم ومدافعون عن حقهم في الحرية والكرامة وليسوا كما وصفهم ناطقهم مسيلمة العسيري بأنهم (عصابة ضالة) و(عميلة) و( غيبية) لاتؤمن بالإسلام دينا ومدعومة من إيران ومتحالفة مع القاعدة.) إنها أكاذيب وصور مشوهة يبتكرها إعلامكم المضلل الذي لايضحك إلا على نفسه وأعوانه والذي فيكم تتهمون به غيركم . وإن كل إنسان قادر على تمييز الحق من الباطل بعقله ومتابعته الموضوعية للأحداث المأساوية الدامية الجارية في اليمن بات يعرف فضاعة جرائمكم المنكرة .

لقد تنادت القوى السياسية في اليمن لوقف نزيف الدماء الذي يصر النظام السعودي على استمراره ظنا منهم إن شعب اليمن سيرفع الرايات البيضاء بعد أن أصبحت كلمات العمالة والخيانة التي يرددها أعوانه مركبا سهلا لكل طاغية يحارب شعبا مجاهدا بهذا الأسلوب الهمجي ولم يعد يصدقها أحد إلا من أصيب بمرض الطائفية المقيت وأولهم وعاظ آل سعود. ولم يعد في وسع كلمات التبجيل والتعظيم والتأليه والتسبيح بحمد القائد المحرر التي تطلقها أفواه هؤلاء الوعاظ النتنة في مساجدهم حجب الحقيقة المرة.وكما تفعل فضائياتهم والإعلام الطائفي السائر في ركابها.

لقد تحولت هذه الأضاليل إلى برقع متهالك لايستطيع حجب شمس الحقيقة أبدا. وإن كل طاغية سفاح يسعى لبقاء كرسيه على جماجم شعب عربي أصيل جار سيكون مصيره مزبلة التأريخ وقد قال الله في محكم كتابه العزيز:

وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ

<http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura2-aya205.html> .

البقرة 204-205 ومنطق التأريخ يؤكد إن كل المفسدين في الأرض سينالون جزاءهم العادل إن عاجلا أو آجلا مهما طالت أعمارهم.

لقد وقف طاغية العراق صدام يوما وهو في أوج غروره وبطشه وغطرسته ليقول : (إن من يفكر باستلام الحكم من بعدي سيستلم أرضا بلا شعب) فذهب إلى الجحيم غير مأسوف عليه وبقي الشعب العراقي. ولن يستطيع آل سعود اليوم حلفاء صدام القدامى أن يرهبوا الشعب اليمني بحرائم الإبادة التي يرتكبونها .ولن تحميهم قلاعهم وقصورهم الفارهة الشاهقة التي بنتها لهم شركات البناء الأجنبية على حساب الملايين من أبناء الشعب السعودي الذين لايجدون لهم مأوى بسيطا يحميهم من الحر والقر. وسينقلب السحر على الساحر ولو بعد حين. وعلى العالم أن يدرك أن مخاطر هذه الحرب وتداعياتها ستكون وخيمة جدا لو ظل على صمته المريب وستتطاير شراراتها على الحكام الذين شاركوا النظام السعودي في هذه الإبادة الجماعية ضد شعب اليمن. والظلم مرتعه وخيم. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

 

جعفر المهاجر.

30/5/2015.

 

في المثقف اليوم