آراء

بضاعتكم ردت اليكم

ahmad alkinaniفي مقال افتتاحي في صحيفة رأي اليوم كتب عبد الباري عطوان عن تفجيرات الكويت وتونس وليون وانها لم تأت من كوكب اخر انما هي "بضاعتكم ردت اليكم" بأعتبار ان تلك الدول هي حاضنة الارهاب وداعمته، فلماذا كل هذا التباكي وذرف دموع التماسيح على الضحايا ...

وتساءل عطوان: هل هذا يعني ان “السحر انقلب على الساحر”؟

الاجابة " نعم " كبيرة للاسف، فمن يلعب بالنار تحرق اصابعه.

واستغرب من حالة الدهشة التي تسود الاوساط الخليجية، الرسمية والشعبية، تجاه تفجير مسجد الامام الصادق في قلب الكويت، مثلما استغرب في الوقت نفسه، حالة التعاطف المزورة والكاذبة تجاهه من قبل البعض، في الاوساط السنية خصوصا، فبالامس كان الشيعة رافضة ومجوس وصفويين، وابناء المتعة، واليوم اصبحوا اخوة في الدين والعقيدة، وانبرى العديد من الشيوخ والدعاة لتكرار عبارات روابط الاخوة، والتضامن، والوحدة الوطنية حماية للكويت، وحرصا على امنها واستقرارها، انه النفاق في ابشع صوره واشكاله.

وهذا كلام جميل من الاستاذ عبد الباري عطوان .

لكن سلسلة الجرائم التي اعلن عنها تنظيم الدولة الاسلامية بقيادة خليفة المسلمين البغدادي من قتل المصلين في مسجد الامام الصادق بالكويت، ومن قبله في مسجد الامام الحسين في حي العنود بالدمام، ومن قبلهما في مسجد الامام علي في بلدة القديح بالقطيف لم تكن بضاعة الخليجيين و ردت اليهم ولم يك سحر وانقلب عليهم .

الضحايا لا قيمة لهم في اعراف تلك البلدان، فمن يباح دمه وعرضه من على المنابر الرسمية للبلد اي قيمة له !!

مساجدهم خارجة عن احكام المساجد، مساجد ضرار مهتوكة الحرم ...

فلو هدمت تلك المساجد وقتل من فيها فهذا امر خارج اهتماماتهم .

وما كل هذا النباح الذي يملأ فضاء الحجاز وما يدور في فلكه الصادر من كلاب مسعورة تنادي بالعودة الى احكام الصحراء الا ليخرجوا لنا كائنات مسعورة ايضا تنهش هنا وتفترس هناك ليحققوا رغباتهم في القضاء على مخالفيهم اينما حلوا حتى لو كانوا من اهل الديار .

تلك بلدان لا تحترم مواطنيها ولا تقيم وزنا لمعنى المواطنة، والا كيف يجعلوا حديث الكراهية يعلوا كل حديث، والعمل على تقسيم المجتمع وتشظيه على اسس مذهبية، والتحريض على قتلهم وهم مواطنون منتمون الى ذات البلد .

اذن لا غرابة في تفجير مساجدهم وقتل من فيها في السعودية اوالكويت ... والحبل عل الجرار

انه المنهج المتبع وهذه نتائجه ...وهذا ما يريدون

فأي عاقل هذا يجيز اشاعة لغة التحريض على الكراهية بين ابناء المجتمع الواحد بناء على ما يعتقدون علنا ثم لايتوقع حدوث انقساما في المجتمع قد يأول الى اعمال ارهابية انتقامية كنتيجة طبيعية لذلك.

لازالت تلك البلدان ترجع ولاءات مواطنيها الى انتماءاتهم الطائفية وتناقش في ولاء ممن يعتنقون التشيع الى ايران بدلا من وطنهم الام .

لمن يريد بناء مجتمع متماسك تسوده المساواة والعادلة لا يطلق العنان لرجال دين معتوهين همهم الوحيد اقصاء المخالف لمذهبهم ارتدادا وتكفيرا .

ونعم ما صنع حكماء الامارات العربية المتحدة في تحجيمهم لحديث التطرف الديني ؛ للحفاظ على تماسك المجتمع وقد نجحوا الى حد كبير .

من هنا نبارك الخطوة التي اقدم عليها ملك المغرب في تهذيب دور رجال الدين في لعبة السياسة .

وعليه فلا تصغي للاصوات الخليجية وهم ينددون ويتوعدون ... انها الازدواجية التي تربوا عليها وهي النفاق بعينه .

اما كيف الخلاص من ذلك الوباء ؟

فلا اعتقد ان احد على هذه الارض ممكن ان يدلنا على طريق الخلاص .

والمشكلة ليست في الوباء او الدواء .

اذ لا اكثر من سن قوانين صارمة تحد من اثارة الاحتقان الطائفي بين افراد المجتمع، والنأي بالمجتمعات عن كل ما من شأنه تقسيمه وتقطيع اوصاله من رجال دين حمقى او ابواق اعلامية مساقة بأيدي بلهاء .

لكن الحاكم الخليجي ومن وراءه الدعاة الدجالين بحاجة الى صياغة خلايا ادمغتهم واعادة تشغيلها من جديد .

المشكلة برمتها تكمن في المريض ذاته .

 

في المثقف اليوم