آراء

إفراط بالتفائل .. إنها حرب الإنابة

يُدهشني بعض المثقفين والمفكرين وقادة الصدفة عندما يقولوا أن فلان أو فلان، سيُرجع العراق كما كان، موحّداً بإرضه وشعبه ومكوناته .. أضحك من الألم لغباوة هذه الفكرة وصاحبها .

فقد كنت أتمنى أن يقبل عقلي هذه المقولة، بل أدعوا الله صادقاً مخلصاً أن تتحقق هذه المقولة، لكني أرى أن هناك معطيات وإستحقاقات ووقائع جديدة، وأحلام، قد تحققت للبعض، (محلية كانت أو إقليمية)، فرضت نفسها على أرض الواقع وعلى الجميع، ولايمكن لعاقل حصل عليها أن يتنازل عنها لعيون الشعب العراقي والعراق .

لقد تداخلت الخلافات بالعراق وتحوّلت اليوم لإختلافات، لايمكن فك شفرة رموزها، خصوصاً بعد أن تقاطعت المصالح، وأصبحت فوق قدرة أحد ليرسمها من جديد، ويُعيدها لجادة الصواب والعقل .

فقد فرض الواقع ان هناك شعب شيعي، وشعب سُنّي وآخر كردي يعيشون في مساحة مشتركة من الأرض، ولا يمكنهم أن يتوافقوا فيما بينهم على أبسط الأشياء، وترسخ هذا المفهوم (مع الاسف) عند الجيل الجديد تحت مسميات المظلومية وإستعادة الحق التاريخي المسلوب من الجهة، والإقصاء والتهميش وإسترداد ماضاع من جهة تظن أنها صاحبة حق إكتسبته بوضع اليد وتقادم الزمن، وبين الحلم الكبير لشعب صغير، والذي طال إنتظاره وعلى وشك التحقق عند الجهة الثالثة .

فهل سمعت انه يمكن لم الماء بعد طشّه على الارض؟؟؟، فقد طُش الماء بشعب العراق، أقولها بقناعة تامة رغم أني لست من دُعاة التقسيم او المُروجين له، لكن للتاريخ أرشيف يمكن الإستفادة من دروسه .

فاليوم في العراق لا يمكن للسيد فلان من المسميات او فلان الذي كان قبله أو من سيأتي بعده او بعده، أن يُعيد توحيد العراق من جديد، لأننا سائرون بخطى سريعة نحو التقسيم، أقولها بألم شديد وحسرة كبيرة، لان المُخطط أصبح مُحكم، وتم تنفيذه بدقة وإتقان، ومع الاسف شارك الجميع به، بقصد او بدون قصد، وتحت مسميات عديدة .

فمُخطط خارطة الشرق الأوسط الجديد التي تحوي على دويلات ضعيفة لا قيمة لها حتى على الورق، تتقاتل اليوم وتتطاحن فيما بين مكوناتها لتكون مقبرة لكل من يُهدد إسرائيل والشيطان الأكبر، وبأيادي ونقود الوكلاء بالمنطقة، الذين غفلوا أن النار باتت في ديارهم وسيحترقون بها كما يحترق العراق وسوريا واليمن . . فمصر اليوم تُعاني، وليبيا تُعاني، وتونس والمغرب والجزائر والخليج العربي بدأنا نشُم رائحة الشياط وهي تحرق جنباتهم .

 

إنها حرب الإنابة أيّها الإخوة الإعزّاء . . .

إنها حرب الإنابة . .

فلقد سبق السيف العذل !!!! (كما يقولون) .

وحسبي الله ونعم الوكيل .

 

د. نبيل أحمد الأمير التميمي

والله من وراء القصد .

في المثقف اليوم