آراء

هل كان الزعيم عبدالكريم قاسم عميلا لجهة أو مخابرات أجنبية؟

ali thwayniمازال العروبيون والكروديون يزعمون أن عبدالكريم قاسم كان عميل لجهة خارجية، وهنا جدير أن اضرب لكم دليل نستقه من جملة قالها الجاسوس المصري (إيليا كوهين) قبل أن يعدم بحق الزعيم، وكان آخر إعتراف له بأن كل القيادات العربية عميلة لأسرائيل ماعدا عبدالكريم قاسم الذي لم يكن إلا عدو إسرائيل اللدود .

ومن لم يعرف قصة هذا الجاسوس فأنه زرع في سوريا بعد أن موهت قصته في الأرجنتين، حيث كان "سخيا" مع أمين الحافظ الذي كان الملحق العسكري في بوينس أيرس، وجمعته به صداقة حميمة، وهو من جلبه إلى سوريا، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية . ومن مهازل العرب أن هذا الجاسوس وصل قيادي في حزب البعث، وكاد أن يتبوأ منصب وزير سام في الدولة السوريه لولا خطأ غير محسوب، حدث في الإرسال لأسرائيل الذي كان على نفس ذبذبة وإرسال السفارة الهندية في أبو رمانة بدمشق، مما كان يشوش عليها . فشكوا الهنود للخارجية والخارجية حولته للمخابرات الذين بدأوا البحث بسيارة روسية مستأجرة خاصة لترصد من أين يأتي الإرسال الممنوع، فوجدته بالصدفة من شقة إيليا كوهين مقابل وزارة الدفاع، فتم القبض عليه وإعادمه بعد يومين كي لايفشي أسرار العلاقة بينه وبين القيادة البعثية السورية وإسرائيل، ولم يعترف البعثيون حتى اليوم بكثير من ذلك، وقد أنكر أمين الحافظ علاقته به تمويها، ولاسيما أنه قد لجأ لصدام حسين ومكث في العراق حتى سقوط البعث، وتوارى عن الأنظار بعدها، وهذا خيط آخر من المؤامرة.

وقد أدغم هذا الإعتراف ومكث في الملف السري، وتحاشى العروبيون والبعثيون الإفصاح عنه، حتى خرج أخيرا، والذي يكشف أن إنقلاب البعثيين في 15 رمضان (8-شباط 1963) كان قد أشترك به مع إسرائيل المخابرات المركزية الأمريكية CIA ومصطفى برزاني والمرجع الشيعي محسن الحكيم (جد عمار) وشاه إيران وأمير الكويت .

777-ali

وفي السياق قرأت كتابا عام 1980 مؤلفه (جان فوستر دالاس) وزير الخارجية الأمريكي، وتخونني الذاكرة هل هو أو أخيه رئيس وكالة المخابرات الأمريكية إبان ثورة الزعيم في 14 تموز 1958، ويحوي الكتاب فصل أسمه (إنقلاب في بغداد) يؤكد فيه أنهم مكثوا أسبوع حتى تعودوا لفظ وتذكر على اسم عبدالكريم قاسم، الذي لم يؤخذ بالحسبان، ولم يثر شبهات أو يلفت نظر، وهذا يعني أنه لم ولن يتعامل مع أجنبي، حتى لو أحست المخابرات الخارجية بأن الملكية قد أمست مملة ومهترئة ونخرها السوء من جراء ذيليتها للغرب ولاسيما في الحرب الباردة التي أقحموا العراق بها عنوة ولاسيما سياسة نوري سعيد المنحازة، وأن ثمة حركات سرية داخل الجيش للإنقلاب على الملكية، ولكنهم لم يتقوعوا أن أرعن مثل عبدالسلام عارف سوف يصفي العائلة المالكة على يد ضابطه العبوسي.

لقد مكث عبدالكريم قاسم منزه من كل عماله، كما هي ملصقة دون مواربه بمصطفى برزاني وبمحسن حكيم وبرهط واسع من الأسماء العراقية الطنانة. وحري أن أذكر أن دالاس ذكر بأن عبدالناصر كان عميل لهم، وهم من أوصلوه لسدة الحكم بعد أن أقحموه في حركة الأخوان المسلمين عنوة عام 1947...

ذكرنعوم تشومسكي في كتابه خطه الحرب على العراق ومذكرات كرومر السريه عن نشاط المخابرات الامريكيه في اداره مخطط الانقلاب وأعدام الزعيم عبدالكريم قاسم، بما يؤكد أن واشنطن تحكمت بسياسه العراق منذ ذلك الحين (قبل 25 عام)، حينما كانت مواقف البعثيين غرائبيه وتنقلب من نقيض لنقبضه، كما هي قرارات كل العملاء كما السادات مثلا.

لقد تعرفت ذات مرة في فالنتسيا بإسبانيا عام 1993على الشخص الوحيد الذي كان مسؤول عن فك الشفرة في ديوان رئاسة الجمهورية إبتداءا من 1970 بعدما تدرب في ألمانيا الشرقية في حينها وذكر لي بأنه كان يخجل من الزجر والأوامر الإملائية التي كانت تصله موجهة للقيادة العراقية (صدام)، كانت تتدخل بأموره الشخصية والعائلية أحيانا، ومنها كل القرارات التي أتخذها صدام ومنها إنقضاضه على السلطة في تموز 1979 وإعدامه رفاقه وتنحية البكر الذي كان (دميه) يحركوها أمام شاشات التلفزيون، كلها كانت ضمن تلك الشفرة الآتية من جهات مجهولة، نفهمها بالتحليل بأنها من أوصلته للسلطة مقابل أن يسير على هواها، كما هو حاصل اليوم والحال سيان مع علاوي وجعفري ومالكي وعبادي.

نحن على يقين بأن أمريكا لم تغزو العراق عام 2003 بحجه اسلحه الدمار الشامل، وإنما ثمة اسباب سرية نتذكر منها قول صدام في إحدى خطاباته (ولو ففتي ففتي) أي خمسين بالمئة إلى خمسين بالمئة، ولم نفهم هل كان يقصد النفط أم العراق أم كل شئ ومن ضمنها السلطة المنخورة بالعمالة. لذا فإن الزعيم قاسم هو ضحيه مؤامره عربيه امربكيه إيرانية كويتيه مصريه (عبد الناصر) بالتعاون مع قوى دينيه شيعية وسنيه عراقيه.. رحم الله الشهيد واسكنه فسيح جناته، وحشرنا الله معه (أينما يكون).

 

د.علي ثويني

 

في المثقف اليوم