آراء

رسالة لمن يهمه ألأمر: عنصر الإرتباط منصب مواصفاته .. أهميته لبقاء اللحمة

المقدمة: من خلال التجربة العلمية والعملية التي مرّت بالعراق وبعض دول العالم، وخصوصا في الدول التي تحمل نزاعات أو إختلافات في فهم واقعها ... ومن خلال تجربتنا الشخصية بالعمل كسفير للأمم المتحدة للنوايا الحسنة، وممثل الأمم المتحدة وأمينها العام في بعض الدول الأفريقية، تبين لنا أن في العراق الجديد اليوم، لابد من وجود شخص عالي الثقافة وسريع البديهة، يتمتع بموهبة قراءة الأحداث بصورة صحيحة، يُطلق عليه عنصر الإرتباط، ليكون صمام أمام لعمل رئيس الدولة او الحكومة او الوزارة او الجهة المسؤولة عن المصالحة والتفاوض بين هذه الرؤوس كقيادة للدولة من جهة وبين الفرقاء والمعارضين من جهة أخرى .

 

مواصفات عنصر الإرتباط

في حال مثل حال العراق، وبوجود خلافات وإختلافات كثيرة وكبيرة بين القيادات السياسية العراقية ذات المواصفات العرقية والطائفية، والتي ولّدت فقدان للثقة بين حتى مكونات المجتمع، كان لابد من وجود عنصر إرتباط بين الحكومة كمؤسسة تُدير الدولة وبين هؤلاء الفرقاء الذين هم إمتداد لمجتمعاتهم عرقياً ودينياً وطائفياً، حيث يحمل هذا العنصر مواصفات خاصة لزوم تواجدها فيه ليكون ناجحاً ومفيداً في عمله .

ومن هذه المواصفات ...

١- أن لايكون من الوجوه التي اُستهلكت سياسياً وإعلامياً .

٢- أن يكون صاحب ثقافة سياسية وإجتماعية وعلمية عالية تسمح له فهم الأمور المعقّدة لمجتمع تجمعه عقد مزمنة وتاريخية .

٣- أن يكون معتدل في أفكاره وغير متطرف ليكون مقبول من كل الأطراف، حتى المتطرفة منها .

٤- أن يكون في منتصف العمر لتكون حركته بين الفرقاء سريعة وسهلة، وتأثيره الشبابي بالآخرين أشد .

٥- أن يكون إمتداده العشائري والمجتمعي والطائفي من نفس مكوّن الحاكم، ليكون أداة تهدئة غضب فرقاء الحاكم، وليعكس إعتدال وأفكار الحاكم وجهته السياسية والإجتماعية .

٦- أن لايكون ضمن تنظيمات الحاكم السياسية، ويُفضّل أن يكون من المستقلين سياسياً .

٧- أن يتمتع عنصر الإرتباط باللياقة والدبلوماسية واللباقة اللغوية في إختيار الألفاظ التي تحكم مقابلاته، ويكون أنيق المظهر الذي وبالضرورة لايوحي في لباسه ونقاشه إنحيازه لطرف أو طائفة او قومية من الفرقاء .

٨- تكون الدرجة الوظيفية أو اللقب الوظيفي الذي يحمله عنصر الإرتباط ذو مستوى عالي ليتمكّن من خلاله مقابلة أعلى مستويات القيادات، ويكون مقامه مقبول لينفتح عليه المعارضون والفرقاء السياسيين، بهيبة تليق به كممثل لرئيسه المباشر .

 

أهمّيّة عنصر الإرتباط ...

لهذا المنصب أهمية كبيرة في دولة مثل العراق، تعيش حالة من الصراعات (مُعلنة و مخفية)، بين مجموعات بعضها منظّم وبعضها عشوائي، يرى كل في نفسه أن الله لم يهدي سواه، وأن الباقين (معارضيه) من هذا الطرف أو ذاك، ماهم إلاّ شراذم وأفاقين وفقاعات هوائية لاقيمة لها، لايعلموا أو يحملوا من معاني الوطنية شيئ .

وهنا يأتي دور عنصر الإرتباط ليكون ظل يد قائده (مسؤوله المباشر) التي تعمل بالسر والعلن لتبريد الإحتقان والتوتر بين الحكومة التي تمثّل طائفة أو قومية ومعارضيها، ولمد جسور الثقة بينهم، وزرع روح التفاهم لمصب مشترك واحد هو مصلحة الوطن.

كما يمكن أن يلعب عنصر الإرتباط دوراً مهماً في إطفاء المؤامرات التي تُطبخ في مطابخ المعارضين، وتوضيح وجهات نظر الحكومة لهذا الطرف أو ذاك بدون إحراج رئاستها أو تقديم تنازلات .

كما يمكن لعنصر الإرتباط وبحركته المكوكية السريعة الوصول لحلول الوسط قبل تفاقم الأزمات، خصوصاً إذا كانت خلفيته السياسية وفهمه لواقع المشاكل صحيح .

ومن هنا نطالب بإستحداث هذا المنصب، وتكليف شخصية عراقية مخلصة ومعتدلة به، ليكون مراسل لنقل أفكار وتوجهات وخطط الحكومة، ولطمئنة الأطراف الأخرى بأهمية شراكتهم، ولزرع الثقة من جديد بين فرقاء الدين والمذهب والقومية والمناطقية، التي إستفحلت أخيراً بين الشركاء، تحولوا فيها الى متربصين لإسقاط وتسقيط بعضهم البعض .

والله من وراء القصد .

 

د. نبيل أحمد الأمير

 

في المثقف اليوم