آراء

كلمة حق ...

ahmad alkinaniتلك هي الطامة الكبرى والوباء الذي ظل يلازمنا منذ فجر التاريخ ولا نعلم متى سيغرب .. انه ظلام الشعار الديني والراية السوداء التي نحر تحتها المصلح الاول ...

لا حكم الا لله ... قالها الرعيل الاول من الخوارج ورددها التابعون اليهم باحسان

ويرددها الدعاة اليوم بذات الالفاظ وذات الراية السوداء المشؤومة

وصارت دستورا للاحزاب الدينية كفرَوا بها مجتمعات بأكملها شعوبا وقبائل وانظمة .

اربع كلمات تقطع بها الرقاب وتستباح بها الحرمات.

فما اشبه خوارج البارحة بخوارج اليوم .

انها كلمة حق يراد بها باطل

ونحن نستذكر التاريخ في العشر الاواخر من شهر رمضان من عام 40 للهجرة 661 للميلاد عندما سقط الامام علي بن ابي طالب ضحية الشعار الديني لابد من العمل الجاد من قبل دعاة الدين المعتدلين على تهذيب الشعار الديني.

هم مدعوون الى الكف عن استغلال الشعارات الدينية للنيل من الخصوم الفكريين ، والكف عن الكلام باسم الاله والنطق باسمه ؛ اذا لا يحق لاحد تنصيب نفسه قيما وحاكما على افكار الاخرين بداعي الغيرة على الدين .

وهنا اعيد ما كنت قد اثرته في سلسلة مقالات سابقة :

الحروب الدينية الى اين ؟                  

سؤال ازلي وجوابه ازلي مثله ، فالحروب المقدسة في البقعة المقدسة التي شهدت مهبط الانبياء سوف لن تنتهي وهي باقية ما بقي الدين برجاله يوجهون تصرفاتنا ذات اليمين وذات الشمال ، هكذا ببساطة يمكن الاجابة عن التساؤل الذي اثرته من قبل، بعد ان اتعبت نفسي واتعبت القاري الكريم معي في الخوض في متاهات المفسرين القدماء منهم والمحدثين لاستخلاص النتيجة من الشعارات الداعية الى ممارسة الجهاد المقدس ضد المخالف مهما كان نوعه . لكن المبررات للبحث النظري تبقى دائما موجودة حتى في البديهيات في امة ضحكت من جهلها الامم ، فكان لا بد من الاشارة الى ديناميكية النصوص وكيف يتم توظيفها من قبل دعاة الدين السياسي للاستفادة من الشعارات التي تضمنتها النصوص لاستغفال البسطاء من الناس وزجهم في صراعات لا تخدم الا مصالح الطامعين ، وفي الوقت نفسه تسئ الى مفاهيم الدين المقدسة وتحويرها الى مفاهيم مثيرة للسخرية .

اذن النقاش في مداليل النصوص لا يشمل الجهاديين لغرض توعيتهم وايقافهم عما يفعلون لانه كلام مع الموتى ، هو نقاش مع المحرضين على القتال من رجال الدين بدعوى الرجوع الى دولة الخلافة النموذج الاكمل لحاكمية الدين .

وهنا اتسائل وبعيدا عن النصوص الاسلامية من الكتاب والسنة وبالنظر الى الواقع وما يجري على الناس من المآسي والالام في البقعة المقدسة هل هو ما اردتموه من تحريض الجهاديين على قتال الصليبيين ؟

وهل انتم فرحين بنتائج الجهاد واقامة دولة الخلافة في اجزاء من الشام والعراق؟

وهل ما نشاهده من القسوة المفرطة في التعامل مع ابناء دينهم والتفنن في ابداع وسائل لم يعهدها البشر من قبل من قطع رقابهم بالفتيل الانفجاري وحبسهم بأقفاص حديدية واحراقهم او غرقهم ، وسوق الاماء والجواري من حرائر العراق وسوريا هي نتاج الخطاب التعبوي الذي تبنيتموه ولازلتم تباركون؟

وعليه فالفوضى العارمة والاستقطابات المذهبية وتمزيق البلدان كل ذلك مسببات للخطاب الديني المتشدد الذي يعلو نبراتكم وتحملون اوزاره .

وقبل ان يقضى على هذه المهزلة وتكون النهاية المذلة للخطاب الديني ورموزه وهي نهاية حتمية يحكمها القدر وتجارب التاريخ ... اقول قبل ذلك لتكن لرجال الدين وقفة شجاعة واعلان البراءة من كل تلك التصرفات المخجلة التي ترتكب تحت راية الاسلام واسم النبي ،وليكن لعلماء الاسلام في هذا البلد الصوت الاعلى لايقاف الفتنة وتنبيه الشباب الى عدم تكرار ما يحدث في الشرق الاوسط على مجتمعنا الاسترالي ، والحفاظ على قيم العدالة والمساواة التي ضحى ابناء هذا البلد ولعقود من اجل ارسائها والحفاظ عليها . هذه هي وظيفة العلماء التي اقرتها الصحاح المروية عن نبي الاسلام :

روي عن جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: " إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي أُمَّتِي فَعَلَى الْعَالِمِ أَنْ يُظْهِرَ عَلِمَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ.

 

في المثقف اليوم