آراء

عندما يركب الباطل على ظهر الحق ..

nabil ahmadalamirقد يستغرب البعض من عنوان مقالي، ويتهمني بالتشاؤم، ويُعارض هذا التوجّه، لأن علينا أن نتفائل بمستقبل مشرق لوطن عزيز ..

لكن في عراق اليوم .. نجد أن الباطل أصبح عرفاً مقبولاً .. والحق نشاز .

فالفساد والرشوى والمحسوبية والسرقة العلنية والمُبطّنة، أصبحت عرفاً يقبل به الشعب إلاّ من رحم ربي منهم .. وأصبحت النزاهة والعفّة والشرف والإستقامة نشاز يؤدي بصاحبه للإنعزال والوحدة وعدم تقبّل المجتمع لصاحب هذه الصفات .

فهل هذه من علامات الساعة ..؟

وكيف يمكن أن يستقيم حال بلد أصبح باطله راكب على ظهر الحق فيه؟ .

فالعراقيون اليوم عموماً والمتصدين للعمل السياسي والإداري خصوصاً، إنحاز أغلبهم للطائفة الأولى، وإستسهلوا ركوب الباطل على السير في طريق الحق .

فأكثرهم اليوم عملاء لايخطون خطوتهم إلاّ بتعليمات المُستأجر الذي إستأجرهم لخدمته وخدمة مصالحه دون وازع وطني يُذكر ..

ونوعهم الثاني خروف بقطيع يسير كما سار قائد القطيع بدون سؤال أو إعتراض ..

وثالثهم صاحب فكر وكلمة، لكنه مُستكين لعدم تمكنه من مُجاراة الآخرين في صولاتهم وجولاتهم ..

ورابعهم مُتفرّج ينتظر الفرصة ليقتنص غنيمته عند غياب المُراقب، ويُعلن أن ماحصل عليه من المغانم ..

وخامسهم مُنافق يلعلع لسانه بالوطنية والحب والشرف والإستقامة، ويُبطن العمالة والكراهية وقلّة الشرف والإعوجاج ..

وسادسهم وطني غيور لايستطيع فعل شيئ خوفاً من بطش القادرين وأصحاب العصابات ..

وسابعهم نجى وقفز من خرم الأبرة لعالم مجهول غير عالمه، لايبغي فيه سوى خلاص أبنائه من الجوع والموت، وهاجر ليموت في ديار الغربة .. وثامنهم .. وتاسعهم .. وعاشرهم ..

والغريب أن الجميع إتّفق على التوقّف عن تحقيق العدالة، إلاّ بطريقة أضعف الإيمان، وبقي الشعب المسحوق يُعاني الأمرين من سوء خدمات، وسوء مُعاملة، وسوء معيشة .

وبقي الغني يزداد غنى .. والفقير يزداد فقراً وإبن الغني مُترف .. وإبن الفقير محروم .. مُعادلة ليست متوازنة في بلد يطفوا على كنوز حباه الله سبحانه بها، لم ولن يعرف توظيفها لخدمته .

هل هي لعنة التاريخ .. ؟

هل هي لعنة الدم المُستباح .. ؟

أم هو عقاب الله الدنيوي السابق لعذاب الآخرة ..

بلد .. بلا كهرباء .. وبلا ماء .. ونظامه التعليمي سيئ .. ونظامه الصحي متردي .. وبناه التحية مُدمرة .. وخدماته البلدية تحت الصفر .. وأكثر قادته حرامية وسرّاق وعملاء .. وأكثر شعبه مُنافق ينتخب جلّاده وهو يبكي .

فهل هناك مثل هذا الوطن؟

الباطل فيه راكب، والحق فيه واقف ينتظر .

وهل بقى للعراقيين مجال للتفاؤل بغدٍ مشرقٍ جديد؟؟ .

والله من وراء القصد .

 

د. نبيل أحمد الأمير

 

في المثقف اليوم