آراء

حكومة أردوغان وسياسة إشعال النيران

jafar almuhajirبعد دعم صريح للإرهاب في القطر العربي السوري دام لأكثر من أربعة أعوام إستعمل فيها شرطي الشرق الأوسط الجديد رجب طيب أردوعان أحط الأساليب التي تتنافى وروح الإسلام الذي يتبجح به أدت إلى قتل وتشريد الملايين من البشر، وتدمير جزء كبير من البنية التحتية لهذا القطرالعربي رافقها كم هائل من التصريحات العدوانية التي نطق بها هذا الطاغية المهووس بحلم إمبراطورية آل عثمان ضد جيرانه وعلى رأسها الحلم الذي راوده بإنشاء منطقة عازلة في سوريا تحت هيمنة جندرمته لتكون البوابة للزحف تدريجيا على التراب السوري ومن ثم تكون الخطوة مهيأة لإبتلاع مدينة حلب العربية وضمها إلى إمبراطوريته الجديدة بمباركة الصهيونية العالمية والإستعمار الأمريكي وفي ظل هذا الوضع العالمي المأزوم الذي ضاعت فيه العدالة.وكلما فشل في مكان تتصاعد عدوانيته لتنفيذها في مكان آخر. بحيث إن سياسة إشعال الحرائق في المنطقة باتت سمة دائمة له ولحكومته الإخوانية رغم الخيبات المتلاحقة التي رافقتها.فاتجه هذه المرة إلى العراق ، لأن تدمير بلدين عربيين كالعراق وسوريا اللذان يمثلان قلب الحضارة الإنسانية هو حلم صهيوني قديم وقع تنفيذه على شرطي الشرق الأوسط الجديد.

وحين حاول الطاغية أردوغان أن يطاول روسيا بأمر أسياده الأمريكان على أثر إسقاط الطائرات التركية لطائرة سوخوي 24 الروسية قالت له القيادة الروسية الممثلة برئيسها بوتين بشكل حازم وصارم قف عند حدك أيها المعتدي، ولا يمكن لعربدتك أن تمضي إلى مالانهاية بعد الآن، ومن يشعل الحرائق لابد أن يدفع الثمن. وكان وعدها صادقا قطعته لشعبها على أثر التحركات العسكرية والإقتصادية المضادة التي قامت بها للحد من عربدة هذا الشرطي الذي لايعيش بدون حرائق يشعلها. فانقلبت أحلام أردوغان رأسا على عقب، وخابت كل مساعيه التدميرية المتوحشة بعد أن إصطدمت بالجدار الروسي الصلب. وفكر في إشعال حريق آخر عسى أن يعيد الهيبة لشخصه على أثر خيباته المتلاحقة.

ومادامت عقلية هذا الرئيس العدوانية لاتعيش دون إشعال حرائق طائفية باعتدائه على الجيران ، ولتغطية تعثر مشروعه في سوريا والتعويض عنه بمشروع طائفي آخر وجه أنظاره إلى العراق مستغلا فرصة إنشغال العراق بمواجهة العدوان الداعشي المغولي عسى أن يحقق بعض أحلام أجداده في ضم الموصل إلى إمبراطوريته في خضم هذه الأحداث والفوضى العارمة في منطقة الشرق الأوسط بعد أن تسللت إلى أراضيه قطعان الإرهاب من أوسع الأبواب التركية. وحين شعر أردوغان بأن أبناء العراق الأوفياء لتربته أخذوا يلقنون هذا العدو الظلامي الهزائم تلو الهزائم صورت له عقليته الطائفية الضيقة إنها الوقت المناسب للغدر أوعز إلى المئات من جندرمته لكي تتوغل في عمق 110كم في الأراضي العراقية تحملهم عشرات المصفحات والدبابات تجاوزا لكل الأعراف والقوانين الدولية وعلاقات حسن الجوار الذي تنص عليها المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة القاضي بإمتناع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة. وكعادة كل معتدِ غادر بدأت الأكاذيب والتصريحات المتناقضة تتوالى من الجانب التركي كما حدث تماما مع حالة التصريحات الكثيرة المضطربة والمتناقضة التي أدلى بها أردوغان ورئيس وزرائه داود أوغلو حال إسقاطهم للطائرة الروسية.

فمرة يدعي داود أوغلو إن القوات التركية دخلت (لصد هجوم داعشي وشيك.) وهو يعلم إن معظم الدواعش الذين يدعي محاربتهم قد تسللوا عبر الأراضي التركية تحت سمع وبصر مخابرات آل عثمان الجدد. ومرة أخرى يدعي (إن وجودها جاء لحماية الخبراء والمدربين للبيشمركه وحشد العرب السنة الذي يرأسه أسيل النجيفي الساعي لتحرير الموصل) وتارة ثالثة يدعي (إن القوات التركية موجودة في العراق ضمن إتفاقية معقودة بين العراق وتركيا عام 1982م والحكومة العراقية تعلم بذلك.) و تارة رابعة يدعي بـ(أن تركيا في توغلها داخل الأراضي العراقية لم تقدم على أية خطوة تمس سيادة العراق بل إنها تسعى لمساعدته) وقد نسى أردوغان وأعوانه إنهم أسقطوا الطائرة الروسية بعد أن أدعوا إنها توغلت داخل الأراضي التركية لمدة 17 ثانية وكان هذا الوقت كاف لإسقاطها أما التوغل في عمق أراض دولة أخرى دون علم حكومتها ودون موافقتها فإنه أمر طبيعي لايستدعي كل هذه الضجة حسب معايير أردوغان المشوهة والمنافية لأبسط العلاقات بين الدول.رغم كل التأكيدات التي أطلقها رئيس الحكومة العراقية بأنه لايعلم بهذا التوغل ويتحدى أي مسؤول تركي إثبات ذلك وإن على تركيا سحب جنودها من الأراضي العراقية لأنه يمثل عدوان صارخ وتدخل سافر في شؤون دولة جارة.فإن القادة الأتراك أصروا على إبقائها (لمساعدة العراق بالتعاون مع المحافظ أسيل النجيفي الساعي لتحرير مدينة الموصل.!!!) و(إنهم سيكتفون بإبقاء هذه القوات، وإعادة إنتشارها ولم يبعثوا بقوات إضافية إكراما لعيون العراقيين.) وهو أمر يثير الضحك والإستهجان والإشمئزاز وشر البلية مايضحك.

والشعب العراقي يعرف إن المحافظ السابق أسيل النجيفي ليس إلا دمية تابعة لتركيا العثمانية وأثبت بشكل مطلق إنه يحمل في روحه الطائفية الخبيثة الولاء لها بدلا من وطنه العراق. ويحلم بأن تعيده تركيا إلى رئاسة ما يسمى (إقليم الموصل) وفق طبخة خيانية. لكن الموصل ستبقى عراقية النسب والحسب رغم كل المتآمرين والخونة المتنكرين لهويتها العراقية.وستقلب الطاولة على النجيفي وأسياده. ولا يحررها إلا الأبناء الشرفاء المخلصون لتربة العراق وستعود لحضنه قريبا بهمة السواعد الأبية النظيفة التي حررت الرمادي.ولايمكن لأبناء الموصل أن ينسوا جبنه وتخاذله حين فر مذعورا من اللحظات الأولى للغزو الداعشي ، وترك أهل مدينته يعانون أنواعا شتى من الظلم تحت نير هذا الغزو الظلامي وهو المتخم من خيرات العراق. ولابد أن يمثل أمام محكمة عادلة على فعلته الخيانية.

وكل الدلائل تشير إن دخول القوات التركية ليس لمحاربة داعش لكنه يخفي وراءه أهدافا خبيثة وعلى رأس هذه الأهداف تقسيم العراق على أساس طائفي. ومن ثم محاربة حزب العمال الكردستاني. فأردوغان الذي يسعى إلى تقسيم العراق من خلال حجته الواهية الكاذبة بالدفاع عن سنة العراق لذلك سعت سلطته منذ خروج القوات الأمريكية منه إلى تكوين مجموعة طائفية عميلة للنظام التركي لديها كل الإستعداد أن تتنكر لتربة العراق وتغرق في الخيانة من أجل مكاسبها الشخصية.

وبما أن شخصية أردوغان هي شخصية عدوانية فقد صورت له أوهامه إن العراق يعيش اليوم في أضعف حالاته وإن هذه الفئة العميلة أصبحت لديها القدرة لتنفيذ المآرب الأردوغانية وقد حلت الفرصة ولابد أن يغتنمها. وإن بإمكانه إعادة سطوة العثمانيين إلى العالم العربي عبر هذه الروح الطائفية المتغلغلة في أعماقه المريضة وبتأييد هؤلاء العملاء المأجورين.

لقد قال داود أوغلو حين كان يشغل وزارة الخارجية:

(نحن من يقود الشرق الوسط الجديد)

وبتصريحه هذا ينطلق من الدور الموكول للقيادة التركية أمريكياً وإسرائيليا.‏‏والعالم يعرف إن تركيا اليوم هي قاعدة متقدمة للعدوان على سورية والعراق. وقد أثبت الزمن إن المعاهدة الدفاعية بين العراق وأمريكا لم تكن إلا وهما وسرابا بعد أن دمرت أمريكا العراق وتركته خرابا وهاهي اليوم تشعل الضوء الأخضر لأردوغان ليكون الأداة الفعلية لتقسيمه إلى ثلاث دول شيعية وكردية وسنية وفق خطة بايدن.

وقد عودتنا الساحة العراقية السياسية على ظهور أصوات ناشزة في كل ملمة تصيب العراق .ومن العار على سياسي عراقي أن يسعى لإيجاد المبررات لهذا العدوان التركي الغاشم ومقارنته بدخول عدد من الخبراء الإيرانيين الذين جاءوا بموافقة الحكومة العراقية لتدريب المقاتلين وإعدادهم لصد الهجمة الداعشية الظلامية. أو دخول مجموعات من الزوار الإيرانيين الذين دفعهم عشقهم للإمام الحسين ع لإجتياز الحدود وأدائهم الزيارة ورجوعهم إلى بلدهم . فالعدوان التركي هو عدوان عسكري صارخ له أهداف خبيثة وهو عدوان على كل مواطن عراقي ومن يحاول خلط الأوراق والتصيد في الماء العكر لايستحق أبدا أن يتمتع بخيرات العراق،وأن يشرب من ماء دجلة والفرات.لقد وصف أحد هؤلاء السياسيين الغزو الداعشي الوحشي على العراق بأنه (ثورة العشائر العربية ضد الظلم والتهميش.) وهو مايزال نائبا في البرلمان ويغرف من خيرات العراق والكثير من الوطنيين المستقلين من أصحاب الكفاءات لايملكون قوت يومهم وهذه إحدى مصائب العراق. فمتى يشعر هؤلاء بأن مثل هذه المواقف تصب في خانة الخيانة العظمى للوطن.؟

ومن المؤلم حقا أن يرى المواطن ويسمع من يرفع صوته ضد هذا العدوان السافر من قوى التحرر في العالم العربي وهناك في داخل العراق من يدعي إن الأمر لايستحق حتى الإحتجاج.!!! وأخاطب هؤلاء هل يوجد شيء أغلى من تراب الوطن ؟ وكيف يتحمل مواطن أن تدوس تراب وطنه أقدام همجية لتنفيذ مآربها الدنيئة.؟

بقي على الحكومة العراقية اللجوء إلى كل المنظمات الدولية وأن ينهض سفراء العراق من سباتهم الطويل لشرح أبعاد هذا العدوان وما يخفي وراءه من نيات جهنمية مبيتة ضد العراق.

ومن حق المواطن العراقي الغيور على وطنه أن يطالب حكومته ياللجوء إلى كل الخيارات المتاحة لإزالة هذا العدوان التركي الغاشم .ومنها التحركات الدبلوماسية واللجوء إلى كل المنظمات الدولية. وقرار الجامعة العربية بإدانة هذا العدوان هو خطوة صغيرة لردع هذا المعتدي لابد أن تتبعها خطوات أخرى أشد وأقسى. ولابد من تحرك الجماهير ومنظمات المجتمع المدني المتمثل بمظاهرات واسعة مستمرة لشجب هذا العدوان.ومقاطعة البضائع التركية التي تغمر العراق من أقصاه إلى أقصاه لو تحول إلى أمر واقع حتى يفهم المعتدي إن سياسة إشعال الحرائق هي سلاح ذو حدين. وإن الإعتداء على سيادة الدول هو أمر في غاية الخطورة ولا يمكن أن يمر دون ثمن.

 

جعفر المهاجر

 

في المثقف اليوم