آراء

المملكة العربية السعودية وأسهم الخطر الضاغطة

adil ridhaأن الاحداث الأخيرة وتطورات الخلافات بين الجمهورية الإسلامية المقامة علي ارض ايران وبين الاخوة بالمملكة العربية السعودية أدخلتني بحالة من الحزن والإحباط حيث كان من المتأمل على الأقل لدي كاتب هذه السطور أن تدخل القوتان الاقليميتان بتفاهمات وحوارات جدية يتم معها أخراج المنطقة العربية من حالة التأمر الصهيوني على أسقاط مجمل المنطقة بحالة من الحروب المذهبية والصراعات الدينية التي لن تخدم أحد الا المشاريع الصهيونية التي تتحرك للأسف بنجاح بالمنطقة بالتنسيق من تأمر حلف الناتو على أعادة تقسيم الشرق الأوسط وهو أمر حذرنا منه أكثر من مرة بالوثيقة و المنطق السياسي والتحليل ومقارنة حركة حلف الناتو علي الأرض مع الوثائق المنشورة و المعلومات المتوفرة..

 

ما يقوله أخواننا بالمملكة العربية السعودية:

أنه كان هناك سكوت سعودي مستمر على التدخلات الإيرانية ضد المملكة وأنه كان هناك صبر بلا حدود ضد محاولات مد نفوذ الجمهورية الإسلامية بنطاق المجال الحيوي للمملكة وخاصة محاولات الجمهورية الإسلامية خلق ما يشبه الطوق حول السعودية وهذا ما يتجلى بمحاولات ربط السودان والاردن على سبيل المثال لا الحصر بنفوذ الجمهورية الإسلامية ولعل أن أعدام الشيخ نمر النمر وتداعيات أعدامه هي القشة التي قصمت ظهر البعير وفجرت تراكمات صبر سعودي طويل.

لذلك فأن الاخوة بالمملكة العربية السعودية يقولون إنهم بصدد المواجهة الشاملة مهما كانت النتائج والعواقب لأن ما تقوم به الجمهورية الإسلامية غير مقبول بكل المقاييس ومعايير التعامل الدولية وخاصة بما حدث باقتحام السفارة السعودية بالعاصمة طهران وأيضا القنصلية السعودية بمدينة مشهد الإيرانية.

لذلك سحب السفير والطاقم الدبلوماسي هو أقل القليل فأضعف الايمان ان تحافظ أي دولة علي سلامة دبلوماسيها، وحتى ان صحت الرواية الرسمية للجمهورية الإسلامية فأن هذا سبب مضاعف لسحب الدبلوماسيين لأن ما تقوله الجمهورية أنها لا تستطيع السيطرة الأمنية على مواطنيها وأيضا هناك عدم معرفة بأي ردود فعل أخري للإيرانيين.

وحالة التعالي والكبرياء الإيرانية الممارسة ضد المملكة العربية السعودية هو أمر ترفضه كدولة مستقلة , و هي المملكة قامت بمد يد المحبة و قدمت رسائل للتعاون واضحة و صريحة مع الجمهورية الإسلامية حيث كان دائما التمثيل الدبلوماسي بدرجة سفير, و كان من الواجب قراءة تلك الرسائل بروح التعاون و العمل المشترك علي حل قضايا المنطقة خارج حالة محاولات التحذلق السياسي و عدم وضوح المواقف وكذلك تعدد رؤوس قرار السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية.

بما يخص الإعدام تعتبر المملكة العربية السعودية الإعدام قرار سيادي والشيخ نمر النمر هو ضمن رعايا المملكة وهو مواطن سعودي بالأول والأخير وما ينطبق على باقي المواطنين السعوديين ينطبق عليه أيضا ولا فرق.

والمملكة ترفض أتهامها بمسألة الإعدام الطائفي وتنفيه جملة و تفصيلا وهناك أشخاص أخرين كان لديهم نفس تهم الشيخ نمر النمر و تم أعدامهم و هم أيضا علماء دين و شيوخ دين من مذهب أسلامي فقهي يختلف عن المذهب الإسلامي الفقهي الذي ينتمي اليه الشيخ نمر النمر , فأذن مسألة الإعدام هي مسألة تنفيذ حكم و ليست مسألة قتل طائفي .

في أطار التحليل السياسي لما قد يواجه أخواننا بالمملكة العربية السعودية من أخطار خارجية جدية تتحرك ضد وجود الدولة السعودية فأتصور من واقع المعلومات والتحليل والقراءة العلمية المحايدة لما يحدث، أن المملكة العربية السعودية تواجه ثلاثة سهام خطر ضاغطة على وجود المملكة العربية السعودية.

 

السهم الأول الضاغط هو الخطر الصهيوني:

حيث تقع المملكة العربية السعودية في نطاق الرغبة الصهيونية بتقسيم المملكة العربية السعودية و تدميرها و خاصة من اتضاح نتائج مشروع النهضة و الإصلاح السعودي الداخلي الذي تقدم به المرحوم الملك عبدالله ببدايات الالفية الثانية حين طرح مسألة اصلاح النظام الرسمي العربي بالمجمل و تحدث بالتفصيل عن الواقع الداخلي السعودي كذلك و تحدث عن اليات مقترحة للأصلاح السياسي الداخلي السعوديو هو ما ذكره بخطابه الشهير بقمة مسقط لدول مجلس التعاون الخليجي و ما أعاد التأكيد عليه بالقمة العربية اللاحقة.

وبوادر الإصلاح الداخلي السعودي ضمن مشروع الملك عبدالله بدأ بأصلاح مرفق القضاء بالعام 2001 وتطور الامرالي الانطلاق بالناحية الاقتصادية و التقنية من حيث بناء المدن الصناعية الجبارة و عددها الي اليوم سبعة مدن صناعية اصغرها يحتوي علي ثلاثة و سبعين مصنع و انتقل الامر الي تطوير اليات أنتخاب للمجالس البلدية و أدخال المرأة الي مجلس الشوري و أنطلق كذلك مشروع الملك عبدالله الي مسألة صناعة الانسان وللمراقب أن ينظرالي هذا الكم الهائل المهول من البعثات التعليمية الي الان اكثر من مائة و ثلاثين الف مبتعث الي خارج المملكة تعتبر اكبر خطة بعثات دراسية بتاريخ كل البشرية وهذا العدد الهائل من النخبة التعليمية يمثلون نواة قيادية لمشروع نهضة عربي قادم ستتحرك بالواقع ضمن مؤسسات حرفية بمختلف المجالات سعي المرحوم الملك عبدالله لتأسيسها بمشروعه الذي أنطلق به بين العام 2000 والذي أستمر الي لحظة الوفاة.

أذن الصهاينة يتابعون نتائج مشروع وتأثيره عليهم على المدي البعيد وكذلك تأثير وجود بلد عربي بحجم قارة من نفوذ مالي اقتصادي صناعي عسكري وروحي متعاظم يتحرك ضمن واق مؤسساتي تكنوقراطي، رغم كل العيوب التي يحملها أي نظام رسمي عربي ولكن هناك حركة بدأها المرحوم الملك عبد الله يجب إيقافها ولن ينسي الصهاينة ولا الغرب ان تحالف سعودي سوري مصري صنع انكسار صهيوني بالعام 1973.

 

السهم الضاغط الثاني هو خطر العثمانيين الجدد:

واجه الخليج مجتمعا و ليس المملكة العربية السعودية بالخصوص , التامر علي اسقاط و الغاء وجود قاده الاتراك ممثلين بحزب العدالة و التنمية حيث دخل رئيسه مع الامريكان و تحرك كضامن لحركة الاخوان المسلمين كوريث للأنظمة الرسمية العربية , و مع تواصل الاخوان مع الامريكان بأكثر من موقع اخر و مع علاقاتهم القديمة المتجددة مع المعسكر الغربي منذ أيام المرحوم جمال عبد الناصر بألمانيا , تم منح كرت أخضر امريكي للأخوان المسلمين لوراثة الأنظمة الرسمية العربية لذلك حدث السماح بالانتخابات بتونس و مصر مع وجود مسبق لحركة حماس بمواقعها بقطاع غزة.

حاول الاخوان المسلمين ابتلاع باقي المنطقة العربية بالأنظمة الرسمية الملكية لذلك نلاحظ محاولات تحرك جدية للأخوان المسلمين بالأردن والامارات ودخول الاخوان على خط صراعات الشيوخ بدولة الكويت تحت مسميات وهمية لحركات شبابية يختبئون خلفها.

كانت منظومة دول الخليج واعية ومتابعة لتلك التحركات واسقطتها وتعاملت معها لذلك نفهم دعم تلك الدول لانقلاب "الدولة العميقة" بمصر على حكم الاخوان ومن بعدها تراجع أخوان مسلمين تونس ببراغماتية ذكية قرأت الواقع الجديد بذكاء.

أذن كانت هناك محاولة جدية للأسقاط والانقلاب على الأنظمة الرسمية لدول الخليج وفشلت هذه المحاولة، ولكن هل سيعاود الاخوان المسلمين المحاولة مرة أخري باستغلال الحركات التكفيرية كداعش وتنظيم القاعدة ببراغماتية وانتهازية ما هو ممكن؟

هذا سؤال استخباراتي؟ ما هي أجابته؟

السهم الضاغط الثالث وهو خطر ما بعد الاتفاق النووي الغربي مع الجمهورية الإسلامية:

هنا الكل يترقب والكل ينتظر والكل لا يعرف ؟!

يتوقع الإيرانيون انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من المنطقة العربية وإعادة دورها كشرطي للمنطقة كما كان أيام الشاه محمد رضا بهلوي، ويأتي الاتفاق النووي كبداية لذلك الامر حيث سيمتد نفوذ الجمهورية بالمنطقة العربية كواقع امبراطوري إقليمي جديد , ومن ذلك نفهم تعزيز الحرب الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية وأيضا نفهم سبب نشر الوزير محمد ظريف مقال بوسائل الاعلام الامريكية !؟ ضد المملكة العربية السعودية , كنوع من الدخول الإعلامي الهجومي لخلق رأي عام غربي يساند طرف ضد طرف. ولخلق مادة حوارية تتلقفها البرامج الحوارية السياسية الامريكية كصانع للرأي العام الأمريكي.

ناهيك عن شبكة القنوات الفضائية الموجهة باللغة العربية الخادمة لسياسات و استراتيجية الجمهورية الإسلامية المقامة علي ارض ايران بالمنطقة , ناهيك عن شلة الشخصيات الرادحة بالأيجار التي تبيع مواقفها حسب من يدفع و شلل أشباه الإعلاميين المتواجدين بلبنان و بريطانيا تحديدا الذين يستفيدون من صراعات الأنظمة ليردحوا لهذا او ذاك , و كل شي بثمن وراتب مدفوع.

هذا الترقب و الانتظار يجري و يحدث وسط تطمينات شخصية أمريكية وتصريحات إعلامية غربية بحماية الخليج يعرف اهل الخليج ان هذه التصريحات الإعلامية والتطمينات الشخصية لا قيمة لها لذلك بدأوا يتجهون الي الروس والصين ويغيرون خط تعاملهم مع الجميع.

وحتي الجمهورية الإسلامية تنتظر و تترقب كما هو الخليج ينتظر , فهي تريد للسيناريو الذي وضعنه ان ينجح و ينتصر , و علي المراقب المحايد ان يدرك ان هناك تطورات و اختلافات بين داخل ارض ايران علي مدي السنوات الطويلة الماضية , فأيران سابقا أيام الشاهنشاهية كانت مستعمرة أمريكية بأمتياز ولكنها

حاليا دولة مستقلة القرار تتحرك ببراغماتية بشعار إسلامي ضمن تخلي غير معلن عن الأيديولوجية المؤسسة للدولة الحالية.

الجمهورية الإسلامية الحالية تختلف عن الجمهورية الإسلامية أيام المرحوم الامام الخميني،

حاليا هناك رغبة بالتخلي غير المعلن عن موروث الامام الخميني

وحاليا هناك حالة وطنية إيرانية كانت مرفوضة أيام الامام الخميني

وحاليا هناك رغبة صناعة حالة امبراطورية لدولة وأيام الامام الخميني كانت تجربة إسلامية تريد الحياة والنجاح

حاليا ليس هناك موقع للدين في السياسة الخارجية وبأيام الامام الخميني كان هناك صراع بين البراغماتية والدين بالسياسة الخارجية

حاليا مؤسسات دستورية معطلة الأداء بأنتخابات مرتبة سلفا و سابقا بأيام الامام الخميني كان هناك حراك و تفاعل فكري مؤسسي وانتخابات حقيقية بين الإسلاميين أنفسهم .

حاليا مشروع سلطة مرتبط بمشاريع تجارية سابقا كانت تجربة مؤدلجة حماسية مخلصة .

وما يهم الخليج والمنطقة العربية بين الجمهورية الإسلامية حاليا وسابقا هو:

ان هناك انتقال مهم سيحدث في موقع قيادة الجمهورية الإسلامية، فهل هذا الانتقال ستحدده المؤسسات الدستورية الحقيقية بدون ترتيب مسبق من أجهزة الاستخبارات وشبكة النفوذ السياسي المتراكم على مر السنين؟

هل سيحدد الخليفة والقائد للجمهورية الإسلامية المقامة علي ارض إيران الاستخبارات او المؤسسات القانونية؟

إجابة السؤال السابق هو ما سيضع كيف ستتحرك الجمهورية الإسلامية بالواقع المحيط بها ومنها واقعنا العربي.

وأيضا كيفية التعامل مع الجمهورية الإسلامية ؟

 

ما الحل أذن؟ وما العمل؟

الحل هو بالجلوس الي طاولة حوارية واحدة , فأذا أستطاعت الجمهورية الإسلامية حل مشاكلها مع الغرب و هي مشاكل فيها بحار من الدماء و القتل و التصفيات الجسدية و التأمر الاستخباراتي ....الخ

فحجم المشاكل مع المنطقة العربية أصغر بكثير و هناك نقاط التقاء مشتركة و لابد من الحوار الشفاف الصريح بين الأطراف جميعا , و لعل الخطوة الاولي هو وقف الحملات الإعلامية و أيضا ان يبدأ الجميع من المساحات المشتركة بين الجميع و لعل ان الاقتصاد يجلب المصالح و المنافع للجميع وينفع لبداية جيدة و لعل ان الماضي القريب قد علم الجميع ان تنازع و صراعات جانبية تؤدي الي هزيمة كما حصل بالعام 1967 و علي العكس من تعاون و تنسيق كما حصل بالعام 1973 حيث تحولت الهزيمة العربية الي أنكسار صهيوني علي أنغام تحالف مصر و سوريا و السعودية.

ونحن نريد أعادة التنسيق لينكسر الصهيوني من جديد.

فالصراعات الجانبية صنعت لنا هزيمة نكراء سابقة ضد الصهاينة , لعلينا كعرب أن لا نعيد أخطاء التاريخ , و خاصة أننا نعيش معركة خيبر جديدة ضد الصهاينة يجب علي أتباع محمد رسول الله ان ينتصروا فيها , و لا أنتصار الا بأتباع القرأن الكريم كوسيلة و كخارطة طريق فهو قال تعالوا الي كلمة سواء و هو قال أنما المؤمنين أخوة و هو قال لا تنازعوا فتذهب ريحكم.

هذا القرأن الكريم فلنلتزم به جميعا لننتصر بمعركة خيبر الجديدة ضد الصهاينة.

أعطانا أوامره فلننفذها لكي لا ننهزم.

 

د.عادل رضا

في المثقف اليوم