تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

آراء

المُعَارَضَة ثقافةٌ وموقفٌ؟

eljya ayshالحديث عن المعارضة يحتاج الى دراسة عميقة من طرف أهل الاختصاص في نواحيها النفسية، الاجتماعية، السياسية، والعوائق التي تصدر عنها، وإذا ما كانت هذه العوائق أو النتائج تتلاءم مع عادات وتقاليد المجتمع ومساهمته في إحداث التغيير وتحقيق الديمقراطية السليمة، والسؤال الذي ينبغي أن نطرحه على أنفسنا هو: من نعارض؟ هل نعارض الأشخاص أم الأفكار؟ والسؤال الذي يلح على الطرح هو: هل لدينا الحجة القوية لإقناع خصمنا حول القضايا المتنازع فيها؟ وهل لدينا البديل الذي يرضى عنه الشعب؟، تلك هي المشكلة؟

عرف مصطلح " المعارضة" توسعا وتداولا كبيرين عبر صفحات وسائل الإعلام المكتوبة خاصة، ولاقى اهتماما كبيرا من طرف الكتاب والنقاد والمحللين، بعد تطور هذا الأخير في مختلف المجالات، لدرجة أنه تحول إلى "ورم" يتكاثر ويتنقل من عضو لآخر، فمن المعارضة السياسية إلى المعارضة النقابية، وانتقلت العدوى إلى القطاع القضائي الذي دخل باب المعارضة عن طريق المحامين، رغم أن هذا القطاع عرف بأنه الأكثر توازنا وانسجاما في ظل إصلاح العدالة التي باشرتها الوزارة "السّيدة".

لقد بذلت الجهات التي تبنت شعار المعارضة ورفعته في وجه خصومها كل جهودها لضرب الطرف الآخر وعرقلته بكل الطرق والإمكانات، وأصبحنا نسمع ونقرأ عن المعارضة دون ملل، وقد "نَتَقَمَّصُ" شخصية أصحابها والداعين إليها من أجل المعارضة ليس إلاّ، دون التفكير في نتائجها وآثارها النفسية ، الاجتماعية ، الأخلاقية، السياسية والاقتصادية، وإن كان من حق أي شخص أو هيئة اللجوء إلى المعارضة ، وأن يبدي مواقف معينة إزاء قضايا ذات أهمية يؤمن بها الطرف الآخر ويتبناها، لكن الحقيقة التي نقف عليها هي أن كثير من المعارضين يعارضون من أجل المعارضة، وبالتالي فهم يفتقرون إلى ثقافة المعارضة.

فالمعارضة لا تعني نشر الغسيل على حبال الآخر، أو تعطيل مصالح المواطن، وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان تبني هذا المصطلح أو استخدامه قبل إدراك مفهومه الحقيقي، إذ لا نلجأ إلى المعارضة من أجل المعارضة، لنشغل بها الآخر، وأن اختلافنا مع شخص ما لا يعني أن الإطار الذي يحوي هذا الشخص يخالف قناعاتنا ووجهات نظرنا والواقع الذي نراه ونعيشه، خاصة إذا كانت الأغلبية تؤيد "الموقف" موضع المعارضة..

اعتادت بعض الأحزاب على رفع شعار المعارضة من أجل التغيير وراحت بأفكارها "المُحَرِّرَة" تُخطِّطُ لبناء مجتمع على مقاسها هيَ لرعاية مصالحها لا رعاية المجتمع، ولم تقم هذه الأطراف بجرد تجاربها وامتحان خبرتها طيلة هذه السنوات ، وأن تبحث عن الثمار التي جنتها من المعارضة، وإن كانت المعارضة " موقف؟" يتخذه الشخص المعارض تجاه نظام ما أو حزب ما أو مؤسسة من المؤسسات، فالمعارضة هي قبل كل شيء "ثقافة" إن لم نقل " فنًّا " وعلى المعارض أن يكون قادرا على إقناع الآخر أي خصمه وتقديم له البديل ، وأن يدرك الحدّ الذي تنتهي عنده هذه الكلمة -المعارضة- التي تعني بالدرجة الأولى "السّير ضد التيّار" سيما إذا لم تتلقى هذه المعارضة الاستجابة الشعبية القوية لها.

 

علجية عيش

في المثقف اليوم