آراء

ياسين الرزوق: جامعة الهلام العربيِّ وفوبيا التعاون الإسلاميِّ

yasin alrazukمنظمتا التعاون الإسلامي والجامعة العربية تحترقان وتفقدان البوصلة التي ما كانت أصلاً بوصلة الأوطان والإنسان وما من باحثٍ لهما عن دور إلا وفق ما يشفي غليل أعداء الأمتين العربية والإسلامية

بدأت الجامعة العربية بميثاقها الواعد قبل استقلال سورية وطرد الانتداب الفرنسي عام 1946 وظنَّ من ظنَّ حينها أن العمل العربيَّ تفتَّح ورده الذي يخفي في رحيقه سموم المؤامرات من سلك الأنظمة الذي يُسري في دمنا بواعث التفرقة وضغائن الحقد ومذاهب التمنطق والتقوقع والانغلاق ومن ما زال يظنُّ أنَّ الشريف حسين كان يلعب مع مكماهون ببيادق الخيانة كي يقشع ظلام الخضوع عنا فليعلم أنه كان يسعى إلى أنْ يغيِّر ديموغرافيا المنطقة التي يتباكون على تهجير أبنائها ويتهمون الرئيس السوري بشار الأسد بتغيير ديموغرافيتها لصالح المشروع الصفويِّ وما اقتطاع لواء الاسكندرون من قبل العثمانيين القدامى الجدد إلا دليل ناصع على أحقادٍ بدأت تُزرع ومصالح بدأت تنمو على تربة تفتيتنا وانهيار جسدنا الواحد بأمراض التمذهب والطائفية والغرق المُنتظر على أيادي الزعماء الذين يتشاجرون على قصعة الحكم غير آبهين بصَنْعَةِ الشعوب التي لا تعرف ما يجري ولا تعرف حتَّى أنها لا تعرف وحين بدأت دعاية الجامعة العربية كانت دول التأسيس تدخل قفص الخلاف والتبعية القادم ما بين مصطفى النحاس وجميل مردم بك وبشارة الخوري .

وها هي منظمة التعاون الإسلاميِّ المحتلّة منذ تأسيسها 1969 بدأت بالدور المحترق الذي لم يسعف القدس التي كانت تحترق بل زاد عبْء الانهيار على التضامن العربيِّ والإسلاميِّ وانكسرت جرَّة السقاية ولم تُطفئ أنظمة التعاون الإسلاميِّ أو التهافت السلطويِّ حرائق المنطقة بقدر ما أشعلت حرائقاً شوَّهت وجوه الدول الإسلاميَّة وزعزعت استقرارها ولم تقدِّمْ أدنى ما يمكن لتحصينها على مستوى الداخل والخارج هذه المنظمة التي احتلَّ قرارها تدين النظام السوريِّ على ما اقترفه من مذابح في قاموس زيفهم وادعاءاتهم في مدينة حلب السورية لا العثمانيَّة ولا الإيرانيَّة ولا الروسيَّة كما تلخصُّه بالرئيس الأسد الذي يتعاطى بمفهوم مؤسساتيِّ ولا يختصر الدولة بشخصه وتنسى بورما وتنسى الاستيطان الصهيونيِّ وتلعب بشعوب المنطقة بيسبول المهازل دون أن تصيب بِكُرَاتِها الهدف المنشود القابع في عواصف الثلج وتحت ركام المشاعر المهترئة .

ونبقى نتساءل لماذا جامعة الدول العربية كما يفترض ووفق اتفاقيات التعاون المشترك على صعيد السياسة والدفاع والثقافة والاقتصاد من أليكسو إلى مركز آكاد الذي لن يدع أرضاً خصبة أوعقلاً خصباً في المنطقة العربية التي تساعد على انهيار بعضها وعلى غزو الآخر سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا

ونستمر بالتساؤل لماذا الجامعة العربية منذ عام 1945 لم تؤسس لاستقلال المنطقة بقدر ما ساهمت بخلق أو خلقت اتفاقيات إذعان تخنق الفعل وترسخ الخضوع كأوسلو ووادي عربا واتفاقية مبادرة الجامعة العربية برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز قدَّس الله سره في أروقة المنظمات العالمية المبادرة التي قال عنها الرئيس الأسد أنَّها وُلِدت ميِّتة !!

خرج الفعل الحقيقيُّ للمقاومة من حضن المنظمتين العربية والإسلامية الواحد فبدأتا تُغرِّدان خارج سربي العروبة والإسلام لصالح مشاريع مجالس أنشئت لضرب العمق العربي بموساد داخليٍّ سريٍّ لا أحد قادراً على اختراقه طالما ظلَّ مسلسل الدين والعروبة متناقض المشاهد على الصعيدين الإسلامي والعالمي

بدأ دور المنظمتين في الحرب العراقيَّة الإيرانية وفي غزو العراق للكويت مشوَّها حاقدا هدفه تدمير البنية الداخلية وخلق جروح لن تندمل وبعد تفجير برج التجارة العالمي في أميركا عام 2001 تجسد دور دول الخليج المسلمة في هويتها كما يفترض بشق الصفين الإسلامي والعربي وكانت هذه الدول ممراً لإسقاط الدولة العراقية وتفتتيها إلى حكومة مركزية مشلولة وأطراف متناحرة طائفيا ولم يخطئ الرئيس الأسد بعد حرب تموز مع الصهاينة 2006 حين سماهم أنصافَ الرجال وهم يرسخون الفعل العربي غير المشترك والانجرار الديني المذهبي غير المحسوب وطنياً ومازالوا يستجرُّون المنطقة إلى طمس وهابي أدخل الأمم في حيضٍ يوقفها عن جولة تعبُّدها الميتة أصلاً بدماء الحكام الباردة وما بين دمٍ يسيل ودمٍ بارد تحترق الكيانات العربية المدنية والفيدراليات الإنسانية والتكتلات المفيدة وغير المفيدة والحكومات الموازية والمعارضات الخاضعة والراديكالية فهل من بارقة أمل تعيد وحدة الصفين الإسلامي والعربيِّ الذين ما زالا على خارطة الهلام !!

 

الكاتب السوري المهندس: ياسين الرزوق 

 

في المثقف اليوم