قضايا وآراء

جذور إسلامية لابتكارات علمية

بترولهم وثرواتهم البشرية والجغرافية والتراثية وحتى الدينية وكيف أنهم حولوا بعض هذه الثروات لتكون وبالا عيهم مثل تحويلهم لروح التسامحية الإسلامية إلى منهج عنفي شرس ودموي وسم الدين الإسلامي بكل مساويء الصفات. وكيف أنهم عجزوا خلال عشرات السنين عن تقديم شيء مفيد لبلدانهم أو للبشرية وكيف أن الدول التي كانت تستجدي عطفهم وإحسانهم بزتهم خلفها مراحل طوال وكيف أنهم لم يستثمروا موروثهم العلمي لتأسيس حاضر أكثر عطاء وفائدة.  وأذكر من هذه المقالات

    العرب وغياب التخطيط العلمي .. دبي أنموذجا

    لماذا يتقدمون ونتأخر

    الأرقام تفضح خيبة العرب

    الإنفاق العسكري العربي والموارد النفطية

    نحن والآخر والاهتمام المتبادل

    لنكن على الأقل مثل الأفغان

    احتياطي بترولنا ونمو علومنا

    الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي ومقترح تحويل مرتفعات الجولان إلى متنزه سلام

ولذا كنت في بعض الأحيان ألوم نفسي كثيرا على مثل هذه الطروحات السوداوية وأعاهد نفسي أن لا أعود لكتابة مثل هذه المواضيع، ولكن ما إن يستفزني أمر ما حتى تراني أسارع للجلوس خلف جهاز الحاسوب لأكتب موضوعا جديدا. ولا أخفيكم سرا أني مع كل موضوع كنت أشعر بتأنيب ووخز الضمير لشعوري كمن ينشر غسيله القذر أمام الغرباء أو يكشف نقصا في نفسه أو في جماعته أمام الآخرين بما قد يدعوهم للشماتة به وبقومه وأهله. رغم أني والله ما كتبتها إلا حرصا على العرب وحبا لقومي وعشيرتي وأهلي الطيبين.

ولكن قيام موقع الـ (BBC ) الإخباري بنشر تقرير عن واحد من معارض (ألف اختراع واختراع. جذور إسلامية لابتكارات علمية) يوم الجمعة, 22 يناير/ كانون الثاني, 2010 خفف من درجات لومي لنفسي وتكبيتي وتأنيبي لها لأن هذا المعرض الذي أقيم في عاصمة الضباب كان يتحدث عن إرث إسلامي منسي وليس عن عطاء إسلامي جديد وكان يهدف إلى تثقيف العامة في الغرب بحقائق عن الجذور الإسلامية للكثير من المخترعات العلمية بهدف إعادة الاعتبار لإرث حضاري إسلامي منسي". كما يقول البروفيسور محمد مختار القماطي، أستاذ البصريات والنانوتكنولوجي في جامعة يورك ونائب رئيس "مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة"، التي تنظم المعرض بالتعاون مع مضيفه متحف العلوم، والذي أضاف: "إن المرء يلحظ عددا لا يحصر من الاختراعات التي نراها في حياتنا اليومية من البيت مرورا بالمدرسة والمستشفى وحتى الجامعة والمختبر والتي لها جذور إسلامية بطريقة أو بأخرى" . أي أن الهدف من هذا المعرض هو أن يتعرف البريطانيون على هذه الحقبة المنسية ، لأنه يسلط الضوء على الجذور الإسلامية لعدد كبير من الابتكارات والاختراعات والاكتشافات التي نراها حولنا في حياتنا اليومية المعاصرة. منها ساعة الجزري (ساعة الفيل) والقهوة التي اكتشفها عربي قبل 1200 سنة خلال رحلة إلى إثيوبيا وباتت الشراب الساخن المفضل لمعظم سكان العالم. والمسواك الذي كان أساس فرشاة الأسنان. والحناء التي تحولت في عصرنا إلى صباغات مختلفة للشعر والعطور التي جهزها كيميائيون وعطارون في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة ولا يزال الكثير منها يستخدم الآن. كذلك آلات الموسيقى الوترية وحسبنا أن نذكر زرياب الموصلي. والسجاد الذي اشتهرت به أرض المسلمين حتى أن عددا من أباطرة الغرب بهروا بجماله فاستقدموا أعدادا لا تحصى منه إلى بلاطاتهم وقصورهم. وأدوات الزهراوي الجراحية وطائرة عباس بن فرناس الأندلسي من القرن التاسع والتي كانت أول محاولة مؤرخة للطيران. والعالم ابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى. ولوغاريثمات الخوارزمي التي وضعت أسس الرياضيات الحديثة. وحسابات بن الهيثم في علم البصريات الفيزيائي. وبالتأكيد حفنة من الناس يعرفون أن العرب والمسلمين هم من استقدم الكثير من المحاصيل والفواكه إلى أوروبا من أراض بعيدة كالصين والهند بدءا من البرتقال والموز والأرز والقطن وحتى قصب السكر والحرير والبهارات. وجلهم أو غالبيتهم يجهلون حقيقة وأصول هذه المعارف ولا ينسبونها إلى العرب والمسلمين لأن واقع العرب والمسلمين اليوم بعيد جدا عن النشاط العلمي بما يوحي وكأنهم عبر تاريخهم لم تكن لهم علاقة بالعلوم وبالتالي ليس من المعقول أن تكون لهم علاقة بهذه المخترعات ولذلك قال البروفيسور سالم الحساني أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة مانشستر وعضو الشرف في رابطة العلوم البريطانية ورئيس مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة ورئيس تحرير كتاب "ألف اختراع واختراع: الميراث الإسلامي في عالمنا اليوم". قال: إن الجمهور الغربي "أصيب بدهشة لا توصف" لدى إطلاعه على الحقائق التي كانت بالنسبة إليه أغرب من الخيال وأكبر من أن تصدق لتجاهل معظم مناهج التدريس في الغرب للدور الثري والحيوي للحضارة الإسلامية في إثراء الحضارة الإنسانية عموما والغربية خصوصا. أي أننا لم ننقطع عن التواصل مع العلوم فقط بل وانقطعنا عن تاريخنا بحيث أننا لم نعترض على تجاهل وإهمال الغرب لمصدر وأصل هذه المعارف والعلوم وهو التجاهل الذي أحدث الصدمة لدى المشاهدين الغربيين. وهذا بحد ذاته يدفعنا أكثر وأكثر للحديث عن خيبتنا عسى أن يكون ذلك أسلوبا جديدا للطرق على حيطان النسيان العربي ليسمع من يعيش ورائها بندائنا ويستجيب لدعواتنا. المصيبة أن خيبتنا وفضيحتنا هذه التي يراها البعض تمجيدا للذات العربية التي اخترعت هذه الآلات والأدوات سوف تستمر طويلا لأن هذا المعرض سيطوف على مدى أربع سنوات قادمة في أنحاء العالم. بعد أن طافت المعارض السابقة المدن البريطانية منذ بدء هذه الحملة التي يعتقدون أنها حملة توعية في عام 2006 وبدعم من الحكومة البريطانية!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1297 الاثنين 25/01/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم