تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا وآراء

مصر تحتفي بالكاتبة التونسية حياة الرايس ومكتبة الإسكندرية تترجم مسرحيتها عشتار إلى الانجليزية

 "سيدة الأسرار عشتار" ضمن "الملتقى الإبداعي السابع للفرق المسرحية المستقلة الأورو- متوسطية" الذي انعقد من واحد إلى عشرة فبراير الحالي من طرف مكتبة إسكندرية.

و كانت مسرحية : "سيّدة الأسرار عشتار" قد فازت باختيار لجنة تحكيم الملتقى لتكون ضمن أفضل النصوص المسرحية المتميزة التي تمت ترجمتها إلى اللغة الانجليزية، ونشرها في نسخة مزدوجة باللغتين العربية والإنجليزية، من خلال ثنائية لغوية تهدف إلي تعريف القارئ علي المستوين المحلي والدولي بقضايا المسرح النسائي العربي. وقد تم توزيعها بالمناسبة على 23 فرقة مسرحية عربية وأجنبية بكامل عناصرها من المشاركين في الملتقى من منتجين ومخرجين وممثلين كشكل من أشكال تقريب النص المسرحي من كل الفاعلين في القطاع المسرحي وكمحاولة لخلق فرص اللقاء بين صناع الفرجة في الوطن العربي وفي المتوسط الأوروبي....

و بذلك تكون مسرحية " سيدة الأسرار عشتار" للكاتبة حياة الرايس، قد بلغت طبعتها الخامسة ما بين تونس والقاهرة وإسكندرية (ثلاث طبعات في تونس وواحدة في القاهرة عن دار شمس للنشر والتوزيع وواحدة عن مكتبة إسكندرية).

و “سّيدة الأسرار” : مسرحية ميثولوجية مستمدة من أسطورة سومرية شهيرة هي عشتار. مسرحية إيروسية وملحمة شعرية تروي قصة حبّ عظيم عاشته ربّة الحبّ والخصب مع تموز اله الربيع ’ هي في النهاية قصة حبّ تحلم أن تعيشها كل امرأة وكل أنثى كما يحلم أن يعيشها كل رجل أيضا .

 "عشتار" نص في مديح الأنوثة وفي مديح الشبق البكر في حضرة ربّة الخلق والبدء لتخليص الجسد الأنثوي من التدنيس الذي لحق به في أزمنة الانحطاط الثقافي للعودة به زمن الطهارة الأول جسدا حرا طليقا عاشقا سعيدا.

وقد قال الأستاذ عزالدين المدني في عشتار :"هذا نص مسرحي جديد، بل هذا نص مسرحي يناقض مناقضة تامة او تكاد المسرح السائد في تونس وفي أقطار عديدة من العالم العربي اليوم. نص يجدف بقاربه ضد تيار النهر الهادر، تيار السائد، ولكن أيضا تيار اليوم الراهن".

في هذه المسرحية تهتك حياة الرايس ستر الأقنعة والتابوهات ألمزيّفه، وكل المسكوت عنه في زمن غاب فيه كل ماهو أخلاقي لصالح ماهو سلبي، فتسمي الأشياء بأسمائها… فليس أجمل من جسد المرآة ووصف مفاتنه وطقوس الاحتفاء به كما كانت تقتضيه الطقوس القديمة لحضارة الشرق القديم التي اعتلت بمقام المرآة إلى مستوى الآلهة وطهّرت جسدها من كل تأثيم وتدنيس ألحقته بها عصور الانحطاط الثقافي التي أصبحت تنظر إلى جسدها كعورة هوا لذي أبدعته وسوّته يد خالق عظيم؟

 

و تقول عشتار :

“إلى العرس المقدس أمّي كانت قد أعدّتني

إلى لقاء تموز، زوجي الموعود، أعدّتني

يما يليق بملكة سومرية.

بماء الإبريق المقدس استحممت

بالصابون دلكت جسدي،

في الطست الأبيض اغتسلت

بالعنبر طليت ثغري

بالكحل كحّلت عينيّ

بالحجارة الكريمة والمجوهرات والحلي

زيّنت أمّي مختلف أنحاء جسدي

ومن كنز أهداني إيّاه أحد عشاقي

انتقيت حجر الآزورد لصدري وعنقي،

وخرزا بيضاوي الشكل لردفي ورأسي،

ورصّعت بحجر الدّر ضفائر شعري.

وبالأقراط البرونزية زيّنت شحمة أذني.

ومختلف أنواع الحلي لوجهي وأنفي وعجيزتي،

و الأبستر اللامع لسرتي

والخفين لقدميّ “”

هنا ترسم لنا الكاتبه لوحة لمفاتن المرأة وجمال وتجميل جسدها في فطرته الأولى

و لعل موقف الكاتبة واضح من رد اعتبار للجسد الأنثوي كما يتجلّى في طبيعته الأولى قبل أن تطاله المحرمات وقبل أن يدخل في دائرة الممنوعات وذلك ليس غريبا عن صاحبة كتاب :”جسد المرأة من سلطة الأنس إلى سلطة الجن” الذي اهتمت فيه بتحليل سيكولوجية الجسد المهمّش الهارب من سلطة الأنس ونواميسها الصارمة إلى سلطة الجن ليمرّر خطابه المكبوت والمقموع قبل أن يموت بغصّة الكلمات على حدّ تعبير الكاتبة .

 علما أن حياة الرايس كاتبة متعددة الأشكال الإبداعية قد كتبت القصة القصيرة والسيرة الذاتية من خلال مجموعتيها : "ليت هندا ..." (تونس) و"أنا وفرنسوا ... وجسدي المبعثر على العتبة" الصادرة عن دار كتابنا (ببيروت) وكتبت البحث الفلسفي من خلال كتابها " جسد المرأة من سلطة الإنس إلى سلطة الجن "الذي طبع بالقاهرة عن دار سينا للنشر والتوزيع ،و أثار ضجة كبيرة حينها ومازال يسيل حبر النقاد ويستحوذ على اهتمام القراء كونه أثار موضوعا يعتبر محضورا هو موضوع النساء المسكونات بالجان، وديوان شعر الكتروني :"كل خريف وانت حبيبي".

 وها هي مسرحيتها عشتار تأخذ طريقها نحو الآخر نحو القارئ الأجنبي من خلال الترجمة الانجليزية وقبلها الترجمة الفرنسية في تونس من طرف المترجم جمال الطيبي.

و للاشارة فعشتار قد تبناها "المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف" في تونس ليتم إنتاجها مسرحيا ضمن انتاجات المركز لسنة الفين وعشرة .

 

أنس الفيلالـــــي

 شاعر وباحث

 من المغرب

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1322 الجمعة 19/02/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم