قضايا وآراء

سردشت بين عشق الحرية – الخلود وعشق بنت مسعود البرزاني – حجرة الموت

يخرج علينا رئيس إقليم شمال العراق مسعود البرزاني "المترجم" في عهد أبيه، عبر شاشات التلفزة أنيقا في ملبسه الحريري، ومتخما بالمفاخرة، وتبدو عليه الملامح الإنسانية مصطنعة وكذوبة، وكأنه يتكلم معنا في الظلام الدامس، ونحن في القبور،غير آبه بمستويات ذوي القامات الثقافية في بلدنا العراق، يتكلم في حقوق الإنسان، والحرص على الديمقراطية، والحريات التي يجب أن نحميها، حتى إذا تطلب الأمر أن نقدم لها دماءنا، ويستفيض في كلامه عن الازدهار، والنعيم، والحقوق الكاملة للإنسان الكورد، والانتعاش المعاشي للأسر الكردية، والمساواة في الحقوق والواجبات، وكأنه يصور لنا إقليم كردستان أشبه بأي مدينة أوروبية من حيث التمدن في العلاقات المدنية والسياسية، وكل ما يختص بحقوق الإنسان والحريات، ثم يأتي ويميل إلى المسكنة على إنه واحد لا فرق بينه وبين الإنسان العادي، ثم نجده يقفز بباطن الملمس العاطفي الخفي، فيظهر لنا على إنه رجل تأهل للقيادة فصار أهلا لها، مطلاً علينا وملوحا بمفتاح الرجل المعظم الذي سوف يفتح الجنة للأكراد، وهو الأوحد، المقدس، اللا مثيل له، على اعتبار أن هذا الرجل اختزن هذه الصفات الإلهية في جلالته، هو لا يخطئ ورأيه لا عيب فيه، فأنه متميز في نفسه عن سائر البشر، وهو المرسل الدال على فصاحة المعاني الجبرية المقدسة.

ولو توقفنا قليلا وحللنا هذه الحالة النفسية عند المترجم مسعود البرزاني الموهوب بتصريحات الأنا المفعلة، لوجدنا أن ما يبتغيه هو سعيه إلى الخلود في منصبه، وتوريث أبنته التي عشقها سردشت الجميل، ثم حفيدته ابنة سردشت المفترضة، وهكذا دوليك، ومظهره يبدو لنا كأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وحاله متناقض فهو يدعو إلى إطلاق الحريات على أوسعها في الإعلام، وفي الظلام يقتل الحريات.

وهذا يقودنا لكي نعرف أن مسعود متناقض في بواعثه ودوافعه، وفي مسلكه السياسي، وطرقه الملتوية العرجاء مع الآخرين، وبالتالي فهو متناقض في نتائجه وآثاره السلطوية التي يروم منها: حكم شعبه بالنار والحديد كما كان صدام حسين، ومن ثم يصادر ويحتل أراضي قريبة من الأراضي الكردية، مستغلا خصام عرب العراق على من يصل أولا إلى الكرسي، وهذا الاستغلال بني على سياسة تتقابل في الحيلة والعمل تحت الطاولة بأسلوب الخصائص النفسية المرضية لهذا الرجل.

أولها: الزحف بسرعة وقوة هائلة لاقتناص ما يربحه من المكاسب على مستويين: الأراضي، والمال، حتى يثبت قدرته على القيادة من خلال السطو على حقوق الآخرين، وشرعنة الكسب اللا قانوني.

ثانيهما: العمل بسرية محكمة في شق وحدة العرب في العراق، مستخدما مقولة: "فرق تسد" طريقا لبلوغ أهدافه. فكم أتمنى من القادة العراقيين أن يفوتوا هذه الفرصة عليه.

ومع نجاح هذه السياسة في معطياته الخبيثة، قرر أن يكمم الأصوات الكردية في داخل منطقته، حتى يظهر للآخر إنه مسيطر وبيده زمام شعبه، ملمحاً إلى أن الشعب الكردي مؤيدا له ويسير خلفه، ومن هنا تبدأ البيروقراطية الإقطاعية، كون الرجل من قرية كان والده سيداً عليها ، ثم تسيد عبر السلاح على العشيرة، وبعد ذلك أخضع جميع الكورد لأرادته تحت شعار الثورة. والمطالبة بحقوق الأكراد، دعونا نقتطع هذا الجانب الأخير الذي أشرنا به للحقوق الكردية في أراضيهم وأموالهم وثقافاتهم وتاريخهم، فنحن مؤيدون لهم ومقرون بذلك، وحتى نرتضي لهم بالدولة المستقلة، وما أجمل العراق أن يكون له دولة كردية جارة. تبعده عن إيران وتركيا.

ولكن وآه من اللكننة، ما هي طبيعة حكم مسعود البرزاني في أربيل؟ لندخل أولا من حيث ابتدأ  سردشت طرح معاناته ومعاناة أسرته وشعبه، ومن خلال هذا الطرح حاول بقوة وشجاعة غاية في البلاغة، ود توصيل المنغصات من المشاكل السياسية والمادية والمعاشية، ومعاناة واضطهاد الشعب الكردي من حكام أربيل، فأراد أن يوظف الكتابة بتوصيل رأيه للآخر، فاستخدم السخرية في مقالاته من الحاكم عندما أخذ هذا الحاكم الابتعاد عن شعبه، بحكم التخمة المالية، ونشوة الحكم، فتجده يهزأ ويتجنى ويبني السجون لتكميم الأفواه من أصحاب الرأي، وإظهار أكذوبة أمجاده ورأفته على شعبه، وتحقيق المساواة والحميمة مع العامة، حينها فكر الكاتب الشهيد الخالد في نفوس الطيبين، أن الطريق الأسهل للكشف عن معاناة شعبه أن يعشق ابنة مسعود ثم يفترض زواجه منها، وبعدها يحق له توظيف أفراد عائلته في أرقى المناصب الحكومية، ويبني المدينة الفاضلة كما تمناها افلاطون، حتى إذا كانوا لم يدخلوا المدارس، وهي إشارة إلى أن مجلس النواب الكردي ووزراء الدولة الكردية، الكثير منهم جهلة، إذن ما الخطأ في هذا الخطاب المباشر والسهل لتوصيل آرائه ومعطياته الفكرية، ألان نقده إيجابي وبناء وليس هداماً، والعشق ليس محرماً خاصة إذا كانت هذه الابنة جميلة وبنت أغنى ملياردير في العراق، " أتمنى من ابنة مسعود البرزاني أن تقرأ مقالتي هذه وتراسلني على عنواني الموجود في أسفل المقالة، فأنا شاب محكم الأناقة، ومطلق الخيال والوسامة، لم لا فالعشق حالة إنسانية وحضارية وهو لا يفرق بين فقير وغني" ولكن ماذا حصل لسردشت النبي؟ وإلى أي بوابة أدى به هذا الحب؟ وأين انتهى به المقام، عاشق ابنة مسعود البرزاني؟

نعم أوقعوه في حجرة التعذيب حتى الموت، على يد مسعود البرزاني مباشرة وبأمر منه، ولكن المعشوقة لم تر عاشقها، لأن هناك مسافة بينهما تؤمها الديدان والحيات والعصي والكهرباء والماء الساخن وقبضات الحديد وتكسير أصابع الكاتب لأنه كتب: " أعشق بنت مسعود البرزاني" يا للفظاعة، فمسعود الرئيس يعتقل ويعذب ويقهر النفس حتى الموت، لمجرد التفكير لرجل ما أن يعشق ابنته، هذا بدلا أن يفرح لأن ابنته تنحب وتعشق، العشق جميل يا مسعود، والتعذيب اهانة للإنسان ووجع عظيم، نعم يا مسعود لقد قتلت الحريات، ومزقت الديمقراطية، وشللت الحقوق التي يجب أن يتمتع بها سردشت العظيم، وحرمته من شبابه.

كيف للإقطاعي أن يكون ديمقراطيا؟ وهل الدكتاتور يؤمن بوجوب منح الحريات للإنسان؟ وهل يمكن للقاتل أن يشفق على المتألم؟ إذن ما الفرق بينك وبين صدام حسين يا كاكه مسعود؟ لقد حرقت قلوبنا على شاب عراقي مبدع وبريء وأنيق.

 

جعفر كمال

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1409 الخميس 20/05/2010)

 

في المثقف اليوم