قضايا وآراء

ومازال الغناء العراقي دمويا

الا وهو المقبور صدام حسين الذي أذاق الشعب ويلات الحروب والمقابر الجماعية، ومارس معه شتى انواع الابادة البشرية، ومازالت الاناشيد العراقية تغرق بالدماء.

قبل ايام شاهدت في قناة العراقية نشيدا او اغنية وطنية - كما تـُسمى- لمطرب عراقي معروف قد احببنا اغانيه القديمة كثيرا، وهو الفنان صلاح عبد الصبور، للأسف، شاهدناه يتغنى بكلمات غاية في الدموية، حيث يهتف متحديا بجعل دجلة غارقا بالدم في سبيل الوطن، وبأن كل الجروح فداء للوطن، ولايهم ان سال دم الجميع في سبيل الوطن..

عجبت مما سمعت..

أما زالت ثقافة قبول الموت الجماعي هي السائدة في العراق؟

أما زال موت الانسان عاديا في سبيل تحقيق غاية مهما كانت؟

اما زالت قيمة الانسان رخيصة بعد كل ما أعطى الشعب من تضحيات؟ فأين من يهتم بحقوق الانسان اذن؟

اين وزارة حقوق الانسان التي من واجبها تثقيف الناس بأهمية حياتهم وافضلية الحياة على الموت؟

ماذا يريدون من شعب تمتليء بيوته وحيطانه بصور الشهداء، وماذا يريدون من شعب اتشحت اغلب نساءه بالسواد والبؤس والقهر ورائحة المقابر؟

أبعد كل هذه الدمار وهناك من يتغنى بالدماء دون ان ينفر من هذه الكلمات؟

ابعد كل التضحيات، والخرائب، والموت المرعب الذي لم يمر على شعب بالتاريخ، مازلنا نتوعد بالمجازر باسم الوطن وباسم التضحيات؟

أية تربية وطنية هذه التي تتعكز وتبنى على الدم وعدم الاكتراث للحياة البشرية المقدسة في كل الاديان، وأي منظر منفر نعطيه للأطفال عندما نجعل صورة نهر دجلة وهو مليء بالدم أمراَ طبيعيا ومقبولا لديهم وباسم الوطن تتكرر الصورة امامهم باستمرار؟

اهكذا تكون الوطنية ؟ ام أن الوطنية تبنى على المحبة، والتسامح، وقبول الآخر، ولئم الجروح، والحث على بناء ماتهدم؟

هل استمر العراقيون بذات الاسلوب الذي اشاعه البعث الدموي وكان يفتخر به، ترهيبا للناس بهدف نشر الرعب والخوف لتحقيق المآرب القبيلة والعائلة التي حكمت العراق بالحديد والنار؟

أوجه اللوم هنا لقناة العراقية، لانها القناة الرسمية التي تعبر عن الصوت الرسمي للحكومة، والمفترض انها تعبر عن الشعب، فلماذا لا تنتبه لخطر اشاعة الكلمات والعبارات العنيفة والدموية والعراق لازال يخوض ببحار الدماء يوميا؟ لماذا لم ينتبه تربوي او مثقف في هذه القناة لهذا الأمر؟

هل ان هذا الاسلوب الدموي قدر العراقيين في كل مجالات الحياة؟ وهل عليهم الاعتياد عليه ابدا؟

لقد رضينا ان تكون اللغة العربية في الفضائيات العربية وخاصة العراقية مضحكة جدا بسبب عدم كفاءة أغلب العاملين، ولأن شروط تعيينهم ليس لها علاقة بالكفاءة والثقافة والقدرات اللغوية، لذلك نجد أن المذيعين ومقدمي البرامج والمراسلين يذكروننا" بآتتي مشناف" في المسلسل العراقي"تحت موس الحلاق" وقراءة الرساله التي اشتهرت على يد الفنان المرحوم سليم البصري والفنان حمودي الحارثي، لكن ان نستمر بقبول كلمات الدم المرعبة على الشاشات بعد كل مامر بنا من موت، لهو أمرٌ غاية في الغرابة وهو أمرٌ مشيعٌ للاحباط، بل هو أمرٌ يستحق المتابعة والتدقيق ...

 

24-5-2010

www.balkishassan.com

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1415 الاربعاء 26/05/2010)

 

في المثقف اليوم