قضايا وآراء

تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة (4)

جاءت بدايته في مستهل جيل الخمسينيات، مجدداً للقصيدة في اللغة الدارجة المحكية، والفصيحة في جانبها الثوري، على سلم إيقاع سلس وغنائي، وهو واحد من الفاعلين النشطين على الساحة الأدبية العربية، من حيث الكم والنوع في إنتاجه الأدبي، ممن ساهموا وفعلوا وبرزوا الحركة الأدبية العربية على أوسع تجديد حققته مسيرته، أمام الحركة الشعرية العالمية، فعد اسمه أهم وأكبر شاعر عربي في إجادة وبناء وإحكام القصيدة السياسية الساخرة بدون منازع، وقد عبرت قصيدته عن تفعيل الحكاية بكشف المستور السياسي، وتوكيد الشيء بالبرهان، على العكس من الكثير من الشعراء الذين وضعوا لقصائدهم السياسية حداً لاعتبارات عديدة، مجزئين الكتابة إما عاطفية أو اجتماعية، فهم يعتبرون أن هذه الحدود منطقية ومأخوذ بها، مع أن الشعر يعد من المحمولات الذي يتناصى في أصعب حالاته ولا يتوقف عند استثناء، ولذا جاءت قصيدة النواب المتنفس الحقيقي المستبين عن ما يود القارئ.

والنواب بهذا الأسلوب قد أولّ الوحي المشار إليه إلى المطلق التعبيري المكشوف على معانيه، أي كشف الحقائق وبسطها أمام المتلقي العربي، وإن كان يعتري تلك القصائد القذف بالشتائم. ولكن من خلال هذه الكتابة كشف النواب على أن هؤلاء الحكام آثمون وضالون يقترفون الظلم والطغيان بحق شعوبهم، كقوله:

 

وأرى خوازيقَ صنعن على مقاييس الملوك

وليس في ملك وخازوق ملامة

لله ما تذر البنادق حاكمين

مؤخرات في الهواء

ورأسهم مثل النعامة

 

هذا الوصف معلوم بمنزلة الموازنة في المنظوم والمنثور، لا في المطلق الذاتي الأناني، لأنه عَبّرَ عن المنهج الجدلي بين التوازن القياسي، والعرض، بقوله "وأرى خوازيق صنعن على مقاييس الملوك" أما المحمول العاطفي هي السخرية، بقوله " وليس في ملك وخازوق ملامة" حصن التعبير بجودة مبتغاة، يعني إما أن الملوك يتناهون عن احتقار وإذلال شعوبهم، وأما أن يقبلوا بالخازوق، وهنا ليس عليهم ملامة فليقعدوا على الخازوق المخصص لكل واحد منهم، وهذا متاح عند حاكمنا العربي يرضى بهذا، لأن مؤخرته مكشوفة على مثل هكذا كراسي حديثة ومعدلة في الإيجاب وليس السالب، وكأن الحاكم العربي توقف عقله عن التفكير بالاتجاه الذي يظنه صحيحاً، ومن أمثلة ذلك ما قاله طه حسين: "ثم يخيل إلى الفتى كأن عقله قد وقف عن التفكير، وكأن قلبه قد عجز عن الشعور حيناً، وكأن في نفسه شيئاً يشبه النوم، وليس بالنوم، وكأنه يسمع ذلك الصوت الغليظ الخشن وهو يبعث في الفضاء عالية ملؤها السخرية والاستهزاء*".

ولأن المعاني متحركة في النواحي المعنوية، تجدها تتقاطع مع السوالب وتتحد في الموجبات بقوله: "لله ما تذر البنادق حاكمين". أما قوله: "مؤخرات في الهواء / ورأسهم مثل النعامة" ما كان الأجدر بالشاعر أن يكسر المعنى ويضعفه بعد أن كان صاعداً في تجليات بلاغاته، لكنه في هذا المقطع نحا به نحو المواعظ والأمثال غير العلمية. وإذا كان القصد الاستعارة هذا واجب، ولكن بشرط أن لا يكون هذا من هذه، لأنها لا تحكم بينات المعنى ووجوبه بالاتجاه الأصح. فالصورة الشعرية ما أن تتحد بيناتها مع بقية الجمل الشعرية، تمثل أصواتها من حيث الأصالة النابعة من أدواته حتى تُفَعلْ مسندها الاستشعاري، فتلزم استيحاء وتآزر المعاني ببعضها، أما إذا استعرنا فعلينا أن نحكم المستعار ببينة الأصل. حتى يصار للصوّر الشعرية أن تتهادى صعوداً بمستوى واحد لأنها محكومة بوجوب التجنيس والطباق، أو "التكافؤ" كما قال فيها قدامه بن جعفر. لا أن تعن وتتعثر بالمباشرة فتسيء لقائلها. وقول الإمام علي بن أبي طالب في الأشعث بن قيس: " وهذا أبوه كان ينسج الشمال باليمين*" وفحوى هذه البلاغة في أغلب الظن عند من يعنون غير المختص بالشيء، بما يشير إلى خلط الأمور بغير محلها في الزمان والمكان، سواء كانت في الحديث أو بالأفعال، والحال كما الذي يهيل الماء ضد اتجاه الشلال، "يقدم ليحجم، ويقبل لينكص*" كما رأى عبدالفتاح عبدالمقصود، أما من الجانب العلمي تفضيل الضعيف "اليسار" على "اليمين" القوي. هو خلل في إيعاز البناء الفسيولوجي كان العرب يعتبرونه ناقصا ومعيباً.

ومع هذا فقد حقق النواب للمواطن العربي حراك هذا السُكان الراكد في النفس الخائفة، فكان استثناءً على الصفحة الشعرية العربية عموماً، التي حققت للقصيدة النوابية انتشاراً واسعاً لدى القارئ العربي المتعطش لمثل هكذا كتابات، لتكون القصيدة أقرب إلى التشويق، كإظهار التأثر بالمقروء على القراءة، ليكون فنه متناسقاً في المعطيات الحسية التأثيرية على المتلقي في جانب، ومن جانب آخر أن يكون قريباً إلى الموهبة وكمالها الفني.

ومع كل إشراق هذه الفضائح في قصائد النواب، تجد الحكام العرب يستدرون الأموال الهائلة لمصلحتهم الخاصة، ولدائرة الأقارب منهم، غير آبهين بمصائر الناس وقوتهم اليومي، يشترون الذمم والقتلة لحماية عروشهم الخاوية القلقة، ودكتاتورياتهم المبنية على العهر والفساد، ويصنعون المعتقلات السرية والعلنية منها لإسكات صوت الحق والعدل.

كما وقد حقق النواب أروع ديباجة لطلاوة الأسلوب وأناقته وحلاوة سبكه المتقن بحرفة قل نظيرها، سواء أكان الشعر شعبياً أو فصيحاً، فأغنى أدبه وحماه من كل رداءة أو إفساد إلا ما قل وانحصر، ومن خلال هذا الضبط الفني، خصص لأدواته العناية القصوى التي تحكم مسعى لغته، فتميزت كتاباته سواء كان على مستوى أجيال سبقته، أو على مستوى المعاصرين، يحق أن نقول أن مظفر النواب شاعر محبوب ومقدر سواء أكان من قبل جمهوره الواسع، أو من قبل الكتاب والأدباء على كل المستويات الأكاديمية منها والفنية.

وقد شغل هذا الشاعر المبدع بال واهتمام الناقد به، فكتبت عنه دراسات نقدية عديدة، وهذا التعدد والتنوع من الدراسات اتفق أصحابها على رأي: بأن النواب متعدد المواهب الفنية، ومحكم لأدواته وورودها العام في المنظوم والمنثور، وإحاطة ألألفاظ والفواصل الموسيقية تحميل الجمل الشعرية التساوي في معاييرها وأوزانها، لما تطلقه من معان أثرة وقوية وسهلة الاستقبال والحفظ، ففي قصيدته الشعبية "يا ريحان" حقق لشعره هذا الانسياب البديع لتلاقي الإحساس بمؤثراتها الوجدانية في ذات المتلقي في قوله:

 

ياريحان

 

شكد نده

نكط على الضلع

ونسيت أكلك يمته

أشكد رازقي ونيمته

وشكثر هجرك

عاشر ليالي الهوى

وما لمته

لمن سحنت الليل

بكليبي

وكلت موش أنت

= = =

 

في هذا المقطع نجد الشاعر قد أباح للمعاني ألقها وصفاء قوتها وتأثيرها البليغ على القاري، خاصة في محاكاته للانتظار الذي آلمَ مشاعره، سواء كان هذا الانتظار للحبيب، أم للثورة المخلصة لشعبه من النظم الدكتاتورية، وقصده انتظار مجيء الحزب الشيوعي العراقي للحكم، خاصة وأن مظفر أستخدم الرمز سلطانا على قصائده، فوظفه توظيفا دقيقاً ومحكماً، حتى أن الكثير، أو الأغلب من قصائده تبدو للقارئ عاطفية، لكنها في حقيقة الأمر سياسية بحته، وهي مزاوجة فنية في دلالاتها الإيحائية العميقة، جعلها السلاح الوحيد بيده، لكي يواجه تلك المرحلة القاسية التي مرت على العراق، أبان حكم حزب البعث، فقد حقق في التأويل وجوهاً ذات مكانة فذة بحرفية الاختلاف من المنثور في نوعيته، وذلك لأن مظفر أضاف في قصيدة: "يا ريحان" بعداً وجدانياً بحكم المناغاة والألفة بين الانسياب اللحني العاطفي للجمل الشعرية، وبين الفلسفي في محاكاة الواقع من الوجه المادية، في قوله البديع: " شكد نده .. نكط على الضلع" المزاوجة هنا فعلت المبتغى المادي الموسوم: بنقاط الندى الذي اختلطت في عبق مناجاته اللوعة في خلايا الأنفاس الصاعدة والنازلة في ثنايا الضلع، فصارت لهذه المزاوجة الفنية أن تأخذ بعداً فنياً وفلسفياً، وما المعاشرة في هذه المقدمة الشعرية التي عبرت بكل معرفتها على أن الشاعر هو المحقق البديل لكل الأطياف الشعرية المحكية للأجيال التي سبقته والمعاصرة.

هذا الترتيب الحسن في صناعة الجملة الشعرية دونما أي عتّ وافق البناء في أرقى صوره، وحقق المنجز التحديثي في موازنة الصورة والصوت والملمس المتعالي لحناً المؤثر في الذائقة العامة، كونه متسق النظم، رشيق الاعتدال، في قوله: "أشكد رازقي ونيمته.. وشكثر هجرك عاشر ليالي الهوى .. وما لمته." وحين يطول الانتظار في موضع النفس، يبقى وجه المفاخرة مجازي المعنى، فيكون الانتظار متعلقاً بفهم استحالة اللقاء، فالجملة دالة ولا عيب فيها على ما وضعت في الأصل على إيضاح التخيّل، لكن التداعيات انسحبت إلى ما لا تريده محققات الخيال لما يرتئيه الشاعر في مبتغاة الفكرة، وهي أن الدلالة الموضوعية لشهوة النفس في اللقاء أصبحت أمراً خيالياً، مما جعله صابراً يلين في موضع الغلظة التي وجد نفسه فيها، حتى أن هذا الصبر جعله قارئا رومانسيا مجيداً لتخدير وردة الرازقي فاستسلمت لبوح مناجاة شعره، والهجر في معاشرته لليالي هو كل شيء في إحساسه للقادم السياسي المنقذ في البعد غير المنظور ، لأن الجملة الشعرية اشتملت على التكليف الفني لا التوصيف التقريري، وهذه الجملة متغايرة في معانيها ومتحدة في إيقاعها الموصول للآخر، وهذا سر نجاح النواب في تجلياته الموفقة، يقيم لها بذلك نهجا متفرداً في إثبات وحدة موسقة المعنى، وأبعاد ممكنات تحقيق عطف أطرها ونواصيها على القارئ، الذي يعاشر الشعر وسياقاته، ولا أنكر أنني في شبابي واحد من الشعراء الذين تمنوا الوصل إلى رضاب النواب في معالجاته وأحكامه ونبوغه البنائي في محققات المعاني في وحدة النص. والكثير من الشعراء العراقيين والعرب أرادوا الوصول إلى سهل النواب باستثناء الشاعر الشعبي الخرافي الذي لا تتكرر معالجاته الشعرية ربما لأجيال قادمة وهو أبو سرحان، الذي سوف أتناوله في دراسة مستفيضة في الجزء الخامس من هذه الدراسة، البعض منهم فشل، والبعض الآخر وصل، لكن الذي وصل لم يستطع الجلوس على منبر النواب الشعري إطلاقاً.

ومع هذا فقد كان من الشعراء الشعبيين المجايلين للنواب ممن كانت له السطوة والتأثير المباشر على القارئ، فكان لكل واحد من هؤلاء لونه وقيمته الفنية، أمثال، طارق ياسين، وأبو سرحان، وكاظم إسماعيل كاطع، وعزيز السماوي، وزامل سعيد فتاح، وهؤلاء من الشعراء المجيدين والمؤثرين، يختزنون في بناء أعمالهم أبعاداً فنيةً وفلسفيةً جامحةً، ينظر إلى أنها كانت وما زالت مؤثرة في الوسط الأدبي والشعبي.

ومن الشعراء الشباب المجايلين الذين يبشرون بمستقبل شعري أخاذ، والذين يمتازون بالمهارة، وقوة المقايسة بين الباطني منه والشكل، كتأسيس صحيح للموازنة المستفيضة في إحكام رؤاها وتداعياتها، بذات الفطنة المؤثرة في خيال المتلقي، فالقصيدة التي تدخل في مركب المعاني وتشرق في المعالج الفلسفي وجدتها عند هؤلاء: الشاعر الشاب سيف الحلفي، والشاعر الشاب حيدر العيداني، والشاعر صباح الهلالي، هؤلاء شعراء ذوي ممكنات تنويرية وضعت القصيدة المحكية العراقية المعاصرة في مقدمة الشعر الشعبي العربي، أتمنى أن أحصل على وقفة مع هؤلاء الشعراء الجميلين .

ربما أختلفَ الكثير من النقاد العرب حول قيمة وأثر القصيدة الفصيحة النوابية، على قولين بما يعني:

1- أن القصيدة الفصيحة عند النواب مبنية على القسمة، تخلو من الإحساس والمعالجة الفنية، كونها سرد مجزأ أشبه بالبيان السياسي. لا طعم فيه ولا ذائقة، توحدت معالجاتها بالذم والقذف والتذليل، وهذا مما يحط من قيمة الشعر، خاصة إذا كان الشاعر من الشعراء المجيدين للنظم الفني ذات البهجة المرحة والبليغة بآن.

2- والرأي الآخر ذهب بعيدا في تحليلاته ومعالجاته "وأنا واحد من هؤلاء" للقصيدة النوابية حيث يتكوّن وجه الاختلاف على أساس معرفي بحت، لأن صناعة فوائد الكلمة ليس بالأمر الهين على المبدع، وهذا التكليف المعرفي لا يختص به أياً كان، إنما من هو قادر على صناعة مشتمل هذا الفن ذي السهل الممتنع، وهذا مشروط بمعرفة المذاهب الشعرية التي يتداعى مفعولها الباطني ليؤسس لمعالجات فنية قادرة عل حياكة المعاني بمهارة موفقة وناجحة، فالباطن الدلالي يبوح للشكل معانيه مما يدعه يفسر خلجاته وبوح إحساس مشاعره، التي تأخذ الاندفاع العاطفي أن يسبح في أسمى إيقاعاته، مما يرتب الملائمة الحسية والبراعة الفنية في تفاعلها مع النص، وإشراك التخيلي مع المعالجات الايجابية التي تأخذ بتحقيق التمنيات التي تشغله، سواء كانت سياسية أو عاطفية، وهذه هي المحصلة البلاغية التي أشتغل عليها النواب في اختلافه مع الآخر، والتي هي ليس للتبضيع، إنما هي في الحقيقة لفتة إبداعية في معرفة هذه الصناعة، تؤدي إلى مشابهة الممكنات البلاغية وأثرها على النص، والنواب اشتغل على تميّزها إيجاباً، ليحقق قدسية الفعل الأدبي المغاير الذي أراد لها أن تكون ذات محصل إيحائي وإنساني مؤثر في الآخر. وذلك أن الشعراء العرب أكثرُ تعويلهم على البديع، مع ما اختصت به هذه الصناعة من الخلق والوسامة واللذة في بيان العطف بين النص والقارئ. يقول أرسطو في معالجاته البينة في إيضاح الجزء الإبداعي للمشتهى الشهواني في النص " إن وُضِعَ عَرَضٌ يوجد له ضدٌّ ما، فينبغي أن ننظر هل القابل للعرض، قابل لضد هذا العرض؟*"

والنواب ميال إلى إعلان الضد في إشراق عواطفه، لأنه في الحالتين متلازم الإيقاع في ترصيع النص، متوازن ويقظ في إسراء أموره الحميمة في واجهة التداول العام، عبر إشاراته في تفصيل العاطفة، التي تشير إلى إنه بعيد عن الأحاسيس العنيفة.

لو نظرنا في الأسلوب النوابي لوجدنا صناعة أدواته متساوية الألفاظ وزناً، محكمة لإيقاعاتها البنيوية واللغوية، المتماثلة في إطلاق الملائمة بينهما، من حيث إيقاع الصوت الخفيف، والأنس الموسيقي في رشاقة الصورة الشعرية، التي جاءت غاية في الدقة والبلاغة، وهذا دليل واضح على قدرة وتمكن الشاعر من ضبط صياغاته وبنائها بناءا محكماً، اختصت به ثقافته في توظيف أدواته توظيفاً باهراً على امتداد كتاباته، وانتشار سمتها ذات الإجادة الكلية. وكما يقول أ.د عبد الرضا علي: "إن الشعر نبوءة ورؤيا، وليس كلاما موزوناً مقفى فقط." "لم أمتدح النواب إنما هو رأي أود أن أوصله إلى القارئ،" لأنه حقا يستحق تبيان قدسية شاعريته، وحساسية إنسانيته الرقيقة، وهذا ما قراناه في أعماله ذات المحصل البديع المؤثرة عند كل من أطلع على أعماله التي من الحق بمكان أن أقول عظيمة. ومن أجل هذا نذهب إلى قراءة هذه القصيدة الهازئة والمؤثرة:

 

قمم

قمم

معزى على غنم

جلالة الكبش

على سمو نعجة

على حمار

بالقِدم

وتبدأ الجلسة

لا

ولن

ولم

ونهي فدا خصاكم سيدي

والدفع كم؟!

ويفشخ البغل على الحضور

حافريه

لا . نعم

وينزل المولود

نصف عورة

ونصف فم

= = =

في هذه القصيدة "قمم" يمتزج بوح اللذة، والانشراح، والاستطالة في تماسكها وبوحها اللذيذ، والقوة في سخريتها من الحاكم العربي، فالقصيدة أشبه بعملية جراحية لاستئصال الأورام الخبيثة من نظرية حكامنا، ألا وهي الدكتاتورية، أو إطلاق مشروعية الحكم الأبدي، وطبعاً هذه الأورام تنسحب بعد موت الحاكم لتمتد إلى أولاده، المؤشرة ب "وينزل المولود نصف عورة / ونصف فم" ومن جانب آخر فالقصيدة أكثر رأفة بالمواطن العربي المكلوم، الذي أستطاع النواب أن يصل إلى أنفاسه الحزينة ليطيب من خاطره، ويفرغ شحنات غضبه من الوجع الكامن في روحه، من أثر انبطاح حاكمه العربي للأجنبي، وكلاهما يصب في مجراه، فالخليج العربي أو الفارسي لا فرق، وملك الأردن، وليبيا، وإيران، وحكومة صدام حسين المقبورة، فهم من حصة أمريكا، أما سوريا واليمن فهي من حصة لندن، وهنا أستثني من العمالة لبنان صديق فرنسا، ومصر ولعبة المحيبس مع الغرب، والجزائر نظيفة، أما دكتاتور تونس فحدث ولا حرج فهو عميل غبي وذليل يستمد قوته الحيوانية من إسرائيل، فالنواب صادق حين قال: "لا أستثني أحداً منكم أولاد القحبة، أن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم." وأولهم حاكمي السعودية وسوريا وإيران وتونس، وأنا أقول للنواب استثن لبنان والجزائر.

ومن معالي المعاني التي أذاع بلاغتها الشيخ الغزالي عندما أوضح أن على المرء أن يكشف بالقول والوصف سواء أكان هذا بالرمز أو بالإيماءة عن كل شيء يؤذي الإنسان في قوله: " سواء أكان الكشف بالقول أم بالكتابة، أم بالرمز، أم بالإيماءة. وسواء أكان المنقول من الأعمال، أم من الأقوال، وسواء أكان ذلك عيباً ونقصاً في المنقول عنه، بل كل ما رآه فعليه أن يشهد*". ينبغي للمثقف أن يطل ويقرأ الحقائق التي صاغها النواب، بما لم يستطع الآخر أن يسجله للتاريخ، لا بل البعض من الأدباء امتدحوا الطغاة وأعلوا من شأنهم، مع علمهم المسبق بجرائم هؤلاء الحكام الغلاة القتلة، لا أريد أن أذكر أسماء لأنهم معروفون ومنبوذون.

فالنواب لم يكن مبالغاً في قوله هذا، إنما هو صادق ودقيق وموضوعي، في ما توصل إليه بهذا: " جلالة الكبش، على سمو نعجة، على حمار" فالحاكم السوري أسدً لا يملك إلا أسماً خالياً من سلطة الأسد، وللأسف!!، فقد كان والد بشار عميلاً مخلصاً، لكنه محاور عنيد. والمعروف عن النظام السوري نظام شيطاني، لا يمتلك مقومات القوة البشرية، أي أن الجيش السوري جيش جبان حد الخجل، والغريب أن السوريين عندهم قول شائع يتفاخرون به: "ألف كلمة جبان ولا الله يرحمه" وقد اعتمد النظام السوري طيلة حياته السياسية على المنافع  الشيطانية ونواياه، كان الرئيس حافظ أسد بعد أن خسر قوة العراق بخلافه مع حزب البعث العراقي، اتجه بحيلته المشهورة إلى إقامة "جبهة الصمود والتصدي" المكونة من سوريا، والجزائر وليبيا القذافي الدكتاتور الجاهل،  ومنظمة التحرير الفلسطينية، كان هذا قبل الخلاف مع أبو عمار ياسر عرفات رحمه الله، "وقتها كنت قد حصلت على شرف القتال بين صفوف الثورة الفلسطينية لأثنى عشر عاما، وكتبت الكثير من القصائد، والقصص القصيرة عن تلك المرحلة الجميلةً" ولكن جبهة الصمود والتصدي فقدت أهليتها مع النظام السوري، بعد أن حاول هذا النظام زج هذه البلدان بحرب مع إسرائيل لاسترجاع الجولان له، وبعد هذا الفشل اتجه النظام السوري وارتمى بحضن النظام الفارسي الإيراني البشع. واستخدم النظام الفارسي لحمايته، كما استخدم حزب الله، وحركة حماس المتطرفة، في الوقت نفسه للضغط على إسرائيل. ثم اتجه واستخدم قادة حزب البعث العراقي المقبور ضد بلادهم بعد هروب صدام حسين من بغداد، وإقامته في حفرة العار المشهورة، وفتح لهم معسكرات تدريب، بإشراف مخابراته المباشر،  وأقام المؤتمرات لهم أمام ناظر الرأي العام دون خجل، والغاية تتلخص فيما يلي:

1-   زج هؤلاء الإرهابيين عبر الحدود السورية العراقية، لقتل أهل العراق دون وجه حق.

2-   تدمير العملية السياسية الديمقراطية في العراق حتى لا تنسحب على النظام الدكتاتوري في سوريا، كتصدير الثورة مثلاً، مثل ما فعل صدام حسين بحربه مع إيران، خوفاً من تصدير الثورة الشيعية إليه.

3-   اعتبار العراق عدواً، كونه تخلص من منظومة سيرة الحرب ضد الآخرين، لكي يبقى الاقتصاد العراقي وجيشه ضعيفين، وهذا ما كان يوسوس به الحاكم السوري عبر مفرداته القومية في العقل العراقي البعثي.

مع أن العاصمة دمشق قائمة بنظامها لحد هذا التاريخ بفضل الجيش العراقي، بعد أن صد هجوم الجيش الإسرائيلي عن دمشق في أربعة حروب، ولكن ماذا نفعل مع الجاحد الشيطاني المتمثل في هكذا نظام موبوء.

أما قول النواب: "وتبدأ الجلسة، لا ، ولن، ولم." تبدأ الجلسة في محراب الجامعة العربية، التي هي العنزة المصابة بالرعشة، وفي وسط القاعة بالت نفسها: "فأعجب الحضور" ولم نستغرب من الشاعر هذه الصناعة الشاعرية المتينة وموسيقاها المتجلية بكل أبعادها الفنية، وأثر التقطيع على النص الذي حقق للجملة الشعرية الموازنة من جهة التكثيف، بين أكثر من كلمة في الجملة، وبين كلمة واحدة، ثم إنه يأتي على وجهين من الصياغة أحدهما القصر بكلمة واحدة تمثل الجملة، ثم الإتيان باللفظ القصصي النثري، الذي يلوح بمعان جمالية في قوله: "يا قمة الأزياء" وقوله: "وشخت الذمم" أو في هذا: "نصف عورة" و "نصف فم" وهذا يتساوى في البعد والكم لما تحمله اللفظة الواحدة من معان كقوله: "قمم / وأجلوا / ومحصوا / ومصمصوا" حققت هذه المختصرات البلاغية بعدها التوصيلي لجملة الحقائق التي دلت على معانيها، وموضوعاتها الواقعية، وسلامتها من التكرار، كالتقدير الذي نفذ للبناء مقاصده ما تضمنته الكلمة من قاموس مهاراتها، وجزالة مذاق طعمها، ونكهتها، ورشاقة وصولها للمتلقي، وما جاراه من التفصيل والتعديد والكشف عن كل ما تختزن هذه الموضوعات السياسية من أثر بالغ على نفسية الإنسان العربي، فالنواب ضغط على جرح لا يندمل، وبهذا حرك المشاعر وأثار النوازع والغيرة التي طالما نقر العرب على مفرداتها. وما اشتملت عليه قصائد النواب تناقضت تماما مع قصائد محمود درويش المحلية، التي اعتمدت اللون السياسي الواحد، ولم يذهب درويش العظيم إلى ما عاينه في التفاصيل الزمكانية ومضامينها الاجتماعية من الأجواء المحيطة به، مع ما يتمتع به هذا الشاعر الفذ من القدرة الشعرية الهائلة، والموفقة في ثقافته العامة، واعتماده بناء النص بناءا رشيقا متكاملا بكل مؤدياته الفنية والحرفية. ولكن على الشاعر أن يكون شاعراً متلقياً لانفعالية المؤثرات المحيطة به وخاصة المكان، ليكون الشعر حاكياً ماوراءه بمقدار ائتلاف الصور التي يحسها في الذات المبتكرة، الحاوية لتدفقات أنفاس قوة العاطفة والانفعال، والمنسجمة حسياً في المجاز، والاستعارة، والمقابلة في المعنى واللون، وكما تقول البلاغة: "كأنه يشهد الطبيعة في أفواهها". مع قدرة درويش على مجانسة التراكيب والعبارات النضالية، التي وضعها بقالب اسمه "الاحتلال الصهيوني" بنغمية قلَ نظيرها، انحسرت بالدفاع عن بلاده فلسطين، ولم يبحث في عناوين أخرى، ساهمت وساعدت ونشطت الفعل الإسرائيلي باحتلالها لفلسطين الحبيبة.

ما دام المثقفون العرب يصفقون ليل نهار للقومية العربية البائسة، العميلة للمكون القوي وهو الغرب لحماية عروشهم الدموية. والنواب دق كل الأبواب فاضحا هذه القومية المتخلفة حد النخاع. في حين نجد الحكام العرب يجيرون السلطة ليورثونها لأولادهم، كما فعل الأمويون أبان الحكم الأموي في الشام، والعباسي في بغداد، دون وجهة حق، وكأن تلك الشعوب لا يوجد فيها إنسان يمتلك مواصفات الحاكم، وهذا بحد ذاته استخفاف بقدرة وعقلية الإنسان العربي، والأمثال على هذه الخلافات كثيرة جدا، مثلها في السعودية، وسوريا، وفي الكويت، والإمارات، والبحرين، وقطر، والأردن والمغرب، وربما في ليبيا في المستقبل المطل، ومن جانب آخر من الحكام: من قتل أو أزاح أباه عن كرسي الرئاسة لكي يجلس بدلا منه، ومنهم ملك البحرين، وملك قطر.

ومعلقات مظفر النواب كثيرة ومنها: " القدس عروسة عروبتكم / الخوازيق / أيها القبطان /   بكائية على صدر الوطن / يا قاتلي / وتريات ليلية / يا ريحان / زرازير البراري / للريل وحمد / باكوك / البنفسج.

إذن لا بد من تكريم وتقدير لهذا الإبداع المتميز، والسمو به إلى أعلى وأجمل المقاصد العاطفية والإنسانية، ما دمنا نستعرض القيمة الأحادية في قصيدته المحكية التي منحت فيض إبداع تجاوز كل أنواع الآداب الشعرية التي عاصرت زمنه. ومن يود الاطّلاع على تميز صناعته الوسيمة، عليه أن يقرأ أبعاد الشاعر الفلسفية، وهندسة بلاغاته المركبة والمحكمة بآن، من جهة استنباط التراكيب اللغوية، وهنا فالأسلوب الذي أتخذه النواب جعله خاصيته، أو ما يميزه عن سواه، في حوارياته للمكان والزمان، وطبيعة الحدث فيما بينهما، واختلافه مع الآخرين قائم على هذه الخواص وهي:

1-   المحاور الإبداعية استعرضت جريان الصور الشعرية بانسياب معانيها الدالة على صدق مشاعرها المعلنة في النص.

2-   شرعت صحة الشروط التي تلزم النص بذاتها المدركة لشرعية وطلاقة التفكير،

3-   حسن الإيقاع ومذاقه المرهف، ومزاج طعم ألفاظه وحلاوته.

كل هذه المباني أدت إلى تفعيل أدواته المرتبطة بنوعية وطريقة إحساسه بالواقع المحيط به، والبلوغ بهذا إلى قمة التلاقح ما بين لغة الشعر وأصواته من جهة، وما بين بلاغة التوصيل والقارئ. وإذا رأينا ذلك الاختلاف اللفظي بين مؤديات المعنى، وبين فاعلية اللفظة، فهذا إنما هو ظاهرة محتومة لاختلاف طبيعة الصيَغ والإيعازات البنائية الحارة، من حيث تناسخ فلسفة عناصرها المعنوية، وغايات معانيها التأثيرية على المتلقي، وإذا أردنا بيان ذلك وكشف آثاره الحادة في الصيّغ الثورية، نذهب لنقرأ المقطع الآخر من قصيدة "وتريات ليلة" نستطلع فيه محاسن لغة شكلت تسليط الضوء من متلقيات الحس النابض الظاهر على شكل القصيدة، ونواتها التي تحتدم بها انفجارات المعاني وبلاغاتها:

 

وأنادي:

عشقتني بالخنجر والهجر بلادي

ألقيت مفاتيحي في دجلة أيام الوجد

وما عاد هنالك في الغربة

مفتاح يفتحني

ها أنذا أتكلم من قفلي

من اقفل بالوجد

وضاع على أرصفة الشام سيفهمني

من كان مخيم يقرأ فيه القرآن

بهذا المبغى العربي

سيفهمني

من لم يتزور حتى الآن

وليس يزاود في كل مقاهي الثوريين

سيفهمني

من لم يتقاعد

كي يفرغ للغو

سيفهم أي طقوس للسرية في لغتي

وسيعرف كل الأرقام وكل الشهداء وكل الأسماء

وطني علمني أن اقرأ كل الأشياء

هذا المقطع من قصيدة: "وتريات ليلية" تأخذ ذات السياق في قصيدة "قمم" مع بعض المعالجات والتركيبات العاطفية الممزوجة بالقياسات السياسية التي طغت في احتدامها الداخلي.

يقول القاضي الجرجاني: "وترى رقة الشعر أكثر ما تأتيك من قبل المتيم لبلاده وأرضه، فإن اتفقت وحب الأرض لكَ الدماثة والصبابة، وإن أضاف الطبع إلى غزل أهله فقد جمعت له الرقة من أطرافها*".

ودليل القول فإن البليغ بشاعريته لن تخرجه الشكوى والملامة عن رقته وعذوبته، لأن مصدر إلهام الشاعر الأول هو انتماؤه للوطن كما عبر النواب في هذه الصورة المركبة في قوله: "وأنادي / عشقتني بالخنجر والهجر بلادي." أما المحرك الباطني الذي سوغ المعنى يمتاز بالعتاب على الوطن الذي هو "البلاد"، في حين نجده قد أشار إلى أن طبيعة الوطن كطبيعة الأم، الذي نجد في حنانها المباح عطفاً يسمو برقته خارج نطاق الكراهية لأبنائها، أما الإيماءة التي أراد الشاعر توصيلها عبر تكثيفه للمعنى، هو أن العاطفة الشعرية من حيث ذكائها تميز بين الوطن والحكم، وكأن قول الشاعر يفسر على أن الوطن هو الذي عشقَ الجسد بالخنجر والهجر، وهذا مرام مكلف للصحيح، بينما ما تعبر عنه الحقيقة فيما إذا بحثت ما بين السطور، وجدت أن ما حجب في المستتر، لا اعتراض على اعتبار أن المعنى يطوف بدورته الإيحائية على النمط المتوازن على أوجه عدة، لأن المعاني ليست معلقةً أو مستكرهة عند شاعر دائم العزف بمفرداته التي تبين وتكشف عن مظاهر الإلمام الذي يتقن بناء حبكته، في مجمل تعابير تراكيبه اللحنية التي تسند العاطفة وتبعث فيها القوة والجمال، معتمداً على تصوير الخواص المعنوية للإفهام والتأثير بقوله: "ألقيت مفاتيحي في دجلة أيام الوجد" ثم يدخل في تكوين المبعث الدلالي ويبوح معناه للقارئ أن يبحث في أفكار الحقائق المبتكرة في قوله: "سيفهم أي طقوس للسرية في لغتي" فالعناصر التي ميزت الموصوف في الصورة الأولى: "المفاتيح" وفي الصورة الثانية: "طقوس" جاء المصدر موازناً يفسر العنصرين تفسيراً عاطفياً متأثراً بمزاج الأنا الفاعلة، لأنها الخلاصة الحسية التي تنتج وتعبر عن التشبيه المدرك لشرعية المرجعيات الشعرية.

وبدون مبالغة نتلمس الشخصية الشاعرة، قد مدت أصولها إلى العمق، في مزاولة الحب بالمحافظة على جذورها الوطنية، مشكلة بهذا: حرص الشاعر على تعلقه بتاريخه وحضاراته التي حاول بعض العرب طمسها، لا بل حتى تمنوا إلغاءها، أما المعاني التي أراد النواب توصيلها من ميسم العاطفة الشاعرة، تكون قد عبرت عن كثافة خفة المفردة وقوتها بآن، لأن النوازع النفسية في المفهوم البياني الشعري تطرح مشروعاً: وهو أن هذا الوطن بأبعاده التاريخية أقام أسساً متطورة للمعنى، أتاحت للشعوب بناء حضاراتها وتمدنها، كي تتحسس سبيلها للمطالبة بحقوقها وإنسانيتها وحريتها، والحفاظ على استقلاليتها أمام كل من يحاول أن يطمس هذه المعاني الإنسانية.

فالإنسان هو الجذر الممتد بعمق الزمن، لحضارته وبُعدِها الغائر في التاريخ، لأن هذه المقاصد المعبرة عن الأصالة، أراد لها النواب أن تتجلى في أعماله فتكون معلنة للملأ، وإذا كان النازع الأساسي عظمة هذا الإنسان العراقي الغائر بحضاراته في القدم البلاغي، بإمكانه أن يوضح مقومات الفهم العام لشعوب ممن لا يعرفون الناقة من البعير، والذين عبدوا الحجارة، والذين أطاعوا نظرية دفن أموالهم مع موتاهم، فهؤلاء متخلفون لا يؤمنون إلا بنظرية معاقبة الآخر بالقتل والتصفيات الفكرية، يقول الشاعر العباس بن الأحنف في هذا المجال، في ما عبر عن نكران الذات والتضحية ورفعة الخير وغيرها من الصفات الحسنة، فجاء عتاب الشاعر يلمس الملامح الإنسانية بهذا الشكوى:

وإني ليرضيني قليلُ نَوالكم        وإن كنتُ لا أرضى لكم بقليلِ

بحًرمةِ ما قد كان بيني وبينكم     من  الوُد  إلاَّ  عُدتمو  بجميلِ

يستعطف الشاعر من الآخر أن يكون حافظاً للود، بما كان بينهما من تضحيات ومحاسن، حتى إنه يطلب من هذا الآخر أن يكون غير ناكر للجميل، أي أن طبيعة الإنسان العراقي يرضى بالقليل، وقول الشاعر "العباس بن الأحنف" ينطبق على "الأعدقاء" من بعض الحكام العرب، وعلى أية حال فهؤلاء لا يمتلكون من الإنسانية ذرة من النخوة، فلندعهم غارقون بشهوة قوميتهم لا بعروبتهم، ولا أرى من الغيرة بشيء أن يلجئ العراقي إلى بلد عربي، كي يتيح لهذا البلد أن يتاجر بوجوده عنده، واستثن لبنان والجزائر، أما ما تبقى من الدول العربية فهم مصدر الكراهية والإجرام والإرهاب للعراق.

يتبع النواب في الجزء الثاني

 

جعفر كمال

الهوامش في الجزء الثاني:

في المثقف اليوم