تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا وآراء

أسرار العشق والأديبة الفلسطينية ريما زينة

في أوج عنفواننا حيث لم تكن أعمارنا حينذاك لتزيد عن السابعة عشر عاما فلهجنا بأسماء أدباء مثل سميح القاسم ومحمود درويش وكان أهم ما يجذبنا إلى أشعار هؤلاء هو بعض المباشرة والوضوح والانفعال تلك الخصائص التي فرضتها النكسة على الأدباء.

 لكن والحق يقال إن الجيل الحالي الذي يعيش في الأرض المحتلة كثف تجربة جيل مابعد الرواد فاستند إلى الرمزوالتصوير غير المباشر والعقلانية والبعد الفلسفي والنفسي للموضوع وهذا ما أجده  عند شعراء وأدباء يكتبون الآن أمثال ريما زينة وسعود الأسدي وغيرهما من شعراء الأرض المحتلة وأدبائها  الذين يستحقون أن تدرس نتاجاتهم بصورة موسعة.

 

المقال:

أول مايلفت النظر أن الأديبة ريما زينة تحاول أن تركز على الأفعال التي لاتستند إلى حروف الربط: مثل الباء والفاء وثم وغيرها من حروف:

رسمت بأناملها أسرار العشق على صفحة الشاطيء

نقشت حروف اسمها على أوراق الرمل الذهبية

قذفت موجة كيدها المدفون في عمق البحر

مسحت بصمتها عن وجه الأرض

لاتعني الكاتبة بقصتها القصيرة جدا وأنا هنا أرى تداخلا في نصها هذا بين القصة وقصيدة النثر لاتعني بالضمير الغائب المؤنث امرأة عادية فقط. إنها فلسطين التي تمتد من النهر إلى البحر ولكون الوضع في فلسطين منذ عام 1948 مضطرب بسبب الحرب والاحتلال فقد اختارت الكاتبة لقصتها القصيدة افعالا لاتستند إلى الروابط لتبين قوة الحركة والعنف الدائر في هذه الأرض. أن معظم الأفعال أفعال حركية مثل: رسمت...قذفت.. نقشت..مسحت..قفزت.. امطرت ولتصوير الحال نجد الفعلين التاليين:

قذفت موجة كيدها:

القذف ورد في القرآن الكريم ممثلا لقوة الله وأهل الحق على الظالمين المعتدين في تسع مرات"وقذف في قلوبهم الرعب"الأحزاب 32 /26 "وقذف في قلوبهم الرعب"الحشر 59/2 ،"أوزارا من زينة القوم فقذفناها"طه 20/87،"بل نقذف بالحق على الباطل"الأنبياء21/18،" ربي يقذف بالحق علام الغيوب"سبأ 34/48،" ويقذفون بالغيب من مكان بعيد"سبأ/53،" اقذفيه في التابوت"طه 20/39، "فاقذفيه في اليم"طه /39، " ويقذفون من كل جانب"الصافات 37/8 ، فلا غرابة أن تكون فلسطين هي المرأة المقدسة التي تقذف ابنها أو عاشقها في البحر مثلما فعلت المقدسة أم موسىفي الوقت نفسه تقذف بالقوة على العدو " إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا "الطارق 87/14،15 ، ورد في التفسير المنسوب إلى ابن عباس : إنهم يريدون قتلك وهلاكك يامحمد " ص "وأريد قتلهم وهلاكهم راجع تنوير المقباس ص 505 إن كيد المرأة التي ترمز إلى فلسطين هو كيد الله سبحانه وتعالى.

إن القصيدة القصة التي استندت إلى الافعال المتتابعة لتصور حال العنف الدائر في فلسطين اسوحت في مشهد واحد إلى الحرف الرابط:

برقت زاوية عينها وتكحلت بمرايا البكاء

الكحل يحتاج إلى وقت طويل وكان أشبه بواحة استراح عندها عنفوان النص أضف إلى ذلك بعض الأفعال غير الحركية التي كان لابد لها من تصوير عملية العنف التي وردت بصيغة هادئةمثل الفعل دعا وعكست وهناك ارتقاء بالقصة عبر استحضار رمز التفاحة والعصفور الذي في القفص وهذه فكرة عالمية عالجها الكاتب الدنماركي إندرسون ومن العراق معروف الرصافي وغيرهما من الشعراء وكأن الشاعرة أرادت في النهاية أن تقول إن الطير يتحرر من قفصة غلى الفضاء وفي النهاية فلسطين تتحرر من الاحتلال:

وحلقا في سفينة الأحلام

إلى مالعد الفضاء

فكلمات الإشراق تعزز مانقوله بخصوص القوة التي امتازت بها المرأة فلسطين:

نقشت النقش للجمال على العموم في معظم الحالات

برقت زاوية عينها

بزغت على أوراق الأشجار لؤلؤا ومرجانا

 فمثلما قفذت المرأة اعدائها وقذف الله كانت النتيجة في النهاية لأصحاب الخير " يخرج منهما الؤلؤ والمرجان"" كأنهن الياقوت والمرجان"الرحمن 55/22، 58.

وطبعت وشم الحب لتردع عنه مشعوذات الغاب

الخاتمة :

 كان بودي لو كتبت الأديبة نصها هذا الذي نحن بصدد الحديث عنه على شكل أسطر ليجلى جماله أكثر.الشيء الآخر هو أن للكلتبة صورا جميلة لكنها للأسف الشديد تهمل في بعض الأحيان مسألة النحو وليس لها عذر في هذا لأنها يمكن أن تعرض نصها  قبل أن تنشره على مختص في اللغة العربية لتتفادى تلك المسألة ولكي تقدم عملا متكاملا لاعيب فيه وهي بلا شك قادرة على ذلك.

 

د قصي الشيخ عسكر

...................................

لقراءة معبد العشق للاديبة ريما زينه في المثقف

http://www.almothaqaf.com/new/index.php?option=com_content&view=article&id=15439:2010-06-18-03-48-22&catid=35:2009-05-21-01-46-04&Itemid=0

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1433 الاحد 20/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم