تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا وآراء

أبعدتني عنك البصرة وقربني منك الماء .. قراءة في نص: وقفت على بابك / قصي الشيخ عسكر

للكتابة فيه ومن هؤلاء الكتاب والأدباء الكاتب والشاعر السيد سلام كاظم فرج الذي يفوح عطر البصرة من أكمام سطوره فخرجت معه عن قاعدة التحفظ وسافرت مع مفردة من مفرداته علني يوما اجد فرصة تسمح لي بمتابعة بقية مفرداته ودراستها دراسة وافية تليق بهذا الأديب المميز.

 

المقال

من المفردات المهمة الحيوية المشعة التي تعامل معها الكاتب في نصوصه مفردة الماء وهي إما أن تاتي وفق وفق قياسات الحجم" الصغر والكبر" أو تاتي ظاهرة أو مخفية بدليل يدل عليها.

الشكل الأول نجده مجتمعا في نصه " وقفت على بابك" يقول:

وقفت على بابك

قالوا أخوك صار مليكا توجته الجماهير

فكفكفت دموع الفرح

إن النص يمثل حالا حاضرة مثل لها الكاتب الشاعر بشيء صغير هو الدمع الذي اتسع ليشمل

البحر الذي أبحرت فوق عبابه سفينة الحرية مخترقة سلبيات الماضي وعلاقة العرب بالأتراك من زمن عبد الحميد الذي أراد أن يربطنا به وكمال اتاتورك الذي انفصل عن الشرق. لقد دخل علينا الدمع  ملخصا عن الماء بحجمه الصغير ليخبرنا أن:

سدرتنا هوت عطشا

وشجيرة الحناء في ناحية البحار ماتت

وماعاد المشمش يورق في البحار

البحر الذي نبحر عبر مائه إلى الحياة يتطابق اسمه مع ناحية صغيرة في البصرة تجمعه وتجمع كل بحر فهي هو  وهو هي لأن البحار إذا ماتت فقدت الأشياء الروح

وفكرت أن أهمس في حضرتك

عن الموز الذي مات

وعن العنبر الذي مات

ومن خلال الدمع الماء والبحر والبحار يلفت الشاعر نظرنا عبر كلمة اليتم المرتبط بالدمع إلى مسالة تاريخية مهمة يكتشفها قاريء التاريخ المتمعن الخبير:

قالوا أخوك صار مليكا...

لافرق الآن فضمير المتكلم هو الضحية لافرق حين انهزمت تركيا جاء الحكام العرب مع الآلة الحربية البريطانية المنتصرة.الملك فيصل جلبه الإنكليز معهم هو ونوري السعيد وغيره من رجالات العهد الملكي إلى بغداد.عبد الله جد ملك الاردن الحالي جلبه الجيش الإنكليزي ايضا إلى عمان..وهم ثيتوا الخديوي في مصر وأقروا ابن سعود على الجزيرة.فلم أخي الآن يحاسب بحجة المجيء مع القوات الألأجنبية ويوسف نفسه جعله الفرعون حاكما لمصر أما أخي الذي بكيت من فرحي إليه وريث الجد عبد الحميد فهو معهم في حلف ومعاهدات مثلما هو يوسف مع الفرعون!

اما الشكل الثاني للماء فهو إنه يرد بكلمة تدل عليه او بمعنى أزلي عميق:

وأحمد يبحث عن صابونة

يغسل بها نعاس عينيه

الماء أعلاه مضمر لم يصرح به الشاعر إلا عبر كلمة أخرى هي " يغسل". يغسل ماذا؟ عينيه. العينان هما الآلتان الباصرتان للرؤية والرؤيا. هناك تجديد وتحديث وجلي وتثقيف للرؤيا عبر الماء. إنه المعرفة التي تمنحنا الإبصار. وهو التغيير" ورد في الفلسفة اليونانية" أنت لاتدخل النهر الواحد أو البحيرة والواحدة مرتين لأن مياها جديدة تجري من حولك أبدا"  والجريان هو التغيير حيث يقول جل وعلا"إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما في أنفسهم"

وفي قصة" الطائر الذهبي" يختلط الماء بصلابته مع المفهوم الأزلي للنزاع وهو التفاح :

دلفت إلى خمارة الطائر الذهبي...

شراب التفاح....

استعرت منها مكعبات ثلج لكأسي

في الصورة السابقة يبدو الماء ممثلا لزمن ماض سحيق وزمن حاضر وآخر مستقبل.فهو لايطلب من الأنثى تفاحة كما فعل آدم لأن آدم الحالي اختار الخلاف بنفسه لكنه أراد منها ماء يصبح مرشحا للزمن الحالي

filter

والماء لايعني فقط عماد الحياة فقط  بل هو الوسيلة الأساس التي يستطيع بها المهاجر من الإندماج في المجتمع الغريب الجديد الذي جاء إليه عاريا من كل شيء حتى الثياب فالماء هوبعد عملية  التعري معادل لعملية الدمج الاجتماعي أو مانطلق عليه :

integration

نحن إذن أمام ثلاثة توهجات:

 توهج الخلاف الماضي وتوهج الحاضر وهو التكيف للحظة الحاضرة سواء التكيف مع العولمة او الدمج أو تقارب الحضارات  ثم توهج المستقبل في الخلط بين مكعبات الثلج وعصير التفاح!

الخاتمة

بعد هذا العرض أود أن أقول إنه امن سعادتي أن أكتب عن هذا الأديب الأصيل وأعتذر له وللكتاب الذين ينشرون نتاجاتهم على صفحات الإنترنت فقد لاأجد وقتا كافيا للتعليق على ماينشرون لضيق الوقت لكني أقوم بمراجعة تلك الأعمال دائماولاأغفل عنها لأن اصالة الاديب تتمثل في كونه يقف متأملا كل عمل أصيل.

 

..................

  1- فلاسفة يونانيون من طاليس إلى أرسطو

 2- الرعد13/11

  3 - التفاح رمز للنزاع في الفكر الفرنسيpomme

 

للاطلاع على نص: وقفت على بابك للاديب: سلام كاظم فرج

 

http://www.almothaqaf.com/new/index.php?option=com_content&view=article&id=15684:2010-06-23-14-01-17&catid=35:2009-05-21-01-46-04&Itemid=55

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1438 الجمعة 25/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم