تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا وآراء

المتوازيات في ديوان "لماذا تأخرت دهرا" للشاعر يحيى السماوي

 

المقال:

من قصيدة "على مشارف الستين":

ستون بين الجلف والجفل        مستوحش الإشراق والطفل

جيشان يشتجران في جسدي    نزق   الشباب وهدي مبتهل

الشاعر أراد أن يشبه الرجل الغليظ الطبع " الجلف" بالنور االمتوحش وفق تركيبات بلاغية فهو يستعير للإشراق من طبع الوحش والخوف " الجفل" بالعتمة قبيل الشروق والغروب ثم يشبه هذا المشهد بجيشين يتحاربان في جسده حيث جعل من جسده ساحة قتال هذان الجيشان هما جموح الشباب ورزانة الإنسان  المبتهل العفيف.

في حالة التوازي يمكن أن نقول:

ستون بين الجلف والجفل     نزق الشباب وهدي مبتهل

جيشان يشتجران في جسدي  مستوحش الإشراق والطفل

إننا يمكن أن نقوم بتوليد تشبيهات واستعارات وفق التوازي فيصبح الجلف هو نزق الشباب والجفل هو الهدي كون المبتهل خائفا من الله خوف رحمة لاخوف طمع.

وفي قصيدة " ياناسجا كفني بمغزل غدره" يقول:

إن كنت فردا في الجحود فإنني   أمسيت في نسب الوفاء قبيلا

لست الأسيف على وفائي إنني  عاهدت ربي أن أعيش فضيلا

وفق قاعدة المتوازيات يصبح البيتان كالاتي:

إن كنت فردا في الجحود فإنني   عاهدت ربي أن اعيش فضيلا

لست الاسيف على وفائي إنني    أمسيت في   نسب الوفاء قبيلا

وفي قصيدته " صوفية النيران" يقول

صوفية النيران ثاب الفتى    ماعاد يغويه الطلا والدنان

تابت إلى العشق خطيئاته    فلم  يعد  نديم كأس   وحان

يمكننا أن نقول بصيغة التوازي

صوفية النيران تاب الفتى  فلم يعد  نديم  كأس  وحان

تابت إلى العشق خطيئاته   ماعدا يغويه الطلا والدنان

إن التوازي يظهر في القصيدة ليدل على ترابط فكرة الشاعر وصورته فنحن الآن حين نكتب شعرا عمودا فإنما نركز على ما يدعى قصيدة البيت فلا بد أن تكون هناك إشارة ما سواء مباشرة أم غير مباشرة لارتباط كل بيت بما يسبقه وما يأتي بعده.

 

الخاتمة:

1- إن التوازي يأتي عفويا عند كبار الشعراء فهم لايتعمدونه بل يكتشفه الناقد خلال تمعنه بشعر هؤلاء ضمن دراسته الجمالية والبنيوية بهذا الصدد أنصح الشعراء الشباب الا يتعمدوه فيحاولوا توليف ابيات يمكن التلاعب باشطرها بل أن يستفيدوا من خبرة الشعراء المحترفين في هذا المجال الذين يرد التوازي في شعرهم بصورة عفوية.

2- ليس بالضرورة أن نولد معاني جديدة حين نطبق التوازي على بعض ابيات شاعر ما.

3- إننا يمكن أن نجد المتوازيات في بعض الشعر القديم كما في قول امريء القيس:

كأني لم   أركب  جوادا للذة          ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال

ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل        لخيلي كري كرة بعد إجفال

يصبح البيتان بعد التوازي

كأني لم أركب جوادا ولم أقل       لخيلي كري كرة بعد إجفال

  ولم أسبأ الزق الروي   للذة     ولم اتبطن كاعبا ذات خلخال    

واكرر قولي أن كل هذا يأتي من دون أن يتعمده الشاعر بل يرد عفويا في اثناء كتابته عمله الإبداعي ثم يحل  دور الناقد ليزيح الستار عن كنوزذلك  النص والحمد لله قبل كل شيء.

 

قصي الشيخ عسكر

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1459 الجمعة 16/07/2010)

 

 

في المثقف اليوم