قضايا وآراء

الثقافة بين الأدعاء والتشويه والغاء الموهبة / هيفاء الحسيني

وثمة كثير من الشواهد التي تؤكد انحسار ذلك المنجز في غمرة ضغوطات الأدعاءات الفارغة التي لاترتكز الى فهم حقيقي لدور المبدع من حيث انه أحد البناة المهمين للحضارة الأنسانية، لذا فقد حفلت الساحة الثقافية العربية بالكثير من اللغط والأدعاء والتشويه من قبل الطارئين عليها من مختلف الأتجاهات ولأسباب لم تعد مجهولة لدى الحصيفين والغيورين على النتاج الثقافي المؤثر في صقل الذائقة الجمالية للمتابعين للأبداع وفي حقوله المختلفة، ولعل من أسباب تراجع الثقافة العربية المعاصرة بل وحتى العالمية هو محاولة البعض في منح نفسه صفة القيم ومن ثم المهيمن على انجاز الآخرين في ميدان الثقافة بالذات لمجرد انه استطاع وفي ظل اشكالات الحياة العديدة أن يتسلق الى موقع هو غير جدير به بسبب نقص موهبته الفنية وذائقته المشوهة لكي يكون حكما لامرد لحكمه في تقييم الانجاز الأبداعي على وفق مزاجه وشعوره بالعجز ازاء المنجز الحقيقي ولايشفع له في ذلك انه قد كتب شيئا في مفردات غالى في اهميتها في التراث أو صنع بعض الأبيات السقيمة والتي توقف عن نظمها بسبب عدم امتلاكه للموهبة الابداعية ووقوفه مبهورا أمام الحداثة، ومن هنا نستطيع أن نكتشف سر غياب بعض الأسماء المهمة في الثقافة العربية وبروز اسماء غير مؤهلة لاعلى صعيد الموهبة ولاعلى صعيد الانجاز ومع ذلك نراها تصول وتجول في الساحة الثقافية . نحن لانريد هنا التعرض لأسماء دون غيرها، فهذا ليس من شأننا الآن في أقل تقدير، ولكن علينا أن نرتهن لقول الحق فنقول : ان العديد ممن تطوعوا في أن يكونوا مهيمنين أو رقباء على تسقيط المثقف وتشويه منجزه الأبداعي، ماهم الا ثلة من الأدعياء الذين أحاطوا أنفسهم بشبكة من الطارئين على الثقافة مستغلين سمعتهم السابقة التي ذوت بفعل افتقارهم للموهبة وعدم اتقان او اجادة المثقف المبدع لألوان الدعاية لنفسه أو خجله منها بأعتبارها ادعاء لاتجوز ممارسته تواضعا اذا شئنا واعتكافه بسبب تشوه الذائقة الجمالية للمتلقين، وما يسحب على الادب ينسحب بشكل آلي على الموسيقى والغناء والفنون التشكيلية عامة . لذا نرى اننا بحاجة الى وقت طويل لأن نعيد الى ذائقتنا الجمالية شيئا مما كانت عليه بالقدر الذي نحتاج الى بناء اسس جديدة لمشروع حضاري يتيح للمثقف الحقيقي أن يأخذ دوره المنشود في تعميق حالة الأبداع في المجتمع والتخلص من الشوائب التي لحقت بالثقافة العربية جراء التشوه الذي ألحقه بها أولئك الأدعياء .. ولابد هنا من رسم الخطوط العريضة لمسار الثقافة الجادة وبلورة الأفكار الكفيلة لأن تمضي هادئة في انقاذ المجتمع من وهدته واسقاط من 

 

                                    يريدون تشويه معالمها الأنسانية

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1492 الخميس 19/08/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم