قضايا وآراء

هل ترون ان مجلس الأمن يتمتع بمصداقية دولية؟ / بهاء الدين الخاقاني

فلا يمكن النظر اليه من الناحية العاطفية والموقف الشخصي لأن المسألة أكبر بكثير كأشكالية تحتاج لنقد بناء، ولكن يمكن أن نشير بوضوح الى وجود أزدواجية المواقف بين قضية وأخرى وهذه السلوكية الدولية التي تمارسها القوى العظمة في مجلس الأمن ودون تحديد للمسميات، لأن جميعها لها نفس السلوكية داخل أطار مجلس الأمن ضمن سياسات المصالح والمساومات على حساب شعوب العالم وربما شعوبها أيضا، حيث المواقف تتدرج بين الغموض عند بعض القوى وعند الأخرى مواقف صريحة مبرزة ما يسمى بعجز المصداقية لموقف دون آخر، فتوجب علينا النظر في أصلاح منظمة الأمم المتحدة ومن ضمنها أسس وسياق العمل في مجلس الامن .

أن التغيرات العميقة المعقدة في العالم تفرض علينا منهجية سلام وتنمية كعنوان للتعامل مع القضايا العالمية ومنها السياسية والتي طالما كانا على محك مع أزدواجية القرارات لتحكم المصلحة الفردية لهذه القوى دون غيرها مسببة عدم الأستقرار في الوقت الذي تزداد التهديدات السياسية ومنها الأرهاب والتحديات الكونية ومنها البيئية والغلاف الجوي والفقر وغيرها تعددا وترابطا.

تلعب الأمم المتحدة دورا لا يستغنى عنه في الشؤون الدولية باعتبارها من حبث شموليتها ومصداقيتها  على اساس نظامها الداخلي ودستورها الذي ما زال يتحكم بالسلام العالمي وان ازدوجت المواقف هنا وهناك، وانها تمثل الجهود الجماعية للتصدي للتحديات بكافة أنواعها وبمركزية مجلس الأمن . مع التأكيد على إن تعزيز دور الأمم المتحدة عبر الإصلاح يصب في خانة المصالح المشتركة للبشرية جمعاء.

نحن لا نقول ان المصداقية مفقودة وبالاخص في مواقف المتشددة مثلا تجاه العراق وفلسطين الجريحين أو مواقف المساومات مثلا تجاه ايران وأسرائيل،  ولكن هناك ازدواجية في المواقف .

فلابد من برنامج اصلاح يواكب تطور العصر ثقافيا وانسانيا ومعرفيا وعلميا من أجل أن يساهم هذا الإصلاح في تدعيم تعددية الأطراف وتعزيز المصداقية وفعالية الأمم المتحدة ومجلس الأمن  وقدراتهما على مواجهة التهديدات والتحديات المتنوعة ومن أهمها الأرهاب والفقر والأمراض والتنمية والبيئة وحقوق الأنسان والسلام العالمي أي الأمن الجماعي والأرتقاء بالحضارة البشرية وتحسين النظام الدولي المالي وتشجيع مصادر الطاقة والتغذية والمعرفية الجديدة، وما يستجد من حقائق خطيرة كأرهاب الدولة الى جانب المنظمات الأرهابية المسلحة مع أحترام أكثر للخصوصية الوطنية والقومية والدينية للبلدان والشعوب   .

مثلا قلة مصادر الثروة والطاقة وعدم معالجة الديون والجوع وحالات الحروب والحصار الدائمة يشكل كل ذلك هاجسا من عدم الأطمئنان والتشكيك بمصداقية مجلس الأمن ومنظمات الأمم المتحدة وفقدان آلية دولية متفق عليها لتدعيم التعاون الفني والعلمي الدولي وتعميم استخدام تقنيات الطاقة المتقدمة في الدول النامية من جهة ومن جهة أخرى الدول العظمى وبالأخص الصناعية الكبرى بما يحقق التنمية المستدامة ويرفع قدرات المجتمع الدولي وشعوبه على مواجهة تحديات الجهل والأمية التقنية. أن تسييس القضايا لطرف دون آخر أطر مجلس الأمن بتهمة اعتماد المعايير المزدوجة، وبالأخص في مواقف نزع السلاح ومنع انتشار ألأسلحة الفتاكة وقضايا حقوق الانسان مع مواقف لتهميش المنظمات المختصة في الامم المتحدة، وتهميش ما يدعى بثقافة الوقاية ان كانت صراعات أهلية أو دولية أو مواجهة الأرهاب مما أنتج ثقافة مصطلح عجز المصداقية داخل أروقة المنظمة الدولية ومؤسساتها لبعض المواقف وليس المصداقية كليا . في الوقت الذي أخطر ما يمكن أن يتعرض له مجلس الأمن هو تهميش قراراته أو تهميشه بالذات وعدم الرجوع اليه وبالأخص عند استخدام القوة ، وخطورة الموقف قد ثبتت في كون هذا التهميش خطر على السلم العالمي وعلى البشرية وتشجيع الأرهاب وارهاب الدولة.

 هذا المجلس الذي حفظ العالم من كارثة الحرب العالمية الثالثة الفتاكة لأكثر من مرة ، فجهوده واضحة ومشكورة لعقود مضت، ولكن ليس من الواقع والعرف والمعرفة أن لا يتطور مع تطور العالم الذي أختلف كثيرا عن عالم ما يقرب من خمسين سنة التي مضت أو أكثر . فلابد من نظرة حكيمة لأدامته كي لا يتعرض لما تعرضت له عصبة الأمم قبل الأربعينات من القرن الماضي فتكون نتيجة مهلكة للبشرية أكثر مأساوية من الحربين العالميتين في القرن العشرين.

وان معالجة مثل هذه الأشكالية ولا أقول المصداقية التي من مواصفاتها السلبية مؤشر عدم السعي لإقامة نظام أمن جماعي يتميز بالقوة والفعالية والإنصاف ويتوقف بشكل أساسي على الالتزام بمبدأ تعددية الأطراف بما يرسخ الديمقراطية وسيادة القانون في العلاقات الدولية من ناحية، والالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة بما يساهم في تعزيز مصداقية وقدرات الأمم المتحدة ومنظماتها وصيانة مكانة مجلس الأمن كمحور لنظام الأمن الجماعي من ناحية أخرى بالاضافة الى ما يسمى بالامن البايولوجي المهم والأمن الفكري والغذائي وبتاء منهجية متطورة لمنظمات الأمم المتحدة المتنوعة كأدوات لنهضة حضارية عالمية أكثر مما هي منظمات خدمية .

واخيرا تقبلوا تحياتي وتقديري

 

بهاء الدين الخاقاني

أمريكا – ميشكن

[email protected]

[email protected]

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1526 الجمعة 24/09/2010)

 

 

 

 

في المثقف اليوم