قضايا وآراء

الديمقراطية الجديدة في العراق.. وبقايا السلوك الديكتا توري لبعض ادارات المدارس / حكمت مهدي جبار

بالعلم والمعرفة والأخلاق الحسنة .فضلا عن كون التربية عملية يتم بها نقل التراث الثقافي   لأفراده الصغار  والعمل على تطوير ذلك التراث وتحسينه على مر الأجيال . .

ويتمثل الجو الأجتماعي في المدرسة في العلاقات المختلفة القائمة بين مجموع افراد المجتمع المدرسي، من هيئة ادارية تتمثل بمدير المدرسة ومعاونيه والهيئة التدريسية والطلبة، ومن يتصل بهؤلاء من موظفين وعمال .وهذه العلاقات المتشابكة تتحكم في روابطها عوامل معينة مثل منهج وسياسة الادارة التي تتمثل بالمدير ونمط سلوكه مع سلوك معاونيه وفي القرارات والتعليمات التي تسير عليها المدرسة وكيفية وضع تلك القرارات والتعليمات ومن الذين يشتركون في وضعها، وفي التنظيمات المدرسية والتقاليد التي تسير على هديها . والمعروف ان لكل ادارة مدرسة اسلوب  يقترن بشخصية المدير وهيئته الادارية مع وجود بعض التأثيرات من قبل بعض المدرسين الى حد ما.تلك الأساليب تتمثل بأنماط معينة مثل النمط الديمقراطي المعتدل والواقعي والنمط الحر السائب ثم النمط الديكتاتوري المتصلب والعنيف.فالنمط الديمقراطي هو الذي يتميز بأحترام الفرد كقيمة عليا في ذاته وكونه انسانا له وجوده الاجتماعي وشخصيته الفريدة وله قدرات معينه وأمكانيات في التفكير والابتكار وبدرجات متفاوتة وبنسب معينة، بما يؤهله اذا ما توفر الاعداد الصحيح وفهمه الآخرون على اساس انساني في ان يكون عضوا فعالا في المجتمع.اما النمط الحر الفوضوي فهو دليل على ضعف الادارة وتسيبها، فهو نمط يتمثل بترك الحبل على الغارب للهيئة التدريسية والطلبة يفعلون ما يشاؤون وبلا ضوابط.فتحل الفوضى محل النظام .وفي النمط الديكتاتوري الصارم فأنه تتركز الأدارة  فيه في يد المدير فقط وبطريقة انفرادية متسلطة . ويعتقد الكثير من مدراء المدارس ان هذا النمط في الادارة هو الأسلم في تمشية امور مدارسهم، وأن مدير المدرسة هو صاحب السيادة المطلقة . وفي هذا الأسلوب تتمثل النزعة السلطوية او الشخصية المستبدة والتي تدل على عدم وجود الثقة بالآخرين والتقليل من قدراتهم. ونجد ذلك في بعض ادارات المدارس التي كثيرا من تتبع اساليب العقاب والشدة واستخدام لغة التهديد والوعيد والتخويف . وينسحب ذلك من اسلوب المدير الى بعض المدرسين. فعندما يدخل المدرس للصف لايدخل كونه أب أو أخ أو معلم، انما يدخل ذلك الرجل المتسلط الديكتاتور المرعب الذي يرتجف منه الصغار داخل الصف. وهكذا نجد بعض المدرسين يدخلون الى غرفة الصف بلا تحية ولا سلام ولا ابتسامة انما يدخل مقتحما الصف متجهم الوجه لكي يهابه الطلبة لأنه (مدرس شديد)..ان مثل ذلك النمط لابد من محاربته والعمل على اجتثاثه بالقوة، وضرورة ان تؤشر بعض ادارات المدارس ويحدد الأشخاص الذين لازالوا يسلكون تلك الأساليب، سواء كانوا مدراء او مدرسين، وأن ينبهوا على سلوكياتهم الديكتاتورية الخاطئة.ذلك لأن هذا النمط اذا ما ساد مدارسنا فأنه امر خطير لأنه سوف يسود المجتمع لا سمح الله،وسوف يتخرج ابناؤنا متشربين به، فيتربى على ان يكون مجرد انسان يتلقى الأوامر ويقول (نعم استاد) على طول الخط بدون احساس بحرية وجوده، يتلقى الأوامر بطريقة عمياء من سلطات خارجة عن جدران المدرسة لينفذها بحرفيتها، ويفرضها على المجتمع المدرسي بطريقة عمياء ايضا.بينما الصحيح هو ان ينفذ الطالب توجيهات المدرس وتعليماته بكل حب ورضا وثقة بما يجعله انسانا متوازنا متسامحا رحوما يشق طريقه بثقة عالية....اننا كمجتمع جديد متحول من نظام ديكتاتوري الى نظام ديمقراطي حر جديد ، نشعر بمسؤوليتنا كأفراد نعتز بأنتمائنا لهذ المجتمع الذي صار الآن يعيش الحرية واحترام الانسان ندعو الى اعادة بناء (المجتمع مدرسي) الذي هو جزأ من المجتمع الكبير والعمل على تحديث جميع عناصره التربوية الادارية والفنية. لا ندعوا الى بناء هذه المؤسسة على طريقة النمط الحر المطلق السائب والفوضوي ولا النمط الديكتاتوري المتزمت  . انما ندعوا الى تأسيس نمط تربوي قائم على الايمان بمدأ تكافؤ الفرص والحرية لجميع المنتسبين الى المدرسة على ان لاتكون تلك الحرية اطلاق الحبل على الغارب وأزالة القيود والضوابط الاجتماعية ورفع الحدود الأخلاقية مما يحيل المدرسة الى فوضى وأضطراب سير العملية التربوية. .

ان المدرسة الناجحة اليوم ادارة وهيئة تدريسية هي التي تقدر قيمة الفرد سواء كان تلميذا او مدرسا او أي موظف آخر والعمل على تنمية شخصية الطالب والنظر اليه كأنسان له وجود وقيمة وقدرات . وفي الوقت الذي ننبذ فيه وجود النمط الديكتاتوري لدى ادارات بعض مدارسنا وننشد الى نمط ديمقراطي جديد بعد ان تغيرت صورة الحياة في العراق، فأننا نعذر بعض تلك الأدارت،لأنها لم تتخلص بعد من آثار الماضي ورواسبه في نظمنا التربوية والتعليمية مثل  الروح الانانية وتركيز السلطة في يد واحدة تجمع بين المهنية والحزبية تتبع اسلوب الشدة والتهديد وأدلجة المنهج التربوي لصالح منهج سياسي واحد . وبالنظر  لحداثة التجربة الديمقراطية في حياتنا الجديدة فأن الأمر يتطلب الوقت في معالجة تلك الأمراض التي لازالت معشعشة في عقول الكثير من مدراء المدارس والمدرسين والمعلمين . لذا فأننا ننشد الى منهج تربوي جديد يعمل على التخلص من بقايا العقليات في مؤسساتنا التربوية وأعادة تأهيل اغلب الكوادر التعليمية والتخلص من عقدة النزعة الديكتاتورية وصناعة الأنسان الجديد ..   

       

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1538 الخميس 07/10/2010)

 

 

في المثقف اليوم