قضايا وآراء

معـــــــاول وأيـــــــــاد

وقد تناوبت المعاول والايدي على مختلف الحضارات والمجتمعات وعلى مر التاريخ . وحيثما كانت الايدي اكثر من المعاول ازدهرت المجتمعات وعم الرخاء وكان ذلك من مظاهر الحضارة والتطور . وكلما ازدادت المعاول ازداد الهدم وعم الخراب، وكان ذلك من مظاهر الجهل والتخلف، ولاشك ان هناك صراعا مريرا بين المعاول والايدي على مر الزمان لان  الاولى تسعى الى تفشي الخراب وهلك الحرث والنسل بينما تعمل الثانية على نشر الخير والاعمار واسعاد البشر .

 

وعلى بساطة هاتين الاداتين الا انهما يفعلان فعلهما على مستو الامم والشعوب، وحقيقة الامر ان كل المفاهيم والافعال والمعاني التي يقوم بها الانسان لابد ان ترتبط بأحد هاتين الاداتين، فهي اما تؤدي الى البناء واما الى الخراب، وهكذا اتضحت فكرة الخير والشر والكثير من الثنائيات المتناقضة.

 

وهنا فان كل الصفات السيئة هي في حقيقتها معاول وتندرج تحت بند الخراب،  فالكذب والخيانة والسرقة والتسيب والسحت والظلم والجهل والنفاق والعدوان والهزيمة والاحتلال والكفر و.... كلها معاول تحيل المجتمعات والمدنية الى رماد .

 

بينما تندرج كل الصفات الحسنة تحت مفهوم البناء، فالصدق والامانة والالتزام  والعلم والحلال والانصاف والحق والجهاد والاخلاص والوفاء والتضحية والايثار وحسن النوايا كلها اياد للبناء . ويقال عنها غالبا اياد بيضاء لانها اكف تمتد بالخير والعطاء لتمنح وتعطي وتبني وتعمر بينما الاكف السوداء تاخذ وتسرق وتدمر وتظلم وتقتل .

وعلى ضوء هذه الصفات يمكننا ان نحصي في مجتمعاتنا عدد المعاول، وكم فيها من اياد بيضاء.

 

وما من شك ان كل هذه المعاني والتي نصت عليها القيم السماوية السمحاء وكل المدنيات الحديثة والقديمة، يدركها الانسان وقد الفها منذ زمن بعيد وتحمل الكثير مما يترتب عليها .

 

والغريب في الامر ورغم ان الانسان بفضل الله جبل على فعل الخير الا ان القلة  ممن يملكون السطوة كانوا معاول تنشر الخراب على مدى التاريخ، وتدعي انها نخبة تريد البناء وسعادة البشر. بينما اغلب من كانوا ( يفتقدون) الى القوة كانوا اياد بيضاء تسعى الى البناء وفعل الخير . ومن الطبيعي ان تتهم الفئة الاخيرة بالهرطقة والكفر والدجل والتخلف، - باعتبار ان العديد من المفاهيم في بعض المجتمعات هي مفاهيم مقلوبة،  فالسرقة والعدوان والظلم  والفساد والرعونة هي من مظاهر الشجاعة والتطور والعبقرية – !

بينما الحكمة والحق والفضيلة والنظام والحياء والصبر هي مظاهر ضعف وجبن وخنوع  .!

فكيف بحال الامم والشعوب اذا كان من يملك السطوة فيها هم مجموعة من اياد بيضاء ؟

 

    *استاذ فلسفة التصميم

www.ayadabc.co.cc

[email protected]     

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1090  الجمعة 26/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم