قضايا وآراء

اكتب مقالة (سب وشتم) تشتهر!!!

 بالاخر وصاحب المقال الذي يكتب بهذا الاسلوب ويطلق الالفاظ البذيئه جزافا يمينا ويسارا وبدون اي حرج بالرغم من كونه صاحب قلم وفكر ومن المفروض ان يفحم الاخر ويقارعه الحجه بالحجه وبالدليل القاطع وبالكلمه البليغه المؤثره نراه متسلح بسلاح لايليق بالاعلامي التسلح به وهو السب والشتم وبه وجده ضالته من جمهور وقراء ومشجعين ومؤيدين واصبح اشهر من نار على علم وكأن اللغه العربيه ومعجزه الاسلام اختصرت على هذه الكلمات البذيئه البائسه ومثل هولاء الكتاب تصدرت اسماءهم الكثير من المواقع الالكترونيه وتميزت بهم ولا اريد ان اذكر اسماء هؤلاء حتى لا تكون مقالتي هذه من باب الشتم والسب ايضا . ناهيك عن البرامج الاذاعيه والتلفزيونيه الاخري وفي اغلب الفضائيات ولكن السؤال المحير لماذا السب والشتم واللعن هذا ولماذه هذه العدوانيه الاعلاميه بحد ذاتها في وقت الحريه فاتحه ابوابها للجميع وعلى مصراعيه والديمقراطيه فى خدمه كل الاقلام . والاعلام بكل وسائله من صوت وصوره وكلمه وبكافه فنونه واساليبه الادبيه وبكل تطوره التقني في متناول الجميع كل هذا شدني للتعرف على هذه الحاله لانها بحاجه الى توضيح ففي الموضوع سرا عجيبا لابد من كشفه وتوضيحه اجتماعياو علميا . اولا وقبل كل شئ لابد ان نعرف الفرق بين اللعن والسب والشتم وكما جاء فى القران الكريم ومفهوم الكلمه العربيه ، اللعن تعني الطرد من الرحمه. واللعن ينصب على المحاور التي ينبغي عقائديا اعلان البراءته منها بعد وضوح البينه وقيام البرهان. واستخدمت كلمه اللعن في القران (38) مره. منها لعن الله ابليس وكلنا يعرف سبب عصيانه في قوله تعالى (وان عليك لعنتي الى يوم الدين) (سوره ص- 72) ولعن الله الكافرين (ان الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا) (سوره الاحزاب -64) ولعن الله الظالمين (الا لعنه الله على الظالمين) (هود -18) ولعن الله الذين يؤذون الله ورسوله (ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخره) (الاحزاب- 57) ولعن الله الذين يرمون المحصنات (ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنو في الدنيا والاخره) (النور -23) ولعن الله كل من يقتل مؤمنا متعمدا (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما) (النساء - 93) ولعن الله المنافقين بقوله (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) (التوبه- 68) واخيرا لعن الله المفسدين في الارض (ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم واعمى ابصارهم) (محمد -22 -23) من خلال هذا الاستطراد نعرف ان الله طرد من نعمته من تعمد الاساءته للاخرين وتسبب في ايذاءهم واشهر كفره واعلن عصيانه وبعد التأكد من وضوح البينه وقيام البرهان وقد استخدم القران الكريم المواد اللغويه ذات العلاقه بالفكر والعقل والدليل والبرهان والعلم ماتزيد عن 2190 مره وهذا دليل قاطع على ان الاسلام يؤكد على الادله والبراهين قبل النطق بالحكم على الاخرين وبما ان اكثر اصحاب المقالات انفه الذكر خاليه من الادله والبراهين اذا لا يجوز السب. واما اللعن فقطعا لايجوز تداوله والنطق به لان معناه طرد الاخر من نعمه الله بعد ثبوت العصيان والكفر وبما ان لا يزكي النفوس الا الله ولا يوجد من يمتلك النعم غير الله اذا لا يحق لاي اعلامي مهما كان موقعه او مستواه ان يلعن الاخرين لانه لا يهب النعم للاخرين ولا يملكها اصلا وفاقد الشي لا يعطيه . اما السب والشتم فانهما مترادفتان ونهى عنهما القران الكريم بقوله تعالى (ولا تسبو الذين يدعون من دون الله فيسبو الله عدوا) (الانعام -108) وهذا دليل واضح على عدم اجازه السب حتى على العدو فكيف لنا ان نتطاول بالسب والشتم على من خالفنا الرأي، وقوله تعالى في معامله فرعون قال: (قولا له قولا لينا) وهو فرعون وقال (ص) ليس المؤمن بالسباب ولا بالطعان ولا باللعان (كنز العمال) . اذن نصل الى ان السب ظاهره اخلاقيه منبوذه ومفرده سلوكيه مرفوضه في نظر القران والسنه النبويه واهل البيت لان الامام علي كان يؤكد ويقول لا تسبوا (و قولوا اللهم اصلح ذات بيننا) فيا ترى بعد كل ما ذكرناه هل يجوز لنا ان نشتم الاخرين وخاصه اذ كان الشاتم هو المثقف وصاحب قلم الاصلاح والعلم والمعرفه والعالم بتعاليم الاسلام فكيف اذا بالجاهل . هذا اولا. وثانيا دعونا نتعرف على هذه الظاهره من وجهه نظر علم النفس الاجتماعي وعلى التركيبه النفسيه لمن يسلك هذا السلوك العدواني . الانسان بوجهه نظرعلم النفس الاجتماعي كائن بطبيعته يميل الى الصداقه وروابط المحبه مع الاخرين الا ان البعض منهم يتقن ايذاء الاخرين من جنسه ولقد اختلف العلماء في تفسير اسباب هذه الظاهره فمنهم من اوعزها للمؤثرات البيئيه (بيل) كالحراره والرطوبه والضوضاء ومنهم من جعل ارتفاع معدلات استمرارا العنف والثورات السياسيه هي السبب الرئيسي لهذا الظاهره (اندرسون) وهناك من يرى ان العنف الاعلامي ومشاهده ومتابعه التصرف العدواني المستمر من خلال وسائل الاعلام المختلفه هي السبب والدافع الرئيسي للعدوان على الاخرين (فرويد) . ونظريه فرويد في التنفيس تفترض ان الدافع نحو العدوان يبدأ بالتصاعد نحو الهدوء بمرور الوقت مثل الشعور بالجوع وبدايه البحث عن الطعام . والسلوك العدواني عند البعض ويشمل االسب والشتم وغيرها من الظواهر السلوكيه المرفوضه الاخري له اسباب ومسببات كثيره وسنوجزها بالاسباب التاليه . 1 -الاسره: فالاسره المتفككه وعدم الاستقرار العائلي والصراعات داخل المنزل واستخدام اسلوب العدوان اللفظي ومنها السب والشتم بين الزوجين تنعكس على الاطفال وبالنتيجه يكون سلوك الاطفال العدواني هو نتاج سلوك عدوان الوالدين فالاسره االفاشله هي سبب مباشر في تفسخ اخلاق افرادها ومن ثم سلوكهم العدواني كالسب والشتم . 2- المستوى الاقتصادي والاجتماعي : فالاسر ذوي المستوى الاجتماعي المنخفض يستخدمون العقاب اللفظي والبدني معا وبصوره اكبر من الطبقات الوسطى التي تميل الى العقاب النفسي مثل النبذ واللامبالاه والتجاهل وهذا يفسر زياده السلوك العدواني بين الطبقات الدنيا لان لكل فعل رد فعل ولكي يثبت الفرد انه مؤثر وغير منبوذ يتصرف بطريقه عدوانيه لألفات النظر اليه ولو بالكلمه البذيئه وبهذا يكون السلوك العدواني اذا نتيجه اضطهاد اجتماعي اسري واضح . 3 -جماعه الاصدقاء :من المعلوم تصرفات الفرد بين الجماعه يختلف عنه في حاله الانفراد فالتصرف تحت تأثير الجماعه يقلل التفكير المنطقي ويبعد المعايير الاجتماعه التي تتحكم في العدوان ومن ثم تظهر جميع الاندفاعات العدوانيه المكبوته في مختلف الاتجاهات وهو نوع من اثبات الوجود المفقود اصلا ولذا تكون ردود الافعال عدوانيه لاثبات تحررهم الخاطأ والموقت من القيود المفروضه من قبل الاسره والمجتمع . 4 -المجتمع :يعتبر المجتمع من احد الظروف الهامه المساعده في اسباب ظهور العدوان اللفظي اذا كان المجتمع الذي يعيش فيه الفرد تغيب عنه العداله الاجتماعيه في توزيع المكاسب واشباع الحاجات لدى الفرد وتنتشر فيه مشاعر الحرمان والاحباط وضعف الانتماء والشعور بالاغتراب ويؤكد علماء النفس الاجتماعي مثل هذه المجتمعات تثير العدوان بأنواعه المختلفه كالسب والشتم وتجريح الاخرين عن قصد . ويفسر علماء النفس الاجتماعي العدوان من منظور المقاصد الكامنه وراء السلوك منطويه على الحاق الاذى بالأخرين وان كانت بالكلمه فان ذلك يعتبر عدوانا. ويرى بيركاوتز ان حالات الاحباط الشديد والفشل المتكرر يؤدي الى ظهور قدر معين من من العدوانيه الذي يعتمد على كميه المشاعر السلبيه الناجمه عنها وتكون مفتاحا للغضب . و الغضب بدوره يؤدي الى العدوان ومن ثم الى الانتقام ولو في الكلام البذيئ . والغضب غريزه من الصعب اقتلاعها ولكن يمكن ترويضها وتوجيهها . وغريزه الغضب ليست هي الغضب نفسه بل هي الاستعداد للتجسيد فى الاشكال السلوكيه للغضب. فالغضب يترجم بملامح الوجه والحركات وبما نصدره من الكلام البذيئ . وهكذا يتبين لنا ان السب والشتم حاله مرضيه نفسيه اجتماعيه نتيجه لاسباب متعدده ومتداخله لابد من علاجها والتخلص منها وذلك بتدريب النفس على الصبر والتاني والتحليل كي لا نكون من المفسدين في الارض وسبب فى انتشار مثل هذه الظواهر السلبيه في المجتمع . و وعلينا ان نسعي الى اشهار الكلمه الطيبه والمقنعه لكي نغير في النفوس المسيئه وقال الحق (ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوه كأنه ولي حميم) (فصلت- 34) . وبهذا يتضح لنا علميا ودينيا ان كافه الكتابات العدوانيه الفجه على هذه الشاكله لا علاقه لها لا بالاعلام ولابالنقد ولا بحريه الرأي . لان النقد البناء يحتاج الى جهد ووقت ومثابره ودرايه اكاديميه وفهم ويحتاج قبل كل شي الى الحب فالحسد والحقد والضغينه والرغبه في الانتقام ما هي الا مشاعر عدوانيه سلبيه مرضيه تعمي البصيره وتقضى على الحريه وتغتال الديمقراطيه . ولذلك لا يمكن ان يكون المبدع حقودا حسودا وانما متسامحا واسع القلب محبا للاخرين معينا لهم. اين نحن من صفات المصطفى ص (وانك لعلى خلق عظيم) (القلم- 4)، (ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضو من حولك) (ال عمران- 159) فالفظاظه والغلاظه هي من ثورات الغضب العدواني البغيض تبعد الناس عن بعضهم البعض والشخص سريع الغضب يصف بالحماقه ولا يعتمد عليه في المجتمع ويكون منبوذ من قبل الناس والجماعه ولا تحبذ ان تكون هذه الصفه من صفات الصحفي باي شكلا من الاشكال . اما التسفيه هو نوع من السخريه وتضخيم بعض سلوكيات الخصم ليكون محور سخريه الاخر فهو من اسوء السلوكيات العدوانه والغاء الاخر وامر القران الابتعاد عنها بقوله تعالى (يا ايها الذين امنو لا يسخر قوم من قوم) (الحجرات 11 - 12)، وبهذا نصل الى ان الظاهره التى يمتاز بها اعلامنا في الوقت الحاضر بعيده كل البعد عن المنطق الاسلامي والعلمي والاعلامي فلننبذها ونبدء بالنقد الواعي المسؤول ولنرتقي بانفسا باعتماد الحجه بالحجه والدليل بالدليل والا سننقل امراضنا النفسيه الى افراد المجتمع ونقع كلنا بدائره مرضيه مغلقه من الصعب الخروج منها. فالسلوك العدواني هو نتاج مجتمع واسره ومؤسسات اعلاميه فاشله ولكي لا نصدر فشلنا للاخرين ولكي نحد من السلوك العدواني اياه يجب الابتعاد عن الشتم والسب واللجوء الى التسامح والحب او المقارعه بالحجج وهو من اصوب الحلول المقنعه لدى الاعلامي .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1120  الاحد 26/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم